حزب الله لن يُسيّل انتصاراته في الداخل…

الديار: دوللي بشعلاني-

يسعى سفراء “الخماسية” الذين يجتمعون مبدئياً السبت المقبل في 14 أيلول الجاري في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، ليبدؤوا بعد ذلك تحرّكهم في اتجاه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والقيادات السياسية بهدف تثبيت مبدأ فصل الملف الرئاسي عن حرب غزّة والضفّة الغربية وجنوب لبنان، وإيجاد المخرج المناسب الذي يُقرّب في وجهات نظر فريقي النزاع في الداخل. وينطلق السفراء من الخشية من أن يقوم حزب الله بتسييل انتصاراته عند الجبهة الجنوبية، في الملف السياسي رغم نفيه هذا الأمر مرّات عديدة سابقاً.

 

ويجري الحديث عن إمكان عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للتباحث مع برّي والمسؤولين السياسيين حول إمكان إنجاز انتخاب الرئيس، كما الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، من دون أن يتمّ تحديد أي موعد رسمي لأي منهما.

 

تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ السفراء سيُجوجلون كلّ ما حصل خلال الأشهر الماضية من تطوّرات على الساحتين اللبنانية والإقليمية، وآخرها نتائج لقاء لودريان ومستشار الديوان الملكي نزار العَلولا المكلّف بالملف اللبناني في الإدارة السعودية الذي عُقد الخميس الفائت في الرياض وشارك فيه السفير البخاري. على أن يضعوا خارطة طريق للملف الرئاسي يقومون بتنفيذها بالتعاون مع القوى السياسية في حال تجاوبت مع نداءات السفراء.

وفي ما يتعلّق بالخشية من توظيف حزب الله إنجازاته في الملف الرئاسي، ذكرت بأنّ الحزب أرسل تطمينات عديدة للقوى السياسية في الداخل عن أنّه لن يستثمر انتصاراته في المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية، في أي ملف من الملفات الداخلية.

 

غير أنّ فصل الملف الرئاسي عن حرب غزّة وعن المعارك في جنوب لبنان، فيمكن أن يحصل في حال توافقت الكتل النيابية في الداخل على ضرورة التشاور والذهاب الى مجلس النوّاب لانتخاب رئيس الجمهورية، وعدم تأجيل هذا الملف أكثر، الى موعد انتخاب مجلس نيابي جديد.

 

وترى المصادر نفسها أنّ البعض في الداخل اللبناني لا يزال يراهن على سقوط غزّة، وسقوط محور الممانعة في القطاع، الأمر الذي يجعل حزب الله في لبنان يوافق على التخلّي عن مرشّحه للرئاسة رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية. إلّا أنّ ما يطرحه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ألا وهو التشاور في مجلس النوّاب بهدف التوافق على اسم مرشّح للجمهورية أو على مرشّحَين اثنين أو التوافق على لائحة تضمّ من خمسة الى عشرة أسماء، ولا يتمّ رفضها أو الاعتراض على أي اسم منها، أي لا يضع عليها أي فريق “الفيتو”، ويتمّ الذهاب بهذه الأسماء بعد ذلك الى البرلمان لانتخاب الرئيس من بينها، قد يكون المخرج المناسب للأزمة الرئاسية.

وأشارت الى أنّه جرى طرح بعض الأسماء الجديدة التي تمّ تداولها خلال المحادثات، غير أنّ القوى لا تزال تجد أنّ أيا منها لا يمكن التوافق عليه. من هنا جاء اقتراح برّي بالتوافق على لائحة أسماء، لكن بعض الأطراف لم توافق على طرحه هذا، لا بل رفضته أيضاً. الأمر الذي سيجعل سفراء “الخماسية” يحاولون خلال اجتماعهم المرتقب السبت المقبل في دارة البخاري، ايجاد اقتراح آخر لتسهيل انتخاب الرئيس، ينطلق ممّا يطرحه برّي في مسألة التوافق على مجموعة أسماء لا تشكّل استفزازاً لأي طرف أو فريق سياسي.

ويعلم الجميع بأنّه لا يوجد ضوء اليوم في هذا النفق المظلم، على ما لفتت المصادر، غير أنّ المحاولة تبقى أفضل من عدمها، ومن ترك الأمور على حالها. فتسجيل التقدّم الملموس في خطوة ما أفضل بكثير من المواقف المتشنّجة التي يتمّ التراشق بها بين طرفي النزاع بين الحين والآخر.

 

إلّا أنّ التوافق الذي لا يمكن أن يأتي من دون تشاور، يبقى الحاجة الأساسية لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، ولانعكاس هذا الأمر بالتالي على اسم رئيس الحكومة المقبل، وعلى التشكيلة الحكومية التي سيختارها من أجل تحقيق الإنقاذ والإصلاح.

واعتبرت أنّ المواقف المضادة والمتناقضة بين هذا الطرف أو ذاك، لا سيما بين برّي ورئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع، إنّما تدلّ على أنّ التوافق الداخلي لا يزال صعب التحقّق، وأنّه لم يحن بالتالي موعد انتخاب رئيس الجمهورية.

 

ولهذا على سفراء “الخماسية” بذل الكثير من الجهود لإيجاد مخرج ما يُقنع جميع الأطراف، ويجعلهم يسيرون به في اتجاه انتخاب الرئيس. وهذا المخرج سوف يظهر بعد اجتماع سفراء “الخماسية” السبت، على ما هو مقرّر، ليُبنى على الشيء مقتضاه.

 

أمّا الحوار الوطني الذي تطالب القوّات بأن يحصل بعد انتخاب الرئيس، على ما أوضحت المصادر ذاتها، فلا علاقة له بالتشاور المطلوب حالياً للتوافق على اسم المرشّح أو المرشّحين للرئاسة. فهذا الحوار يتعلّق بالملفات الداخلية الأخرى، والتي يقرّر رئيس الجمهورية بعد انتخابه متى وكيف يدعو إليه، وما هي العناوين التي ستجري مناقشتها خلاله… وما إذا تعديل الدستور سيكون أحد عناوينه أم لا، الى جانب ما تتمّ المطالبة به من قبل “التيّار الوطني الحرّ” لا سيما تحقيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، والصندوق الإئتماني، والبحث في الاستراتيجية الدفاعية للبنان وسواها.

You might also like