بالصور – باسيل: نتمسك بحصر السلاح غير الشرعي في يد الدولة عبر خطة عملية… ويجب الإستفادة منه لتحقيق أثمان سياسية لصالح لبنان (بعدسة الزميل جورج الفغالي)

(الصور بعدسة الزميل جورج الفغالي)

عقد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مؤتمرًا صحفيًّا حدد فيه موقف التيار من ملف حصرية السلاح والإشكاليات المثارة حوله. فأكد ضرورة وضع خطة عملية لحصر السلاح، مشدداً على رفض الفتنة الداخلية، ورفض عزل اي مكوّن لبناني، وبالتوازي أكد رفض الابتزاز والتهديد بحرب أهلية من اي جماعة كانت بهدف منع وحدة السلاح بيد الدولة.

وأكد باسيل أن أي سلاح خارج الدولة هو سلاح غير شرعي، اكان لتنظيمات لبنانية او غير لبنانية الاّ في حال الدفاع المشروع عن النفس وتحرير الارض ، واذا اذنت به الدولة نفسها بحسب دستورها وقوانينها وهو ما كان قائماً منذ عام 1990 حتى 2025 عندما اخذت الحكومة اللبنانية الثقة على اساس بيانها الوزاري الذي يتضمّن حصريّة السلاح بيد الدولة.
وأشار إلى أنه تبقى الاجراءات التنفيذية لهذا القرار من مهام الحكومة، وقد بدأت فعلاً باتخاذها، وعلى اساس ذلك يقرّر المجلس النيابي اذا كان يحجب الثقة عن هذه الحكومة أم لا، وحيث انّه لم يفعل حتى الآن، فإن هذه الحكومة، وبمعزل عن موقف التيار الحاجب للثقة عنها، لا تزال تتمتّع بثقة المجلس النيابي.

و أضاف باسيل أن التيار يتبنّى موقفاً واضحاً يجزم بحتميّة حصر السلاح وامرته بالدولة دون سواها، حيث لا شراكة فيه ولا اشراك، انطلاقاً من المبادئ التالية:
أ – سيادة الدولة ووحدة القرار الأمني والعسكري حيث ان حصريّة امتلاك السلاح (المقونن) واستخدامه يكون بيد المؤسسات الشرعية.
ب – اتفاق الطائف الذي نص على حلّ جميع الميليشيات، ولكن لم يتمّ تطبيقه بالكامل فتغاضى عن سلاح المقاومة، كما عن بنود اخرى، وقد شرّعت الحكومات المتعاقبة هذا السلاح. وقال: آن الأوان لتطبيق هذا البند، كما بنود اخرى، كاللامركزية اضافة الى الغاء الطائفية ومجلس الشيوخ…
ج – وتابع باسيل: القرارات الدولية وتحديداً هنا الـ 1701، مع وجوب تطبيق قرارات اخرى، من ضمنها ما يتعلّق بحلٍّ لقضية اللاجئين الفلسطينيين لا يكون على حساب لبنان.

وأوضح باسيل أن هناك متغيّرات واقعية حدثت وهي تفرض تغييراً في مقاربة التيار لموضوع السلاح وهي أولًا سقوط وظيفة سلاح حزب الله الردعيّة بفعل نتائج مشاركته الأحادية في حرب الاسناد وذلك بسبب فقدان قدرته الردعيّة بنتيجة الحرب الأخيرة، ولو بقيت عنده قدرة دفاعية محدودة بوجه محاولة احتلال اسرائيلي محتمل للبنان. وأضاف ان فكرة وجود هذا السلاح بحد ذاته اصبحت مصدر تهديد وخطر واذى كبير على لبنان ومبرّر للتسبّب بها عليه، امّا السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها فهو ساقط اساساً بفعل الغاء اتفاقية القاهرة. ومن هنا يصبح ملف السلاح ملّحاً لمساسه بجوهر السيادة وباستقرار الوطن.

ولفت باسيل إلى أنه ثانيًا أفقد انخراط هذا السلاح في معادلات اقليمية ودولية اكبر من قدرة لبنان على تحمّلها، هويته اللبنانية الصرفة التي “كنا نجحنا” في الاتفاق عليها في وثيقة التفاهم عام 2006 وذلك بلبننتها وحصرها بالدفاع عن لبنان فقط وذلك ضمن استراتيجية دفاعية تضعها الدولة وينخرط فيها هذا السلاح. ولفت إلى أن هذا السلاح انخرط في وظيفة اقليمية واسناديّة وهجومية، وقال: نظراً لأن الوقائع الميدانية أظهرت تراجع قدراته الفعلية ونظراً ان موقف التيار الأساسي والدائم هو وجوب تحييد لبنان عن صراع المحاور، فإنّه يتوجّب حصر هذا السلاح في يد الدولة حصراً وعدم ابقائه في خدمة اي محور تجسيداً لمبدأ تحييد لبنان عن سياسة المحاور، وعدم انتقاله، كدولة، من محور الى آخر، مع تأكيد التزامه بالسقف العربي والدولي لحل الدولتين واستعادة حقوقه كاملةً في الأرض والموارد والسيادة وفي عودة اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين الى بلدانهم.
ولفت باسيل إلى أنه في البند الثالث من المتغيرات الواقعيةـ هناك ثالثًا، عدم الالتزام العملي لحزب الله في عملية بناء الدولة الذي يعتبر خروجاً عن وثيقة التفاهم في عام 2006، واضاعة للفرصة التي اتيحت للبنان لذلك في عهد الرئيس ميشال عون. وأوضح: هذا الأمر أفقده فرصة بناء دولة قوية وتحصينها سياسياَ واقتصادياً برفدها بعناصر قوّة عدّة الى جانب عنصر قوّة السلاح، وتابع: “ازاء هذا الفشل، وفي ضوء المتغيّرات بات لزاماً الحفاظ على عنصر قوّة السلاح في وجه التهديدات على لبنان جنوباً وشرقاً، وذلك بحصره بيد الدولة وجيشها وقرارها، تعزيزاً لسلطتها وقوّتها وقدرتها على المواجهة.

رفض الفتنة وكذلك الإبتزاز بالحرب الأهلية
أما في منطلقات التيار فقد أكد باسيل رفض الفتنة الداخلية، ورفض عزل اي مكوّن لبناني، والزامية طمأنة واحتضان اي جماعة تشعر بالخطر عليها سواء من الداخل او الخارج، ورفض اي استقواء بالخارج واي تحريض داخلي بخلفية طائفية او سياسية بهدف الوصول الى وقائع تقسيمية او انقسامية تؤدّي الى شرخ وطني ممكن تجنّبه بالحوار والحسنى.
كما ورفض الابتزاز والتهديد بحرب أهلية من اي جماعة كانت بهدف منع وحدة السلاح بيد الدولة، لافتاً إلى ان التيار يعتبر ان القبول بهذا الأمر يسمح لأي مكوّن بممارسة الابتزاز نفسه او التهديد للحصول على مكتسبات تخرج عن منطوق الميثاق والتوافق الوطني.
وأكد باسيل ضرورة اعتماد حل تدريجي حاسم وشامل، ينقل البلاد الى عصر حصرية السلاح عبر خطّة مرحلية واضحة بحسب قدرات الجيش اللبناني واستفادته من سلاح الحزب لا تلفه، بالاضافة الى حصوله على دعم دولي فعلي وملموس من الدول الراعية والضامنة لحل موضوع حصريّة السلاح، في اطار ما يسميه التيار باستراتيجية دفاعية وما تسميه الحكومة منظومة دفاع وطني، وفي جميع الأحوال تحت امرة الدولة اللبنانية حصراً، والتي يشكل المكوّن الشيعي عموداً اساسياً فيها وفي جيشها.

الأثمان السياسية للسلاح
وشدد على أن يكون لتسليم هذا السلاح اثمان سياسية يجب ان تتقاضاها الدولة اللبنانية، وهي طبعاً وحتماً: الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلّة حديثاً واستعادة الأسرى، ووقف الاعتداءات، اضافة الى تحرير كامل الأرض واعادة الاعمار والى عودة فورية للنازحين السوريين، وحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين وضمان حق لبنان باستثمار ثرواته الطبيعية من مائية ونفطية وغازية، والحصول على ضمانات دولية لحماية لبنان (بما فيها اتخاذ قرارٍ دوليٍ بذلك)، وتحييده عن المحاور وصولاً الى اغتنام الاهتمام الدولي بموضوع السلاح لفرض الاصلاح الاقتصادي والمالي اللازم وتجسيد ذلك بقوانين لبنانية مترافقة مع عقد مؤتمر دولي اقتصادي خاص بلبنان.
ولفت باسيل أن كل هذه المنطلقات تؤكّد حصرية السلاح بالمؤسسات الأمنية وخاصةً الجيش اللبناني الذي هو المؤسسة الشرعية الضامنة لكل اللبنانيين والمدافعة عن حدود الوطن وسيادته، وهي تؤكّد ايضاً ان ارض الوطن ليست ساحة للصراعات الاقليمية والدولية بل هي ارض للشعب اللبناني الذي تحمي الديمقراطية تنوّعه ويتميّز بالحوار الدائم كأساس لكل استقرار وازدهار.

كذلك تحدث باسيل عن موضوع مساءلة الحكم والحكومة والمنظومة ككل فرأى أنّ السلطة الحاكمة هي المسؤولة ومطلوب منها ترجمة مواقفها من:
1 – النزوح السوري وتحقيق العودة الفورية والعمل على دفع الغرب لتنفيذ خطّة عملية وحوافز فورية لتحقيق العودة، كجزء من اولويات الحل المطروح
2 – السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارجها والتطبيق الفوري للقرارات الخاصة بسحبه بالكامل.
3 – تحديد طبيعة العلاقات مع سوريا على اساس النديّة والاحترام الكامل لسيادة واستقلال البلدين، ووجوب ترسيم الحدود البرية والبحرية معها وضبطها بالكامل، واقامة علاقات دبلوماسية سوية وتعيين سفير لسوريا في لبنان وتصويب العلاقات والاتفاقات الاقتصادية معها، لتصبح بالفعل علاقات ممتازة.
4 – خطّة واضحة لتعزيز قوّة الجيش وتجهيزه بما يلزم لمواجهة الأخطار الخارجية على لبنان.
5 – سياسة خارجية واضحة وملتزمة بتحييد لبنان عن سياسة المحاور وصراعاتها، وان تكون الحكومة مركزاً اساسياً لصدور القرارات الوطنية لا اداةً لفرض اجندات خارجية.

في العلاقات مع الولايات المتحدة
و أضاف باسيل أنه وفي هذا الإطار، يؤكّد التيار انه مع الحفاظ على افضل العلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية، ومع الاستفادة من موقعها الدولي ومن سياسة الرئيس ترامب في احلال السلام في المنطقة والعالم.
وتابع: لقد عرف الرئيس عون والتيار كيف يحسن الاستفادة من هذه العلاقة لانجاز اتفاق سيادي – نفطي للبنان عبر اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. ولدينا قناعة بوجوب استخدام قدرة الرئيس ترامب بالتأثير على اسرائيل لضمان حصول لبنان على حقوقه مع استعداده للانخراط في عملية السلام العادل والشامل في المنطقة.

خلاصات
وأخيرًا ختم باسيل بخلاصة سياسية ترتكز على النقاط التالية:
1 – حصرية السلاح امر محسوم وتحقيقه مسألة وقت لا أكثر ويجب الافادة منه لتحقيق مكاسب وطنية للبنان كلّه وليس لحزب الله او لمكوّن الشيعي وحده او لأي مكوّن آخر او اي جماعة لبنانية.
2 – حماية لبنان والدفاع عنه ليست من مسؤولية فريق لوحده بل مسؤولية الدولة الجامعة لكل اللبنانيين.
3 – الخيار هو الحفاظ على عناصر قوّة لبنان وليس اضعافه، والهدف هو السلام وليس الاستسلام.
4 – السلاح خارج الدولة هو في الوقت ذاته ملف سيادي وسياسي واقليمي واستراتيجي وتجب معالجته على هذا الأساس دون ان تكون السيادة تفاوضيّة بل الزامية لاستعادة الدور وتحقيق الاستقرار.
باسيل شدد على أن الهدف النهائي هو قيام دولة قوية بسلاح شرعي واحد، وتحييد لبنان عن المحاور وصراعاتها، وأن تكون سيادة لبنان مصانة، بالإضافة الى نظام لامركزي مع دولة واحدة موحّدة على 10452 كلم² واقتصاد منتج ضمن بيئة متعايشة بسلام في داخلها ومع محيطها.

You might also like