خاص tayyar.org
تكتسب زيارة الموفد الأميركي توم براك إلى بيروت أبعادًا تشبه أدوراه السياسية الراهنة، وهو الذي أدى دورًا فاعلًا في تثبيت التهدئة في جنوب سوريا. يعني ذلك أنه لا يزور لبنان كمجرد ناقل رسائل، بل هو يحمل تصورًا أميركيًا متكاملاً لترتيب مرحلة ما بعد النزاع، مع تركيز خاص على مسألة حصرية السلاح وسيادة الدولة.
تشير مصادر مطلعة إلى أن المقترح الأميركي الذي يحمله براك لا يؤسس لاتفاق جديد، بل يسعى إلى تفعيل آلية تنفيذية للتهدئة التي رُسِّمت قبل أشهر بين إسرائيل ولبنان عبر قنوات غير مباشرة. وبموجب هذه الآلية، يُفترض أن تترافق خطوات متزامنة من نزع السلاح غير الشرعي مع انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية، مما يطرح تحديات حقيقية على المستويين السياسي والأمني.
ورغم أن الجانب اللبناني قدّم ردًا تضمن مبادئ عامة لإنهاء ملف السلاح، إلا أنه تجنّب التزام مواعيد دقيقة، وهو ما تعتبره واشنطن نوعًا من المماطلة المرفوضة، وتصر على ضبطه ضمن أطر زمنية واضحة. وفي هذا الإطار، لا يبدو “حزب الله” في موقع المعارض المبدئي، إذ سبق أن أقرّ بالبيان الوزاري الذي ينص على حصرية السلاح بيد الدولة، إلا أن المؤشرات السياسية تفيد بأنه رفض الخوض في التفاصيل التنفيذية التي عرضها رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه مع براك قبل نحو أسبوعين على شاكلة ملاحظات شفهية، وتتكرّر اليوم، بحيث صار للبنان ردّ رسمي وردّ ثانٍ جانبي من رئيس البرلمان بصفته قناة التواصل الشيعية الرئيسة.
في ضوء هذا التباين، تزداد مهمة الموفد الأميركي تعقيدًا، خصوصًا أن لبنان عالق في منطقة رمادية، بين تفاهمات فضفاضة وواقع داخلي متشابك. وهو ما يُبقي الأزمة مفتوحة على احتمالات شتى، بانتظار حسم خارجي أو مبادرة داخلية تملأ الفراغ السياسي والأمني القائم.