حصر السلاح شرطه الوفاق!

حبيب البستاني-

من المنتظر أن يشهد هذا الأسبوع عرض خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح أمام مجلس الوزراء، الذي بدوره سيحيل هذه الخطة إلى المجلس الأعلى للدفاع لدراستها وذلك قبل إعطاء موافقته عليها. فمجلس الوزراء الذي يملك وحده الصلاحية السياسية للتصديق على الخطة، ولكنه ليس لديه الإلمام بالشؤون العسكرية التي تتطلب دراسة تقنية من العسكريين، أي من المجلس الأعلى للدفاع. هذا وتشهد البلاد حالة من الشد والرد بين فريق يطالب بضرورة تطبيق خطة حصرية السلاح بدون إجراء أي مشاورات حولها، لأنها تُعد تطبيقاً لاتفاق الطائف الذي نص على وجوب حصر السلاح بيد الدولة وحل كل الميليشيات، وهذا الفريق يعتبر حزب الله مثله مثل المنظمات الفلسطينية مشمولاً بهذا النص، وبالتالي لا وجود للمقاومة التي كانت تتمتع بوضعية مميزة في ما مضى، ولكن هذه الوضعية سقطت بفعل الحرب الأخيرة ولا سيما حرب الإسناد التي أفقدت المقاومة مشروعيتها. أما الفريق الاخر فيعتبر أن السلاح لا سيما سلاح المقاومة يشكل ضرورة وطنية للدفاع عن لبنان، وهذا السلاح يشكل عامل قوة لا بد أن تستفيد منه الدولة للدفاع عن أراضيها وعن المواطنين.
المقاومة فقدت مشروعيتها ولكن ماذا عن السلاح؟
يعتقد أكثرية اللبنانيون أن دخول حزب الله في حرب الإسناد أفقدت المقاومة مشروعيتها، فالمقاومة كانت بغنى عن الدخول في حرب الإسناد وهي لم تكن بحاجة لبرهان على أنها ملتزمة بالقضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية ولا سيما حماس أخذت من المقاومة كل طاقاتها، وما عمليات التدريب والتسلح إلا خير دليل على ذلك، فكل سلاح المقاومين في غزة كان يمر عبر لبنان وحزب الله، إلى جانب التدريب الذي كان يتلقاه أولئك من قبل كوادر الحزب وخبرائه. وهكذا تسببت حرب الإسناد بالويلات على الحزب، حيث خسر كوادره وصولاً إلى استشهاد أمينه العام السيد حسن نصرالله والذي بارتقائه فقدت المقاومة أعز ما تملك وفقد المقاومون أمضى سلاح كانوا يعتدون به، فالسيد لم يكن مجرد شخص عادي أو قائد عادي، بل إنه وإلى جانب رمزيته الدينية، كان يشكل حالة استثنائية إن في القيادة أو في الرؤيا أو في الصلابة، وكان العدو قبل الصديق يحسب له ألف حساب، وبغيابه انطفأ وهج المقاومة وبهت إشعاعها. ولكن ماذا عن السلاح؟ وهل انكفأ دور السلاح بانكفاء وهج المقاومة؟ يعتقد الكثيرون أن السلاح موجود وإن انحصر استعماله وتضاءلت فعاليته بفعل التكنولوجيا الأميركية الحديثة التي يستعملها العدو الصهيوني، فاميركا تعتبر الدولة العبرية ذراعها العسكرية في المنطقة وهي تنفذ رغباتها ومخططاتها ويخطىء من يظن أنه يستطيع وضع إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. ويعتقد أكثر من فريق أن الاستغناء عن السلاح وإتلافه أو تحييده يُعتبر عملاً مضراً بلبنان وبمصالح لبنان، فالسلاح إذا ما تأطر استعماله في إطار الدولة والجيش بإمكانه إعطاء الوطن قوة إضافية لا يستهان بها.
الاستراتيجية الدفاعية وأطماع إسرائيل
تشكل الاستراتيجية الدفاعية نقيضاً لأطماع إسرائيل التي تريد وضع يدها بالكامل على لبنان لا سيما الجنوب اللبناني بدون لا حسيب ولا رقيب. وهكذا فإن تطبيق ال1701 لا علاقة له بما يُرسم للبنان وللجنوب اللبناني، فالمطلوب إسرائيلياً ليس السلام واحترام ال1701 والانسحاب من التلال الخمس، إنما ما يجري هو مغاير تماماً. ولقد سمع دولة رئيس المجلس من المبعوث الأميركي كلاماً غير مطمئن، إذ إن حكومة نتنياهو لم تتعهد بشيء ولم تعطِ أجوبة واضحة حول احترامها لوقف إطلاق النار ومندرجاته، بل إنها ربطت ذلك بشروط جديدة ليس أقلها حل ميليشيا حزب الله وضرورة تسليم السلاح وذلك قبل الحديث عن أي شيء آخر، بمعنى أن إسرائيل ليست مستعدة لمقاربة موضوع وقف إطلاق النار لا من قريب ولا من بعيد. في هذا الإطار يجري التداول بموضوع إنشاء منطقة صناعية في مناطق الشريط الحدودي تعرف ب “منطقة ترامب”وهي تمتد من الناقورة إلى مرجعيون وتقضي بإفراغ منطقة مكونة من أكثر من 27 بلدة جنوبية تضم إلى القرى الشيعية كل القرى السنية في القطاع الغربي وهي الضهيرة ويارين والبستان ومروحين والزلوطية وتمتد إلى القرى المسيحية في القطاع الأوسط وهي القوزح رميش ودبل وعين إبل، وهذه المنطقة ستكون خالية من السكان “no man land “بحيث يتم تهجير السكان بإعطائهم تعويضات مالية كبيرة. وفي ظل رفض السكان لهذه الخطة الجهنمية يبرز موضوع الاستراتيجية الدفاعية، التي تتسم بأهمية حيوية وذلك لحصرية سلاح المقاومة من ضمن تفاهم وطني يُمكِن لبنان من التصدي للمخططات الخبيثة، وهكذا نرى أن شرط حصرية السلاح هو الوفاق حوله.

كاتب سياسي*

You might also like