وكالات: حسان الحسن-
استقبلت السلطات الفرنسية، رئيس “سلطة الأمر الواقع في دمشق”، أحمد الشرع “أبا محمد الجولاني – زعيم جبهة النصرة في تنظيم القاعدة سابقًا”. واستغلت هذه السلطات، عامل الوقت، أي “المهلة الزمنية”، قبيل بت القضاء الفرنسي، بالدعوى المقدمة في الشهر الفائت، من التجمع الفرنسي – العلوي، بواسطة المحامي بيدرو أندروجار، في حق الجولاني، و”وزيري الدفاع والداخلية في هذه السلطة”، مرهف أبو قصرة وأنس خطاب، و”قائد الفرقة 25″، محمد الجاسم، المعروف باسم “أبي عمشة”، بتهمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم ضدّ الإنسانية بسبب الأحداث التي عرفت باسم “مجازر الساحل”.
ويتهم “التجمع”، الحكومة السورية، “بارتكاب أكثر من 50 مجزرة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 2500 مدني من الطائفة العلوية، ناهيك عن ضحايا من عائلات مسيحيةٍ وسنيةٍ”.
كما يتهم المجموعات المسلحة عينها التي ارتكبت المجازر، “بارتكاب جرائم اغتصاب، قتل، إحراق منازل، إلى جانب رفضهم لإصدار شهادات وفاة للضحايا”. “إضافة إلى عمليات تهجير قسري بهدف إحداث تغييرٍ ديموغرافيٍ وطائفيٍ في المنطقة”.
وفي الصدد، أصدرت منظمة “العفو الدولية” تقريرًا، في 4 نيسان الفائت، وصفَت فيه الأحداث بأنها “جرائم حرب”، مستندة إلى أدلةٍ مرئيةٍ وشهاداتٍ شهودٍ عيانٍ”. رغم كلّ ذلك، تجاوزت السلطات الفرنسية كلّ القيّم والمبادئ التي تنادي بها عبر التاريخ، منذ انطلاق الثورة الفرنسية في العام 1789، والتي أرست مبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدمها الحق في الحياة والحرية، والتحرر من العبودية والتعذيب، وحرية الرأي والتعبير. غير أن الحسابات الضيقة للسلطة الفرنسية الراهنة، دفعهتا إلى تخطي القيم الفرنسية الإنسانية، وها هي باريس اليوم، تستقبل أحد أبرز وجوه تنظيم “القاعدة” الإرهابي، والمتهم أمام القضاء الفرنسي، بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية.
يبدو أن هذه الزيارة لا تتخطّى طابع العلاقات العامة، لا أكثر. “ففرنسا ليست من الدول المؤثرة في سورية والمنطقة، ولا الجولاني هو حاكم سورية الفعلي، فهي تخضع لأربعة احتلالات، “الإسرائيلي”، والأميركي، والكردي، ناهيك عن المجموعات الإرهابية المسلحة من التابعية الأجنبية التي تمارس الإرهاب في حق الشعب السوري”، برأي مرجع دبلوماسي مخضرم.
وفي هذا السياق، يلفت مصدر سياسي عربي مقيم في باريس، إلى أن “الولايات المتحدة هي الأكثر تأثيرًا في الواقع السوري، في المرحلة الراهنة، وألمانيا هي الدولة الأبرز، على صعيد دول الاتحاد الأوروبي”. ويسأل المصدر: “هل تجرؤ أي شركة فرنسية على الاستثمار في سورية، في ضوء استمرار العقوبات الأميركية على دمشق؟”.
إذًا، لا معنى لهذه الزيارة، وقد تكون محاولة فرنسية للضغط على روسيا التي تملك قاعدتين عسكريتين في الساحل السوري، خصوصًا إثر الخلاف بين ماكرون والرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الحرب في أوكرانيا.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كلّ “التجارب السياسية” الفرنسية في لبنان غير مشجعةٍ على الإطلاق، آخرها تأمين انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، فلم يحسم هذا الأمر، إلا بعد تدخلٍ أميركيٍ – خليجيٍ، لدى حلفاء هذا الثنائي، على سبيل المثال لا الحصر.
وفي السياق عينه أيضًا، ترى مصادر سياسية سورية أن “فرنسا لما لها من صوت مميزٍ لدى سورية التي تعد من الدول الفرنكوفونية، تحاول الضغط على الشرع، لوقف المجازر والانتهاكات في الساحل السوري وسواه، وفي الوقت عينه، هي محاولة من باريس، لمنح الشرع وعدًا بالانفتاح الغربي التدريجي على سلطة الأمر الواقع في دمشق “، على حدّ قول المصادر.
ولا تستبعد أن “تكون زيارة الشرع لفرنسا، منسقة مع الجانب الأميركي، المؤثر الأكبر في مجرى الأحداث في سورية والمنطقة، ولكن لا يمكن نكران الدور الفرنسي التاريخي في لبنان وسورية، والخبرة الفرنسية التاريخية في الشؤون السياسية وسواها، لهذين البلدين”، تختم المصادر.
وتعقيبًا على كلّ ما تقدم، تكتفي مصادر في المعارضة السورية للنظام السابق بالقول: “إن هذه الزياة المذكورة، تأتي في سياق العلاقات العامة التي يقيمها ماكرون للجولاني، لا أكثر”.