بن فرحان لمس «إجماعاً» على رفض عون

الأخبار: ميسم رزق-

في ظل التداعيات المستمرة للزلزال السوري، وارتفاع منسوب التوتّر من إمكان انفجار الجبهة الجنوبية قبل انقضاء مهلة الستين يوماً، يدخل لبنان أسبوع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الخميس المقبل، في ظل استمرار غياب التوافق حول المرشح العتيد، وتصاعد الضغوط الخارجية للدفع قدماً بقائد الجيش العماد جوزف عون، ما يؤشر إلى أن جلسة الخميس قد تكون لتصفية أسماء وليس لإنهاء الفراغ.

وفيما يصل إلى بيروت اليوم الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين لمناقشة ملف اتفاق وقف إطلاق النار وتقويم حصيلة الهدنة القائمة، مع توقعات بأن يجهر بدعم بلاده لانتخاب قائد الجيش، غادر لبنان أمس مستشار الشؤون اللبنانية في وزارة الخارجية السعودية يزيد بن فرحان بعد جولة على قوى سياسية وكتل نيابية، أجمعَ أكثر من مصدر مطلع، على أن «حصيلتها كانت في غاية السوء».

 

فبعدما حرصت المملكة، منذ انتهاء ولاية العماد ميشال عون قبل عامين، على تأكيد عدم تدخلها في الملف الرئاسي، وأن ما يعنيها في هذا الشأن هو المواصفات لا الأسماء، غادر «أبو فهد» السعودي مربّع «الحياد»، وتحدث بفجاجة عن أن قائد الجيش مرشح أساسي لرئاسة الجمهورية، بناءً على المواصفات التي جرى التوافق عليها بين أعضاء اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر) المعنية بلبنان.

 

الموفد السعودي: ترشيح البيسري مرفوض وسيبلغكم الأميركيون بذلك

واختصرت مصادر مطلعة زيارة الموفد السعودي بأنها هدفت إلى تثبيت أمرين:

الأول: ليس لدى اللجنة الخماسية سوى عون مرشحاً، وعلى القوى الداخلية إيجاد الآلية المناسبة لانتخابه.

الثاني: لا وجود لخطة بديلة مع حرص الموفد السعودي على إبلاغ كل من التقاهم بأن المدير العام للأمن العام يالإنابة، اللواء الياس البيسري، ليس محل ترحيب اللجنة الخماسية، وأن الدوحة تطرحه كبديل في حال فشل تمرير قائد الجيش. وأضاف: «بالنسبة إلينا، نحن لا نناور. البيسري مرفوض، وسيبلغكم الأميركيون بذلك»!

 

وخلصت المصادر إلى أن الزيارة السعودية كان هدفها التمهيد للأميركيين كي يحسموا الجدل، إذ يعتقد السعوديون بأن واشنطن قادرة على إقناع بري وجعجع بقائد الجيش. وعليه، عملياً الجميع ينتظر هوكشتين الذي زار الرياض ليل أمس والتقى وزير الخارجية فيصل بن فرحان، بحضور يزيد بن فرحان، وأُعلن بعد اللقاء أن البحث جرى في «التطورات الإقليمية وخصوصاً على الساحة اللبنانية».

وكان أول من التقاهم «أبو فهد السعودي» الذي وصلَ الى بيروت مساء الجمعة، كان الرئيس نبيه بري بعيداً من الإعلام. اللقاء الذي وُصف بـ«المتوتر» استمر نحو نصف ساعة، أبلغ خلاله الموفد السعودي رئيس المجلس بأن «الرياض تدعم ترشيح قائد الجيش».

 

وقالت مصادر بري إن «رئيس المجلس لم يُخفِ انزعاجه، وأبلغ زائره أن هذا الطرح يخالف ما اتفق عليه مع اللجنة الخماسية التي يشارك السفير السعودي وليد البخاري في اجتماعاتها». وأوضح بري «أننا طلبنا من الخماسية، بحضور السفير السعودي، دعم المرشح الذي يتوافق عليه اللبنانيون، لا أن يختار الخارج رئيساً يلزِم اللبنانيين به»، مشيراً إلى «عدم إمكانية تأمين أصوات نيابية كافية لإجراء تعديل دستوري يحتاج إليه انتخاب عون، فضلاً عن عدم وجود توافق مسيحي حوله».

 

كما لفت إلى علاقة عون «المتوترة مع جهات داخلية وصعوبة التفاهم معه، كما يتبدّى من علاقاته التي شابها التشنج مع كل وزراء الدفاع الذين تعاقبوا أثناء وجوده في قيادة الجيش». ولفت بري بن فرحان إلى أنه «ينبغي انتخاب رئيس يمكنه التفاهم مع رئيس الحكومة المقبل، وهو أمر قد لا يوفّره عون».

 

ما طرحه الموفد السعودي في عين التينة كرّره أمام قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، مدافعاً بشراسة عن عون، ومؤكداً أنه «محل توافق بين أطراف اللجنة الخماسية باستثناء قطر». وقال بن فرحان إن بلاده «تريد أن تعود للعب دور في لبنان، شرط وجود رئيس شرعي قوي قادر على الحكم، وتشكيل حكومة متجانسة مع الرئيس الجديد»، مضيفاً أن «السعودية مهتمة بلبنان، وعلى اللبنانيين انتهاز الفرصة، لأن العالم سيكون منشغلاً بسوريا».

 

في المقابل، قال جعجع بوضوح إنه لا يؤيد وصول عون إلى الرئاسة «لأننا بادرنا أكثر من مرة تجاهه ولم يستجب». إلا أنه رمى الموضوع في ملعب حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، مشيراً إلى «أن وقوفهم ضده لن يمكنه من الحصول على الأصوات الـ 86 اللازمة لانتخابه، فضلاً عن وجود نواب مستقلين ضده». وأضاف جعجع أنه «في حال حصول توافق حوله، سنجلس معه لنناقش مشروعه الرئاسي وهذا يحتاج إلى وقت»، ما يعني أنه لن يكون هناك انتخاب في جلسة 9 كانون الثاني.

وفيما كان الموفد السعودي يعرف مسبقاً، قبل لقائه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، موقف الأخير الرافض لقائد الجيش، كان التأييد الوحيد الذي سمعه لترشيح عون من رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.

وكانَ الجميل قد أثار استياء جعجع، قبل زيارة بن فرحان، عندما التقى في بكفيا النائب كميل شمعون الذي صرّح بأن «قائد الجيش هو المرشح الأبرز».

 

وسارع قائد القوات الى الاجتماع بنواب المعارضة على عجل، قبل اجتماعهم الخميس الماضي في مقر كتلة «تجدد»، لإبلاغهم بأن انتخاب عون أصبح متعذراً، وهذا ما دفع الوزير السعودي إلى تأجيل زيارته إلى لبنان. وأبدى جعجع خشيته أمام النواب من إمكانية حصول «تهريبة» في جلسة الخميس توصل رئيساً «لا يتناسب مع متطلبات المرحلة»، طالباً منهم «التنبه وإبقاء جميع الخيارات مطروحة، بما فيها الانسحاب من الجلسة أو تطيير نصابها.

وبلغة الإملاء، تحدّث بن فرحان مع عدد من النواب السنّة الذين التقاهم في اليرزة، قائلاً «لدينا مرشح وحيد تنطبق عليه المواصفات، وهو قائد الجيش». وحينَ حاول النواب مناقشته في البدائل في حال عدم توافر فرصة لعون، حسم موقف بلاده بتأييد عون «محذّراً» من انتخاب المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري!

وكان الموفد السعودي قد التقى قائد الجيش والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ومدّد زيارته يوماً واحداً لاستكمال لقاءاته مع نواب «التغيير» والنواب الذين انشقّوا عن تكتل «لبنان القوي»، قبلَ أن يغادر مساء أمس.

You might also like