خدعة العدو: الانسحاب الأول مقابل إخلاء المقاومة منطقة ما بين الليطاني والأوّلي

الأخبار: رغمَ ما أُشيع عن إنجاز الردّ الذي انكبّ لبنان الرسمي على إعداده في الأسابيع الماضية لتسليمه للمبعوث الأميركي الخاص توم برّاك خلال زيارته الثانية المرتقبة ما بين 7 و8 من الشهر الجاري، متضمّناً الموقف من ملفات سلاح المقاومة والإصلاحات والعلاقة مع سوريا، قالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن «اللجنة الممثِّلة للرؤساء الثلاثة لا تزال تواصل اجتماعاتها، خاصة أن الموقف الأميركي يضع لبنان في موقع دقيق ولا مجال لديه للمناورة»، وسط تخوّف من أن «يكون الردّ على عكس ما يطلبه برّاك بالنيابة عن الإدارة الأميركية».

 

وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله لم يسلّم ردّه بعد إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري»، مؤكّدة أن «حزب الله ليسَ في وارد تسليم سلاحه لا على دفعات، ولا وفقَ آلية محدّدة، خصوصاً أن الظروف المحيطة بلبنان ومجريات الإقليم تجعل من تسليم السلاح انتحاراً».

 

واعتبرت أوساط سياسية معنيّة أن «الدولة اللبنانية تحاول كسب الوقت لتحاشي الصدام الداخلي»، مع علمها أن «الضغوطات على لبنان ستزداد في كل الاتجاهات لا محالة».

 

وكشفت المصادر أن الجانب الأميركي «يحاول خداع لبنان، وأن معادلة الخطوة مقابل خطوة ليست في صالح لبنان، لأن ما يطلبه العدو عبر واشنطن يستهدف إخلاء منطقة واسعة ما بينَ النهرين، الليطاني والأولي، وهي منطقة يعتبرها العدو القاعدة الخلفية لحزب الله، ويقوم باستهدافها حالياً، هو أول مطلب مقابل الانسحاب من إحدى النقاط التي احتلّها»، ثم يطلب العدو «تسليم السلاح الثقيل، والانسحاب من بيروت الكبرى والضاحية وأقضية جبل لبنان، حيث ممنوع أن يكون له أي تواجد فيها ضمن خطة أمنية تقوم على انتشار الجيش مقابل حصر الحزب في مناطق شيعية في الجنوب والبقاع بسلاحه الخفيف وهو موجود لدى كل الأحزاب اللبنانية أو غالبيتها، أي أن تصبِح المقاومة حالة شبيهة بالأحزاب الأخرى محصورة ضمن مناطقها».

 

وفي الإطار، أعلن الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس أن «القضايا الداخلية مثل السلاح وغيرها نعالجها ونتفق عليها في الداخل معاً»، مشيراً إلى أنّ «سلاحنا لمواجهة إسرائيل ولن نقبل بأن نتنازل عن حقّنا»، وقال: «لا يُمكن أن نسلّم لإسرائيل ونحن لا نتأثّر بالضغوط لأن الحق معنا»، معلناً «أننا نحن جماعة لا نقبل أن نُساق إلى المذلّة ولا نقبل أن نُسلّم أرضنا ولا نقبل أن نُسلّم سلاحنا للعدو الإسرائيلي».

 

وفيما أعادت ورقة برّاك قضية مزارع شبعا إلى الواجهة، وسطَ ما يُحكى عن مخطط لاعتبارها سوريّة، ردّ الرئيس السّابق لـ«الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط، أمس، على تصريحات رئيس هيئة أبناء العرقوب محمد حمدان الّذي استغرب موقفه من لبنانيّة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

 

وأوضح جنبلاط أنّه كان عضواً في هيئة الحوار الوطنيّ عام 2006، حيث أُقرّ بالإجماع أنّ هذه الأراضي لبنانيّة، مع الاتفاق على أن يُستكمَل ترسيم الحدود مع الدولة السّوريّة ويُراجَع مجلس الأمن لاحقاً.

 

وشدّد على أنّ «عدم إنجاز الترسيم حتى الآن يبقي هذه المناطق خاضعة للقرار 242 الذي لا يشمل لبنان»، في إشارةٍ إلى استمرار الاحتلال الإسرائيليّ للمزارع والتلال المتنازَع عليها.

 

وكان حمدان قد لفت، في وقتٍ سابق، إلى أنّ جنبلاط شارك في جلسات الحوار الوطنيّ الّتي أقرّت بالإجماع لبنانيّة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، معتبراً أن «لا مبرّر لأيّ موقف يناقض هذا التوافق الوطنيّ الواضح».

برّاك: لن نحاسب على ما مضى لكنّ العقوبات جاهزة لمن يعيق الإصلاحات

قال مصدر مطّلع، إن التركيز في المناقشات السياسية على سلاح المقاومة، لا يمنع جهات نافذة في الدولة العمل على ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية، خصوصاً بعدما تبيّن أن المبعوث الأميركي توم برّاك، كان ألمح إلى إن إدارة بلاده، تتصرّف على أساس أن ما قامت به الحكومة اللبنانية حتى الآن، لا يشكّل دليلاً جدياً على التزامها بتحقيق إصلاحات شاملة.

 

ونقلت مصادر مطّلعة، أن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد الذي زار الولايات المتحدة أخيراً، سمع كلاماً مباشراً حول مجموعة من الأمور التي تخصّ الوضع المالي والنقدي والقطاع المصرفي، وأنه إلى جانب سؤاله عن الإجراءات التي يُفترض بمصرف لبنان أن يقوم بها لأجل «مكافحة اقتصاد الكاش» مع توقف عند ملف مؤسسة القرض الحسن، إلا أن الأميركيين، أبلغوه خشيتهم من عودة «مافيا المصارف» لأن تفرض جدول أعمالها على المسؤولين في لبنان.

 

وبحسب المصدر، فإن برّاك نفسه، كان عرض أمام بعض من التقاهم في بيروت، عن «خشية واشنطن من عودة لبنان ليغرق في نفس السياسات السابقة، سواء على صعيد الحكومة أو على صعيد مجلس النواب».

 

وقال أحد الذين التقى بهم برّاك، إن الأخير «تطرّق إلى مرحلة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وقال، إن واشنطن لا تريد فتح دفاتر الماضي، وهي لا تريد الآن الدخول في محاسبة كل من كان مسؤولاً عن تلك المرحلة، لكنها قرّرت، أن تضع الجميع تحت الرقابة الدائمة، وأنه في حال لمست عودة كبار المسؤولين إلى اعتماد السياسات نفسها، سواء كانوا رسميين أو سياسيين أو مصرفيين، فسوف تكون هناك مفاجأة للبنانيين، لجهة أن العقوبات سوف تُفرض على كثير من الذين يتمنّى الشعب اللبناني معاقبتهم».

 

وقال المصدر، إن الأميركيين، اطّلعوا من إدارة صندوق النقد الدولي على إحاطة بشأن الاجتماعات التي عُقدت مع لبنان، وإن هناك قلقاً جدياً لدى المسؤولين الأميركيين، من رغبة البعض بعدم التعاون مع الصندوق، وهو أمر «لا تريد واشنطن أن يحصل»، لأنه سيعقّد أي «مساعٍ لتوفير تمويل جديد للبنان، سواء كان على شكل قروض أو هبات».

You might also like