لينا فخر الدين- الأخبار –
قبل أيّام، عاد رجل الأعمال بهاء الحريري من جديد إلى بيروت، غير آبهٍ بالخسائر الكبرى التي مُنيَ بها من جرّاء تنظيمه لقاءات شعبية قبل نحو عام، آلت إلى إظهار عدم إمكانيّته بناء زعامة في الشارع السنّي. يظهر ذلك أنّ النجل البكر للرئيس رفيق الحريري لا يستخلص العبَر، بل يُحسب له أن يكرّر أخطاءه مرة بعد مرة، وهو ما يَظهر مع قرار عودته إلى لبنان وإعلانه الاستقرار مع عائلته في بيروت في أيلول المقبل. علماً أنّ المقرّبين منه يحرصون على النفي، وأنّ زوجته حسناء أبو سبعة الإنكليزية من أصول سعودية ترفض الفكرة خصوصاً أنّ أعمار أولادهما لا تتعدّى تسع سنوات.
وبعد سلسلة من الهزائم الشعبية العام الماضي، فإنّ الاستقرار في لبنان يعكس رغبة الرجل في المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، علماً أنّه لم يحسم بعد خياره ما إذا كان سيدعم بعض اللوائح أم أنه سيترشح شخصياً. غير آبهٍ بتجاربه الانتخابية السابقة. مع خسارة مدوية في الانتخابات النيابية الماضية، وانسحاب قبل أيام كيلا يتحمّل هول الخسارة. لكنه عاد في الانتخابات البلدية الماضية ليدعم مرشحين إلى منصب المختار في المزرعة (أحدهما كان سائق شقيقه) من دون أن يتمكّنا من نيل إلا عشرات الأصوات.
ومع ذلك، قرّر بهاء خوض انتخابات العام المقبل، وسيبدأ تحضيراته عبر زيارات متكرّرة سيقوم بها إلى بيروت خلال الأشهر المقبلة، وقد أجرى اتصالات مع شخصيات تملك حيثية شعبية. لكن، لم يحصل على التجاوب المطلوب. مع إشارة من المقرّبين إلى أنه يفضّل اللقاءات المختصرة والمحدودة، تجنّباً لتكرار التجربة السابقة، حين عجز عن الحشد في اللقاءات الشعبية التي نظّمها في بعض المناطق.
ما أظهرته تلك اللقاءات من نتائج ضعيفة في بيروت ومحيطها، يُأمل بتجاوب أكبر في عكار وطرابلس، بينما لا تزال المؤشرات سلبية جدّاً في إقليم الخروب، حيث لا يجد أي صدى يُذكر لتحركاته.
لكنّ بهاء، قرّر هذه المرة، العودة إلى بيروت برفقة فريقه الإنكليزي الذي يرأسه علي خان (من أصول أفغانية)، وهو الفريق الذي شجّعه سابقاً على العودة إلى بيروت، وقدّم له تقارير تشجّعه على العودة والبدء بتجربة سياسية، باعتبار أنّ له «شعبية لافتة يمكن البناء عليها»، ولكن تبيّن لاحقاً أنها تستند إلى دراسات غير دقيقة. مع العلم أنّ الرجل يتّكل كثيراً على شركات بريطانية تتولّى تفاصيل كثيرة من أعماله، وصولاً إلى قيام وفد أمني بالتنسيق مع السفارة البريطانية في بيروت بزيارات دورية إلى مكتبه في وسط بيروت للاطّلاع على التحضيرات الجارية.
بهاء يتصرّف في لبنان، وعقدة شقيقه سعد تلاحقه. وبعدما قرّر أن ينتقل للإقامة في مدّة التحضيرات للانتخابات في صيدا إلى مجدليون، مارس الضغط حتى اضطرت عمّته بهية الحريري إلى إخلاء «الفيلا»، ولم يكترث بهاء لردود الفعل السلبية التي برزت في المدينة، كونه مسّ عقر دار «أم نادر». وبعد إخلاء مجدليون، عاد بهاء وقرّر الإقامة في بيروت، وطلب استئجار منزل لاستخدامه كمقرّ لإقامته، ورست القرعة على منزل ملاصق لبيت الوسط، في مكان لصيق بمصرف «البحر المتوسط».
لكنّ التوقّعات السلبية، تستند أيضاً إلى أنّ الرجل لا يزال مصرّاً على حصر الإنفاق المالي، وهو سبق أن أقدم على تقليص المساعدات الاجتماعية التي كان يقدّمها مكتبه في بيروت (وصلت إلى نحو الف دولار شهرياً)، ما ساهم في تراجع عدد الذين التفّوا حوله. ويعتقد بهاء، على ما يبدو، أنّ مجرد مشاركته السياسية وكونه النجل الأكبر للرئيس رفيق الحريري وتصريحاته المتكرّرة بأنه سيقود «الحريرية السياسية» كفيل ببناء حيثية له والقضاء على مكانة شقيقه وبناء تيار مشابه لتيار المستقبل.
أمّا من الناحية الإقليمية، فلا تزال الصورة ضبابية، إذ لم ينل الحريري أي ضوء أخضر سعودي أو عربي، خصوصاً أنّ أبواب المملكة لا تزال موصدة بوجهه، رغم أنه حاول سابقاً فتحها من دون أن يلقى أي استجابة تُذكر.