ريكاردو كرم: ليس هناك بلد يحترم نفسه بدون قضاء قوي

كتب الإعلامي ريكاردو كرم:

“‏كل يوم، حادثة جديدة تهزّ لبنان، لكن الاهتزاز لم يعد يعني شيئاً. اهتزاز بلا صدى. غضب آني يتبخّر في الهواء. موت مجاني، إفلات من العقاب، ومسرحية قضائية هزلية لم تعد تُقنع أحداً.
في الأيام الأخيرة، قُتل نائب مطران الأرمن الأرثوذكس في منزله بدم بارد. قبل أن يُدفن، كانت الأخبار تتحدث عن شاب في الثامنة عشرة من عمره، دهسه شخص عمداً إثر خلاف مروري في فاريا. وبينهما جرائم لا تُعدّ ولا تُحصى، من سرقات مسلّحة إلى فوضى أمنية تتغلغل في كل شارع وزاوية.
لكن من يهتم؟
كم جريمة سياسية تمّ كشفها؟ كم قاتل حوسب؟ كم مسؤول وقف أمام القاضي كأي مواطن عادي؟ الصيغة لم تتغيّر منذ عقود: إما القاتل “مجهول”، أو القاتل معروف لكن “مدعوم”، أو الجريمة تتحوّل إلى خبر عاجل يُنسى مع العاجل التالي.
ليس هناك بلد يحترم نفسه بدون قضاء قوي. ليس هناك إصلاح اقتصادي أو استقرار سياسي دون محاسبة حقيقية. لا يمكن بناء مستقبل على رمال الإفلات من العقاب. لبنان اليوم يشبه متحفاً للجريمة المفتوحة: من جرائم فردية إلى مجازر جماعية، من سرقة حياة الأفراد إلى سرقة أموال المودعين. ولا شيء يتغيّر.
لكن هل هذا مصير محتوم؟ هل أصبحنا شعباً اعتاد الجريمة كما اعتاد الفوضى؟ أم أننا فقط نخدّر أنفسنا لأنّ المواجهة مكلفة؟
لن يكون هناك أي إصلاح، أي تغيير، أي أمل، طالما أنّ القضاء مجرد ديكور في مسرحية سياسية طويلة. لا لبنان جديد بدون عدالة، ولا عدالة بدون قضاء مستقلّ. فإلى متى نكتفي بعدّ الضحايا بدل عدّ المجرمين خلف القضبان؟”

You might also like