روايتان لــ «إنزال البترون».. الألمان: لا نعلم شيئاً!

محمد حمية –

أسبوعٌ مضى على الإنزال البحري الإسرائيلي في منطقة البترون ولا يزال لغزاً لم تستطع الأجهزة الأمنية اللبنانية ولا قيادة القوات الدولية فكّ طلاسمه، ولا تقديم رواية واحدة ومحدّدة وواضحة عمّا حصل فجر ذلك السبت من الأسبوع الماضي.

وعلى رغم من التحقيقات التي أجراها الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي و»القوات الدولية»، إلّا أنّ الأكثر غرابة يكمن في أنّ البحرية الألمانية لم تُسلّم الجيش ولا قوات «اليونيفيل» حتى الآن المعلومات والمعطيات التي تملكها عن هذا الخرق الأمني والسيادي الكبير للبنان، على رغم من مسؤوليتها المباشرة والمحددة عن مراقبة كل الشاطئ اللبناني وفق القرار الدولي 1701! ما يرسم علامات استفهام عدة حول حجب البحرية الألمانية ما رصدته راداراتها ليلة الإنزال عن الدولة اللبنانية وحتى عن «اليونيفيل».

ووفق ما تقول مصادر معنية بالملف لـ»الجمهورية»، فإنّ قيادة القوة البحرية الألمانية لم تُجِب عن استفسارات الأجهزة اللبنانية المعنية وقيادة «اليونيفيل» حول محتويات راداراتها المنتشرة على طول الشاطئ اللبناني في تلك الليلة، مكتفية بالإشارة إلى أنّها لا تملك أي معلومات أو تسجيلات أو صور عن هذه الحادثة. علماً أنّ البحرية الألمانية ملزمة وفق القانوني اللبناني والقرار 1701 برفع تقرير تقني ـ أمني حول أي حادثة تحصل في نطاق عملياتها.

وتشير المصادر الى تمركز باخرتين ألمانيتين بنحو دائم على طول الشاطئ اللبناني مجهزتين بأجهزة رصد ومراقبة ومعدات وتقنيات متطورة جداً، ومن شبه المستحيل حصول عملية كهذه من دون رصد الرادارات وإرسال إشارات إنذار لوحدة القيادة البحرية والتي تضمّ قوات ألمانية وماليزية إلى جانب دول أخرى، علماً أنّ هذه القوات لديها قيادة مركزية وتنسق في ما بينها، لكنها تعمل بنحو منفرد على صعيد مراقبة الشاطئ اللبناني! ما يطرح الشكوك حول فرضية عدم اكتشاف كل هذه القوات أي حركة مريبة في الشاطئ اللبناني حتى لو حصلت عملية تشويش. كذلك تستبعد المصادر قدرة القوات الإسرائيلية على التشويش على رادارات القوة البحرية.

وتتحدث المصادر عن روايتين لطريقة دخول القوة الإسرائيلية: الأولى عبر طائرة مروحية أو عبر باخرة أو اثنتين من خارج المياه الإقليمية اللبنانية، ثم الإبحار عبر قوارب صغيرة في اتجاه الشاطئ، وربما تكون القوة الإسرائيلية قامت بالتمويه والمناورة لتضليل أبراج المراقبة والإبحار مسافة كبيرة وسلوك طرق غير معتادة للوصول الى الشاطئ. إلّا أنّ المصادر شدّدت على أنّه بمعزل عن الرواية الصحيحة، لكن المؤكّد أنّ رادارات البحرية الألمانية يمكنها رصد المروحية أو الباخرة التي أنزلت القوة الإسرائيلية في المياه الإقليمية اللبنانية للإبحار في اتجاه الشاطئ.

ووفق المصادر، فإنّ عدد القوة الخاصة الإسرائيلية لم يتجاوز الـ 20 شخصاً، ويمكن وجود 5 عناصر محلية سهّلت العملية للدخول في اتجاه الفندق لأسر عماد أمهز، وتوفير الحماية الأمنية لخط انسحاب القوة الإسرائيلية.
ووفق مطلعين، فإنّ مراقبة «نقطة الإنزال» البحرية ليست من مهمّة الجيش اللبناني، بل مهمّة البحرية الألمانية. وتكشف المصادر أنّ القوات الدولية تجري تحقيقاً منفرداً وتتواصل مع القوة الألمانية، على أن تطلع الأجهزة الأمنية المعنية على التحقيق فور انتهائه.

ووفق خبراء، لا يمكن لقوة خاصة إسرائيلية الدخول إلى لبنان وتنفيذ عملية بهذه السهولة وفي ظل حالة الحرب القائمة، من دون التنسيق مع البحرية الألمانية بالحدّ الأدنى، فضلاً عن الاستخبارات والقوات البحرية الأميركية الموجودة في لبنان، لتفادي أي خطأ يؤدي إلى تصادم القوة الإسرائيلية مع أي قوة أجنبية موجودة في البحر أو في البر أو مع الجيش اللبناني.

هذه المعطيات وغيرها التي قد تُكشف لاحقاً، إضافة إلى الإرباك داخل قوات «اليونيفيل» والتنسيق العسكري الاستخباراتي العميق بين إسرائيل وألمانيا في الحرب على لبنان وغزة، تؤكّد بما لا يرقى إلى الشك، وجود قطبة مخفية وحلقة مفقودة حول عملية هزّت الأمن اللبناني وأحدثت صدمة لدى المواطنين، وأظهرت حجم الانكشاف الأمني اللبناني، ليس فقط أمام العمل العسكري الإسرائيلي بل الاستخباراتي الأمني ايضاً، ما يترك كثيراً من التساؤلات لا إجابات عنها وأهمها: هل قدّمت إسرائيل عبر إنزال البترون نسخة عمّا تريده من القرار 1701 الجديد؟ ومن يحمي لبنان من إنزالات وأعمال عدائية إسرائيلية عدة في غير منطقة لبنانية؟.

You might also like