لينا فخر الدين-
منذ دعوة الهيئات النّاخبة في دير القمر، لا شيء ثابتاً في البلدة الأثريّة التي يُشارك في انتخاباتها البلديّة والاختياريّة نحو 4 آلاف مقترع. الأحزاب والشخصيّات السياسيّة تنقّلت على مدى الأيّام الماضية بين لوائح «فرطت» وأُخرى شُكّلت بعد خلط الأوراق والتحالفات التي كانت قائمة في 2016، بين حزب «القوات اللبنانيّة» والتيّار الوطني الحر، في مواجهة النائب السابق ناجي البستاني وحزب «الأحرار». يومها، خرق البستاني و«الأحرار» بـ6 أعضاء، مقابل 12 عضواً محسوبين على التيار و«القوات» اللذين خاضا المعركة تحت عنوان «أوعى خيّك»، قبل أن تؤدي الخلافات بين الطرفين إلى استقالة عدد من الأعضاء، وتسلّم الأعضاء المحسوبين على البستاني الدفّة بالتّعاون مع «القوّات».
التقارب بين البستاني والنائب جورج عدوان في المجلس السابق ساعد بداية في الحديث عن تحالف، إلّا أنّ «السقف العالي» لنائب «معراب» بمحاولة فرض اسم الرئيس مع 12 من أصل 18 عضواً، أدى إلى تشكيل تكتّل انتخابي في وجهه، جمع البستاني وخصمه النائب فريد البستاني والتيّار الوطني الحر وبعض الشخصيات التي تمتلك وزناً شعبياً.
حلف انتخابي قادر على أن «يكسح» خصومه، أرعب عدوان الذي سُرعان ما «نزل عن الشجرة» واستمال ناجي البستاني بعرضٍ يتيح له إيصال مرشّحه إلى الرئاسة لمدّة ثلاث سنوات ونيله حصة وازنة في المجلس تصل إلى النّصف.
وهكذا، أدّى انضمام البستاني إلى لائحة عدوان (بالتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي) التي يرأسها وليد البستاني إلى «فرط» اللائحة الائتلافيّة، وابتعاد فريد البستاني عن المعركة، قبل أن يغادر لبنان ويُعلن وقوفه على الحياد. فيما انضم «التيّار» ومعه بعض الشخصيات إلى «لائحة 2030» برئاسة الصيدلاني ناجي جرمانوس الذي يحظى بدعم «الأحرار»، وحزب الكتائب.
أمّا اللائحة الثالثة التي يرأسها الأستاذ المدرسي جورج يزبك، فغير مكتملة، وستخوض المواجهة بـ12 عضواً بدعمٍ من العائلات. ورغم انضمام عدد من الحزبيين إضافةً إلى اعتبار يزبك نفسه من المناصرين لـ«التيّار»، يؤكد العونيون أنّ يزبك «غير منتسب، وأنّ المرشحين في لائحته مدعومون من عائلاتهم وليس من أحزابهم»،
المتابعون الذين يرون في انتخابات دير القمر استفتاء لأحجام الأحزاب والشخصيّات السياسيّة في البلدة التي كانت تعد مركز المارونية السياسية، تمهيداً للانتخابات النيابيّة في العام المقبل، يلفتون إلى أنّ تراجع عدوان عن مطالبه يشي بخوفٍ من تراجع في شعبيّته. ويؤكدون أنّ الرابح الأوّل سيكون «التيّار»، غالباً، باعتبار أنّ المقربين منه موزّعون على جميع اللوائح، بما فيها اللائحة المدعومة من «القوات».
وإذا كان توزيع المناصرين والحزبيين على اللوائح لم يأتِ بقرار سياسي مسبق بل لدواعٍ عائليّة فرضت هذه التوازنات، فإنّ المتابعين يشدّدون على أنّ هذا التوزيع يُمكن أن يستفيد منه «التيّار» في المعركة المقبلة على رئاسة البلديّة، إذ إنّ التجارب التاريخيّة في دير القمر تعزّز فرضيّة عدم وصول لائحة كاملة إلى المجلس، وغالباً ما تؤدي الخروقات إلى تشكيل تحالفات جديدة داخل المجلس تفرض اسم الرئيس.