مع اقتراب موعد جلسة التمديد في مجلس الأمن، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الدبلوماسية اللبنانية على احتواء الضغوط وتثبيت الموقف الرسمي من دون دفع أثمان سياسية أو ميدانية، في ظل واقع إقليمي شديد الاضطراب، وجبهة جنوبية مفتوحة على احتمالات متعددة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة التزامها بالسعي نحو التمديد لقوات اليونيفيل من دون أي تعديل في المهام أو قواعد الاشتباك، تتكشّف ملامح ضغوط دولية، وتحديدا أميركية، تسير في اتجاه مغاير. فالولايات المتحدة باتت تشير بوضوح، بحسب مصادر اميركية، إلى أن هذا التمديد قد يكون “الأخير” بالشكل الحالي، ما لم يطرأ تعديل جوهري في طبيعة تفويض القوات الدولية في الجنوب اللبناني.ومن منظور واشنطن، لم تعد الصيغة الحالية لتفويض اليونيفيل كافية لضمان ما تعتبره “فعالية ميدانية”، وتلمح الإدارة الأميركية، بحسب المصادر إلى ضرورة منح هذه القوات صلاحيات أوسع، ربما تقترب ولو جزئيا من مهام تمارس تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يعني قدرة أكبر على التحرك وتنفيذ العمليات من دون تنسيق مسبق مع الجيش ، خاصة في ما يخصّ عمليات التفتيش والمراقبة.
اما لبنان الرسمي فيرى من جهته، أن أي تعديل من هذا النوع يمثل تعديا على السيادة الوطنية، ويخل بالتوازن الحرج القائم في الجنوب، خصوصًا في ظل حساسية البيئة المحلية والعلاقة الدقيقة بين الأهالي، القوى السياسية، واليونيفيل. وتجربة السنوات الماضية أثبتت أن أي خروج عن آلية التنسيق مع الجيش يؤدي إلى توترات ميدانية واحتكاكات مباشرة.
وتقول مصادر سياسية إن الحديث الأميركي عن أن التمديد الحالي قد يكون الأخير بالشكل القائم، يُفهم منه أنه إنذار دبلوماسي مبطن لجهة ضرورة ان يبدي لبنان مرونة أكبر في المرحلة المقبلة بشأن مهام اليونيفيل، أو أنه قد يواجه في العام المقبل معركة دبلوماسية قاسية لإقرار التجديد، وقد تكون مقرونة بشروط سياسية وأمنية غير مقبولة لبيروت.