المعارضة البنّاءة ديناميكية من نوع آخر – سامر الرز

منذ إقصاء التيار الوطني الحرّ من الحكومة، تصاعدت التحديات السياسيّة في لبنان، وبرزت أسئلة حول دور التيار في المرحلة المقبلة.
البعض توقّع أن يعتمد نهج المعارضة التقليديّة القائمة على العرقلة والتصعيد، لكنّ الواقع أثبت العكس. فقد اختار التيار الوطني الحرّ نموذج المعارضة البنّاءة، القائمة على تقديم الحلول، ومواجهة الفساد، والدفاع عن حقوق اللبنانيّين من موقعه الحرّ، غير المقيّد بالمحاصصة أو التسويات الّتي تفرضها آليّات الحكم التقليديّة.

هذه المعارضة ليست مجرّد ردّ فعل على عمليّة الإقصاء، بل هي إستمرار لنهج التيار في العمل السياسي الوطنيّ، حيث لا يقيس نجاحه بميزان المناصب بل بالتأثير الفعلي في السياسات العامّة.
فمن خلال الرقابة الصارمة، واقتراح القوانين، والمشاركة الفعّالة في النقاشات الوطنيّة، يسعى التيار إلى تأكيد حضوره كقوّة تغييريّة، وليس كجهة تعرقل عمل الدولة أو تساهم في تعطيلها.

إنّ إحدى الركائز الأساسيّة لهذه الديناميكيّة الجديدة هي منح الشباب الدور الأساسي في قيادة العمل في التيّار وحتّى في الشؤون السياسيّة المتعلّقة بالتيّار.
فمنذ تأسيسه، اعتمد التيار على طاقات الشباب وإبداعهم، وها هو اليوم يؤكد هذا التوجّه عبر إطلاق يدهم في مختلف المجالات: الحزبيّة، السياسيّة والاجتماعيّة .

فالشباب اليوم هم واجهة التيار، يشاركون في صنع القرار، يقودون المبادرات، ويؤسّسون لحركة سياسيّة متجدّدة لا تقتصر على النخبة التقليديّة بل تمتدّ لتشمل شرائح أوسع من المجتمع.
فالتحرّر من قيود المشاركة في السلطة منح التيّار فرصة لإعادة هيكلة عمله الداخليّ، وضخّ دماء جديدة قادرة على استكمال المسيرة بمزيد من الفعاليَة والتأثير.

في ظل هذا التحوّل، يبقى التيار الوطني الحرّ وفيٍّا لأسسه ومبادئه، مدعومًا من الجنرال المؤسّس، العماد ميشال عون، الذي لطالما شكّل المرجعيّة الفكريّة والسياسيّة للحركة النضاليّة الدينامكيّة في لبنان.
فموقفه الداعم للمعارضة البنّاءة يؤكد أن التيار لم يكن يوماً مجرّد حزب سياسي يبحث عن سلطة، بل هو حركة نضاليّة مستمرّة، تتكيّف مع المتغيّرات من دون أن تفقد هويّتها ورسالتها.

أمّا قيادة التيار برئاسة جبران باسيل، فتشكّل اليوم نقطة ارتكاز لهذا التوجّه الجديد. فمن موقعه كسياسي محنّك، يدير باسيل مرحلة إعادة التموضع بكلّ ديناميكيّة، جامعًا بين العمل الميداني، والمواقف السياسيّة الجريئة، واستراتيجيّة بناء بدائل واقعيّة تعكس رؤيته لمستقبل لبنان. وهو بذلك يكرّس التيار قوّة تغيير حقيقيّة، قادرة على مواجهة التحديات، واقتراح الحلول، وفرض معادلة سياسيّة جديدة مبنيّة على الكفاءة والالتزام الوطنيّ.

فالمعارضة البنّاءة الّتي يتبنّاها التيار الوطني الحرّ اليوم ليست تراجعٍا بل هي خطوة إلى الأمام في مسيرة الإصلاح، تستند إلى العمل الفعلي بدل العرقلة، وإلى تمكين الشباب بدل الجمود، وإلى الرؤية الاستراتيجيّة بدل الحسابات الضيّقة. وبينما يحاول البعض إقصاء التيار عن السلطة، يثبت هو مجددًّا أنّه أقوى من أيّ موقع، وأكثر تأثيرًا من أي منصب، وأنّ حضوره في المشهد السياسيّ اللبنانيّ مستمر بثبات، مدعومًا بإرادة قياديّة صلبة وقاعدة شعبيّة متجدّدة.
سامر الرز

You might also like