خاص tayyar.org
يشكّل استئناف لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الناقورة حدثاً يتجاوز الطابع الروتيني، إذ يعيد إحياء مسار رقابي مجمّد منذ أشهر، ويضع لبنان مجدداً في قلب شبكة توازنات دولية وإقليمية متشابكة.
منحت مشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر الاجتماع بُعداً سياسياً بامتياز، خصوصاً في ظل النقاش المحتدم داخلياً حول خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة.
لم تُقرأ الزيارة الأميركية الميدانية مع الجيش كمجرّد جولة تقنية، بل بدت رسالة مزدوجة: أولاً تأكيد دعم المؤسسة العسكرية باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على حفظ الاستقرار، وثانياً إظهار التزام المجتمع الدولي بمتابعة أي خرق للقرار ١٧٠١ ومنع الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة. في الوقت نفسه، يعكس التغيير المرتقب للممثل الأميركي داخل اللجنة رغبة واشنطن في إعادة ضخ زخم سياسي في آلية المتابعة من دون تعديل قواعدها الأساسية.
في الموازاة، أبدت إسرائيل استعداداً حذراً للتهدئة، لكنها ربطت ذلك بمدى قدرة الدولة اللبنانية على استكمال تنفيذ الخطة العسكرية، حيث تواجه الحكومة تحدياً في إثبات أن إنجازه الميداني قادر على الصمود أمام أي اختبار. في المقابل، حرص حزب الله على إظهار نفسه شريكاً غير مباشر، من خلال ترك مساحة للجيش لقيادة المشهد، مع تجنّب الانخراط العلني بما يحمله من تبعات داخلية وخارجية.
إقليمياً، برز الموقف السعودي المرحّب بالخطوة اللبنانية، مما يشير إلى متابعة دقيقة للتطورات ورغبة في تعزيز موقع الدولة عبر دعم سياسي وديبلوماسي. هكذا، تتحول اجتماعات الناقورة إلى منصة اختبار حقيقي، بحيث أضحى لبنان أمام استحقاق تحويل المؤشرات الإيجابية إلى مسار دائم للاستقرار، مع الأخذ في الاعتبار القدرة على تخطّي التباينات التي من شأنها، في حال عدم تذليلها، أن تبقي المشهد رهينة التعثر والتجاذب.