ترقُّب لبناني للمفاوضات السورية – الإسرائيلية؟

صلاح سلام- 

يترقَّب لبنان بإهتمام بالغ الاجتماع المتوقَّع في لندن بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وسط حديث عن إمكان التوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب. ورغم أن الاجتماع يعكس اهتماماً دولياً بإعادة فتح قنوات الحوار في المنطقة، إلا أن الهواجس اللبنانية تتضاعف، إذ أن أي اتفاق يحدد معالم الأمن على الجبهة السورية – الإسرائيلية لا بد أن يترك بصماته على الداخل اللبناني.
فلبنان الذي شكّل لعقود ساحة تماس إقليمي، يخشى أن يتحول مجدداً إلى «صندوق بريد» لتبادل الرسائل والضغوط. فإذا ما نجحت المفاوضات في تثبيت تفاهم أمني يضمن هدوء الجولان، فإن إسرائيل  ستعتبر أن أي تصعيد أو نشاط مقاوم يجب أن يُكبَح على الساحة اللبنانية، الأمر الذي يضع حزب الله في قلب المعادلة ويعيد إلى الواجهة النقاش الداخلي حول السلاح  وحصرية قرار الحرب والسلم  بيد الدولة.
إلى ذلك، ثمة من يخشى أن تسعى إسرائيل إلى مقايضة أمنها في الجولان بضمانات تتعلق بالحدود اللبنانية الجنوبية، وربما بترتيبات تخص الوجود السوري على الحدود اللبنانية. وهذا ما يثير المخاوف من صفقات على حساب السيادة اللبنانية، بحيث يصبح لبنان ورقة تفاوضية إضافية بين دمشق وتل أبيب، فيما اللبنانيون غارقون في نقاشاتهم البيزنطية حول تعديلات قانون الإنتخاب والأزمات المالية المتراكمة، ومحاولات الحكومة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
أما على الصعيد السياسي، فإن أي اختراق في العلاقات السورية – الإسرائيلية قد يعيد رسم موازين القوى الإقليمية. فسوريا، في حال ذهبت بعيداً في التفاهم مع إسرائيل، قد تجد نفسها أقل حماسة لفتح قنوات التعاون مع لبنان، ،ومعالجة الملفات العاجلة التي تهم الجانب اللبناني، مقابل انخراط أكبر في مسار تطبيع أمني أو اقتصادي ترعاه واشنطن وعواصم غربية. وهذا الاحتمال يُنذر بخلط الأوراق داخلياً، إذ قد تندفع أطراف لبنانية إلى استغلال الوضع للضغط باتجاه فرض معادلات جديدة في السلطة وفي مواقع القرار الوطني.
لا شك أن لبنان يقف أمام استحقاق صعب: فإما أن يكون شريكاً فاعلاً في أي صياغة للأمن الإقليمي أو أن يجد نفسه رهينة تفاهمات خارجية تتجاهل مصالحه. ولعل مسؤولية الدبلوماسية اللبنانية اليوم تكمن في التحرك العاجل لرفض أي تسوية تجري على حسابه، والتأكيد أن استقرار لبنان لا يمكن أن يُبنى على مقايضات ثنائية، بل على احترام سيادته وحقه في تقرير مصيره بعيداً عن ضغوط الجوار أو أطماع العدو.

You might also like