وفيق قانصوه – الأخبار –
مساء الأربعاء الماضي، أطلّ النائب «التغييري» وضاح الصادق عبر قناة «أل بي سي» لـ «يكشف» أن «هناك أبواباً في مطار بيروت لا يدخل أو يخرج منها إلا عناصر حزب الله، والأمر نفسه ينطبق على مرفأ بيروت»، مشيراً إلى أن المطار «بأكمله بإدارة حزب الله». وسأل: «هل يريدون إقناعنا بأنه لا يوجد فساد أو تهريب في المطار؟».
ورغم أن «الصادق» لم يستخدم صيغة الماضي في كلامه، حاول استلحاق نفسه بـ«توضيح» عبر حسابه على منصة X، قال فيه إنه كان يقصد «الأبواب التي كان حزب الله يستخدمها في مطار بيروت في فترة ما قبل الحرب، وأن المطار اليوم بأكمله تحت سيطرة الجيش اللبناني فقط، ولم تعد هناك طائرات إيرانية تهبط فيه». وإذا كان التوضيح يستبطن اتهاماً للأجهزة الأمنية الموجودة في المطار، وفي مقدّمها قيادة الجيش التي تربطها علاقة مميّزة بالأميركيين، بأنها كانت تغضّ النظر عن «أبواب غير مشروعة»، فإن التصريح الأساسي حمل دعوة من نائب عن الأمة للعدو الصهيوني إلى استهداف المطار والمرفأ وفرض حصار على اللبنانيين، وهو ما كان يستدعي تحركاً قضائياً بتهمة معاونة العدو، خصوصاً أن كلام «الصادق» يأتي في ظل عدوان إسرائيلي واسع على لبنان، وتهديدات مستمرة من العدو باستهداف هذه المرافق بحجة أن حزب الله يسيطر عليها.
تصريحات الصادق، المعروف جيداً بأنه «زلمة» الأميركيين والذي يلتقي بشكل دوري مع آخرين (من بينهم اثنان من زملائه النواب) مستشاراً سياسياً في السفارة الأميركية في عوكر لتلقي التعليمات، تُدرج في إطار الضغوط الأميركية المستمرة على الحكومة وإبقاء سيف التهديدات الإسرائيلية مصلتاً فوق المطار والمرفأ.
وليس معلوماً ما إذا كان توضيح «الصادق» قد جاء بعد «تعليمة» ما من أصدقائه في السفارة بأن المطار أصبح «نظيفاً»، وذلك بعدما «طلب» الملحق العسكري في السفارة الأميركية أخيراً (واستُجيب لطلبه) القيام بجولة على أقسام المطار وعلى هنغاراته للتأكد من غياب أي وجود لحزب الله في المطار. وهي جولة لم تستفزّ النائب «السيادي»، رغم انتهاكها للسيادة وقبول الحكومة بها مرغمة تحت سطوة التهديدات الإسرائيلية، مثلما يستفزّه هبوط طائرات مدنية إيرانية في المطار.
كذلك لا يستفزّ الصادق ورفاقه «السياديين» منعُ الخطوط الجوية العراقية من الهبوط في مطار بيروت لنقل مساعدات إلى النازحين، واشتراط الأميركيين بأن تمر أي مساعدات عراقية عبر «أصدقائه» الأردنيين. ولا تستفزّه كذلك أوامر عوكر لشركة طيران الشرق الأوسط بعدم نقل مصابين من لبنان، خصوصاً جرحى تفجيرات الـ«بيجر» وأجهزة الاتصالات في 16 و17 أيلول الماضي، على رحلاتها لتلقّي العلاج في الخارج تحت طائلة فرض عقوبات عليها، وهو ما اضطر الشركة إلى الرضوخ مرغمة، علماً أن السفارة الأميركية تحصل يومياً على «مانيفستو» المسافرين عبر مطار بيروت الدولي من اتحاد النقل الجوي (أياتا).
وكما لا تستفزّ الصادق وأضرابه من «السياديين» الرحلاتُ الأميركية الغامضة إلى قاعدة حامات، لا تستفزّهم كذلك آليات وجرافات «غامضة» بدأت مع بداية العدوان فتح ممر بين الطريق البحرية المحاذية لثكنة الفهود في ضبيه والبحر، إذ عملت هذه الآليات على ردم الشاطئ وفتح طريق لدخول السيارات والآليات ليصبح بإمكانها الوصول من الطريق العلوي إلى البحر مباشرة حيث مرفأ الصيادين. وبعد ارتياب بعض الأهالي من هذه الأشغال، وسؤال الجيش عن ماهيتها، نفت المؤسسة العسكرية علمها بالأمر، رغم أن الأشغال تجري بمحاذاة ثكنة الفهود التي تتخذ إجراءات أمنية مشدّدة. كما تبيّن أن لا علم لوزارة الأشغال العامة والنقل بأمر الأشغال، رغم أنها وفق القوانين، هي الوزارة المعنية بإعطاء الموافقة على أي أعمال ردم أو إقامة منشآت على الشاطئ، قبل أن يتبيّن أن الآليات التابعة للمتعهّد نبيل طعمة تعمل بطلب من السفارة الأميركية وبموافقة ضمنية من قيادة الجيش اللبناني. وعنوان الأشغال هو التحضير لعمليات إجلاء لرعايا أميركيين في حال استدعت التطورات ذلك، علماً أن خطة الإجلاء الأساسية تقضي باستخدام مرفأ جونية. لذلك، تثار علامات استفهام حول ما تمهّد له جرافات السفارة تحت نظر المؤسسة العسكرية!