انتشرت في الأسابيع الأخيرة، مشاهد من المستشفيات في الصين مليئة بأشخاص يرتدون الكمامات، ما أثار القلق حول احتمال وجود جائحة جديدة، وسط ارتفاع حالات الإصابة بفيروس «متابنومونيا البشري» (HMPV)، وخصوصاً بين الأطفال.
وحاولت السلطات في بكين تهدئة الوضع عبر ربط أعداد الإصابات الكبير بالزيادة الموسمية الطبيعية. علماً أنّ فيروس HMPV يختلف عن فيروس «كوفيد-19»، فهو موجود منذ عقود ويُصيب معظم الأطفال بحلول عيد ميلادهم الخامس. لكن في بعض الحالات، مثل الأطفال الصغار جداً أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، قد يتسبّب الفيروس في مرض أكثر خطورة.
فيروس جديد إعلامياً وقديم بيولوجياً
يسبّب فيروس HMPV التهاباً في الجهاز التنفسي العلوي، وهو في معظم الأحيان تتشابه عوارضه مع تلك المرتبطة بالإنفلونزا بالنسبة إلى معظم الأشخاص.
وينتقل الفيروس الذي اكتُشف للمرة الأولى في هولندا عام 2001، من شخص إلى آخر عن طريق الاتصال المباشر أو عبر لمس الأسطح الملوثة.
عوارض «مقبولة»
تشمل الأعراض الشائعة للفيروس السعال، والحمى، واحتقان الأنف، علماً أنّ الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن عامين هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس، إضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل كبار السن والأشخاص المصابين بالسرطان في مراحله المتقدمة.
وفي بعض الحالات يتطوّر المرض إلى حالة أكثر خطورة تؤثر في الرئتين، ما يتسبّب في صعوبة في التنفّس وظهور أعراض الصفير، ما يتطلّب رعاية طبية في المستشفى، مع وجود خطر ضئيل للموت بسبب الفيروس.
لماذا تزداد الحالات في الصين؟
يشهد الفيروس نشاطاً كبيراً في فصل الشتاء المتأخر والربيع بسبب بقائه على قيد الحياة بشكل أفضل في الطقس البارد، إضافة إلى انتقاله السهل بين الناس عند تجمّعهم في الأماكن المغلقة في الشتاء.
هذه الأسباب تفسّر الارتفاع الحالي في شمالي الصين الذي يشهد انخفاضاً في درجات الحرارة، والتي من المتوقع أن تستمر حتى شهر آذار (مارس) القادم.
ووفقاً للباحثة في مجال الأوبئة في جامعة «فليندرز» في أستراليا، جاكلين ستيفنز، تشهد معظم دول نصف الكرة الشمالي زيادة في حالات الإصابة بفيروس HMPV، الأمر الذي تؤكّده السلطات الصحية في الولايات المتحدة وبريطانا اللتين سجّلتا ارتفاعاً في حالات الإصابة بالفيروس منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
لكن رغم القلق الذي تسبّبه هذه الزيادة، أكدت ستيفنز أنها زيادة موسمية تحدث عادة في فصل الشتاء.
العالم على أعتاب جائحة؟
يشرح الخبراء الصحيّون أنّ المخاوف من حدوث جائحة مماثلة لجائحة كوفيد-19 مبالغ فيها، لأنّ الأوبئة تحدث بسبب أمراض جديدة، فيما فيروس HMPV موجود عالمياً منذ سنوات طويلة، ما يعني أن معظم الأشخاص يملكون نوعاً من المناعة المكتسبة عبر تعرضهم للفيروس في الماضي.
من جهته، كشف اختصاصي الأمراض المعدية في سنغافورة، هسو لي يانغ، أنّ غالبية الأطفال يصابون بفيروس HMPV مرة واحدة على الأقل قبل بلوغ الخمس سنوات، ما يساعد في وجود مناعة مجتمعية عليه.
في هذا السياق، اعتبر الأستاذ في جامعة «إيست أنجليا» في إنكلترا، بول هنتر، أن الفيروس ليس مصدر قلق كبير حالياً على الصعيد العالمي.
رغم ذلك، ينصح هسو لي يانغ باتباع إجراءات وقائية عامة مثل ارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة، إضافة إلى تجنب الحشود، وخصوصاً في حال كان الشخص معرضاً لخطر الإصابة بأمراض تنفّسية أكثر خطورة.