خاص tayyar.org
تشير المعطيات المتداولة حول اللقاء الأخير بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والسفير توم براك، إلى تحوّل نوعي في طريقة واشنطن لإدارة اشتباكها السياسي مع تل أبيب، بعيدًا من منطق الشيك المفتوح. فالإدارة الأميركية، التي تراقب تداخل الجبهات من غزة إلى الشمال السوري، باتت أكثر ميلًا إلى فرض سقوف واضحة للسلوك الإسرائيلي بغية حماية هندسة إقليمية قيد التشكل. لبنان، إن غاب اسمه عن محاضر الاجتماعات، يبقى جزءًا بنيويًا من هذه المعادلة.
في غزة، لا يبدو الرهان الأميركي محصورًا بوقف النار، بل بتفكيك نموذج السيطرة القائم وإعادة تركيبه عبر أطر دولية – إقليمية، تسمح بضبط الفاعلين المسلحين من دون حرب مفتوحة. أما إدخال تركيا على هذا الخط فيعكس رغبة أميركية في توسيع شبكة التأثير، حتى لو تعارض ذلك مع الحسابات الإسرائيلية التقليدية. هذه المقاربة قد تتحوّل إلى قالب يُستنسخ في ساحات أخرى، فص مقدّمها جنوب لبنان، حيث الهاجس المتقدّم يتمحور حول مرحلة ما بعد اليونيفيل.
البوابة السورية، من جهتها، تمثل حلقة الوصل الأخطر. يعني ربط واشنطن بين المسارات الثلاثة أن ضبط الفصائل في سوريا، وخطوط الإمداد، سيُستخدم كورقة ضغط غير مباشرة على التوازن اللبناني. هنا تكمن المعضلة: لبنان ليس شريكًا في التسوية، لكنه أحد ميادين تطبيقها.
تكمن الفرصة المتاحة في استثمار التشدّد الأميركي لكبح أي مغامرة إسرائيلية، وتحويله إلى مكسب تفاوضي لبناني. أما تجاهل هذه اللحظة، فيعني القبول بدور المتلقّي في مرحلة يعاد فيها توزيع النفوذ، لا إدارة الأزمات.
خاص – التشدّد الأميركي والهندسة الإقليمية الأمنية!


