بماذا يفيدُ قطعُ الطرق؟

عدا التسبب بحوادث السير القاتلة، وعرقلة وصول المواطنين إلى أشغالهم، والعودة إلى بيوتهم، وصولاً إلى إعاقة تحرك آليات الصليب الأحمر والقوى الأمنية، وحتى سيارات دفن الموتى… بماذا يفيدُ قطعُ الطرق؟

وفي حال كانت له فائدة، فلماذا ينفَّذ بالمواطنين بدل المسؤولين؟ وماذا يمنع استبدالُه بتجمعات شعبية كبيرة، وتظاهرات سلمية توصل الرسالة بشكل أفعل؟ وما ذنب الناس في كل ما حصل حتى يُحتجزوا ساعات طويلة في سياراتهم، فقط لأن مجموعات حزبية محددة، تنفذ أوامر زعمائها الفاسدين، ليدفع اللبنانيون الذين لم يُصدقوا كيف رُفِع عنهم الإقفال بسبب كورونا، ليحاولوا العودة إلى العمل، حتى قُطعت أمامَهم معظم الطرق.

طبعاً، الأوضاع ليست بأفضل حال، ولا أحد ينكر ذلك. فجميع اللبنانيين يعانون الأمرِّين من الانهيار الاقتصادي والمالي، ومن الوضع المعيشي الكارثي، على وقع انسداد الأفق السياسي. وجميع اللبنانيين أيضاً، المنتمين سياسياً أو غير المنتمين، يطالبون المسؤولين بحل، لأن الوضع لم يعد يطاق.

لكنَّ كل ذلك، لا بد ان ينطلق من أمرين، حتى تكون له نتيجة:

الأمر الأول، تصويب التحركات الشعبية في الاتجاه الصحيح، أي نحو الفاسدين الحقيقيين المعروفين بالإسم، وليس في اتجاه المواطنين المعذّبين، ولا المسؤولين الذين بنَوا مسيرتهم السياسية على مطلب الإصلاح، ويشهد تاريخهم البعيد والقريب بأنهم ليسوا كالآخرين، ولا يشبهونهم في شيء، وأنهم ولو حاولوا التفاهم معهم احتراماً لتمثيلهم الشعبي والطائفي والمذهبي في مراحل معينة، إلا أنهم لم يتفقوا معهم ابداً على شيء، بدليل الخلاف السياسي المستحكِم، ولأنهم من مدارس متناقضة في النظرة إلى شؤون الدولة والوطن.

أما الأمر الثاني، فالتوجه بشكل مباشر إلى السياسيين الذين طالما وقفوا في وجه الإصلاح، متوجين مسيرتَهم المسيئة للوطن والناس بالتصدي للتدقيق الجنائي بكل الطرق، المشروعة وغير المشروعة، ومطالبة من يقفزون بين العواصم… بالعودة إلى بيروت، لأن تشكيل حكومة لبنان لا يكون إلا في عاصمة لبنان، وبالاتفاق مع رئيس لبنان، تماماً كما ينص الدستور، وبروح الميثاق والمساواة بين الناس بوحدة المعايير.

أما ما عدا ذلك، فتمديد للأزمة، ورهان خاطئ جديد، فمن يستهدفونه في السياسة، أي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يخض كل المعارك المعروفة في حياته، كي يتراجع هذه المرة.

وإذا كان صحيحاً ان المطالب اليومية ملحة وضرورية وتستوجب المعالجة بأسرع الطرق وأفعلِها، إلا أن ضمان المستقبل لا يكون إلا ببناء الاقتصاد على أسس سليمة هذه المرة، وبتحويل الإصلاح طريقة حياة، لا عقابا يهرب منه المسؤولون على متن الطائرات.

You might also like