الأخبار: ينذر ما يحصل في حمص بأيام سودٍ قد تعيشها المحافظة، على وقع اغتيالات وعمليات اختطاف وتغييب، تُرافق «الحملة الأمنية» التي أعلنت عنها «إدارة العمليات العسكرية» لملاحقة من سمّتهم «فلول النظام» الذين رفضوا تسليم أسلحتهم، في ظل محاولات للتعتيم الإعلامي على ما يجري وقطع للاتصالات.
وتبدو الأخبار الواردة من المحافظة الواقعة في وسط سوريا، والتي شهدت في الأعوام الأولى للحرب السورية عمليات اقتتال طائفية انتهت بخروج المعارضين إلى إدلب، متفاوتة بين منطقة وأخرى، تبعاً للفصيل الذي يقوم بتنفيذ عمليات التمشيط والبحث عن الأسلحة، إذ أبلغ سكان بعض المناطق والأحياء عن معاملة «لطيفة»، نظراً إلى أن بعض عناصر «الإدارة» قاموا باستئذان السكان قبل تفتيش المنازل، واعتقال عدد من الأشخاص الذين أُبلغ أهاليهم بتحويلهم إلى القضاء، في وقت شهدت فيه مناطق أخرى فوضى وإطلاق نار واستعراضاً للقوة وهجمات على خلفية طائفية.
وبحسب مصادر أهلية، فإن مسلحين ملثّمين يتبعون لـ«إدارة العمليات» قاموا بإطلاق النار بشكل كثيف في أحياء المدينة، قبل أن يقوموا بتحطيم أبواب المنازل واقتحامها.
كما تم القبض على عدد من الضباط في الجيش السوري المنحل واقتيادهم إلى جهة مجهولة، بعد الاعتداء عليهم بالضرب أمام السكان، وإذلال بعضهم عبر إجبارهم على إصدار أصوات حيوانات. وإذ أكدت المصادر الأهلية وجود مساعٍ لتهدئة الأوضاع في حمص، فهي أشارت إلى أن ما يجري في أحياء المدينة هو «جزء يسير مما تشهده بعض مناطق الريف»، لافتة إلى وجود أعمال انتقام وهجمات مسلحة – تبدو منظمة – في تلك المناطق، ذهب ضحيتها عدد من المواطنين، بينهم شقيقة وخالة فنان شعبي سوري معروف (بهاء اليوسف)، وآخرون.
تشهد بعض مناطق ريف حمص هجمات مسلحة أكثر ضراوة من تلك التي تشهدها أحياء المدينة
من جهتها، أصدرت مجموعة «السلم الأهلي في حمص»، وهي مجموعة قامت فاعليات أهلية في المحافظة بإنشائها بعد سقوط النظام «لضمان تعزيز السلم الأهلي في مدينة حمص، وبناء جسور التواصل بين جميع مكوّنات المجتمع الحمصي بمختلف أطيافهم»، بياناً كشفت من خلاله بعض جوانب الاعتداءات التي يتعرض لها سكان المحافظة.
وذكر البيان الذي حمل عنوان: «بيان للرأي العام حول الحملة الأمنية في أحياء مدينة حمص»، أنه تم تسجيل حالات تفتيش للهواتف المحمولة من دون مبرّر قانوني، وتدمير ممتلكات شخصية مثل الآلات الموسيقية، وطرح أسئلة بطرق مهينة حول الانتماءات الطائفية. كما تم توثيق العديد من الحالات المشابهة بالصور ومقاطع الفيديو في مناطق من مثل شارع محمد الفاضل، وشارع إسكندرون، ومحيط خزان المياه في الزهراء، ومحيط ساحة السبع شجرات في السبيل. كذلك، تم تسجيل استخدام مفرط للقوة في حالات تفتيش عدة، تم فيها إجبار النساء والرجال على الوقوف بشكل منفصل، مع توجيه إهانات لفظية وشتائم إليهم. وفي أحياء أخرى مثل المضابع، سُجلت حالات ضرب وشتم لمواطنين ومواطنات، أو شتم بعض النساء لأنهن لم يكنّ يرتدين أوشحة على رؤوسهن، فضلاً عن إطلاق النار في الهواء في الأحياء مع دخول القوات إليها، بطريقة عشوائية تثير الذعر.
وفيما أكدت المجموعة توثيق حالات فرضت فيها القوات العسكرية على بعض الموقوفين «إصدار أصوات مشابهة لأصوات بعض الحيوانات، بغرض الإذلال والحط من قيمتهم كبشر، وهي ممارسات تذكّر بممارسات النظام السابق، وتُعتبر انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية»، أشارت إلى أنها حاولت التواصل مع الهيئة السياسية لتوضيح الموقف ومعالجة هذه التجاوزات، من دون أن تتلقّى أي ردود حتى الآن، ما يزيد من حالة الغموض والقلق.
كما طالبت بتشكيل فرق مدنية مرافقة للعملية الأمنية، وإدانة الانتهاكات، وشفافية التوقيفات، موضحة أنه «تم تسجيل 118 حالة توقيف خلال الحملة»، ومطالبةً بـ«الكشف عن قوائم الموقوفين وإبلاغ ذويهم بأماكن احتجازهم والتهم الموجّهة إليهم».
كما دعت «السلطات إلى تحمّل مسؤوليتها عن أي انتهاكات حدثت، وتقديم بيانات رسمية للأهالي بهذا الخصوص، ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات وتعويض المتضررين/ات».
وتأتي الأحداث المشار إليها بعد نحو أسبوع على مواجهات ذات خلفية طائفية شهدتها بعض المحافظات السورية (حمص واللاذقية وطرطوس وبعض مناطق حماة ودمشق)، قبل أن تتم حلحلة الأمور بفعل تدخل وجهاء وأعيان تلقّوا تأكيدات من «إدارة العمليات العسكرية» بوضع حد للانتهاكات. على أن الأعمال الانتقامية لم تتوقف رغم ذلك، ما ينذر بتصعيد أكبر قد يدخل البلاد في دوامة دامية، يأمل السوريون تلافيها.