تسجيل الطلاب السوريين: ضرب للقانون والسيادة! سامر الرز

هل يُعقل أن يتمكّن أيّ أجنبي في أيّ دولة من العالم أن يُسجّل أولاده في مدارسها الرسمية أو أن يعمل في مهنة من دون إقامة قانونية أو أوراق ثبوتية؟ بالطبع لا. فكل دولة، صغيرة كانت أو كبيرة، متقدمة أو نامية، تفرض على المقيم الأجنبي أن يقدّم أوراقًا قانونية تُثبت هويته ووضعه القانوني، حفاظًا على أمنها، وتنظيمًا لقطاعَي التعليم والعمل فيهما.

ففي أوروبا مثلاً، لا يمكن تسجيل طفل واحد في أي مدرسة رسمية من دون رقم إقامة قانوني للوالدين. وفي دول الجوار العربي، لا يحصل اللاجئ أو المقيم على أي خدمة رسمية إلا بعد المرور بمسار واضح من التعريف القانوني.
أمّا في لبنان، فيُراد لنا أن نقبل باستثناء خطير، يجعل من التعليم الرسمي مدخلًا للتوطين المقنّع، من خلال منح آلاف الأطفال غير المسجّلين في أي قيود رسمية حقّ الالتحاق بالمدارس، وكأنّنا نكرّس واقعًا جديدًا خارج كل الضوابط والقوانين.

السؤال هنا ليس عن حقّ الطفل في التعليم، فهذا واجب إنساني وأخلاقي لا نقاش فيه، بل عن الطريقة والآلية التي تضمن هذا الحق من دون أن تمسّ بسيادة الدولة أو تُفقدها القدرة على ضبط حدودها الديموغرافية والقانونية. فحين تُلغى حدود القانون، ويتحوّل “الاستثناء الإنساني” إلى “قاعدة سياسية”، نكون أمام مسار يهدف عمليًا إلى فرض واقع دائم يصعب التراجع عنه لاحقًا.

لذلك، إن لم يكن الهدف الحقيقي هو التوطين، فلماذا إذًا هذا الإصرار على مخالفة كل الأعراف الدولية، والسير بعكس ما تفعله سائر دول العالم التي تربط كل حقّ رسمي بالهوية القانونية؟ أليس في ذلك دليل على مشروع مموّه يراد له أن يتحوّل إلى أمر واقع، تحت عنوان التعليم الإنساني، فيما الحقيقة أنه خطوة أخرى على طريق تغيير هوية لبنان وتركيبته؟

You might also like