وحدتنا هي أغلى وأعظم ما نملك وهي قوتنا وسلاحنا الأمضى وثروتنا الأغنى وخيرنا الأبقى
وبها نستيعد حقوقنا ونحرر ارضنا ونعيد بناء بلدنا
—–
اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون “أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في لبنان، لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معاً. أن نحيا معاً وأن نُحيي حياتَنا معاً. أن نُصلي معاً وأن نصومَ معاً ونفطرَ معاً. أن نقاومَ معاً. وأن ننتصرَ معاً. أن نفرحَ زمناً، أو نحزنَ للحظةٍ معاً. وأن تكونَ معيّتُنا هي ترياقُنا، لنمسحَ حزنَ اللحظة، ونؤبّدَ فرحَ كلِ لحظةٍ معاً. وفي كلِ الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معاً… “.
ولفت الى انه ادرك أن يكون رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن، فهذا يعني ويقتضي، “أن أكون أنا وأنتم جميعاً هنا. تحت هذا السقف بالذات. سقف دولتنا ووطننا وميثاقنا. لأنّ وحدتنا هي أغلى وأعظم ما نملك.”
وقال: ” بوحدتنا هنا، نستعيد كل حقوقنا ونحرر كل أرضنا ونستعيد كل أسرانا، ونحققُ ازدهار شعبنا واستقلال بلدنا، ونعيد بناء ما تدمّر، ونقوم بعد أي كبوة، ونبلسم أيَ جرح حتى يبرأ، ولا تكون جماعة منا مكلومة. ولا حقوق لنا مهضومة، ولا فئةَ عندنا مظلومة”.
كلام الرئيس عون جاء خلال مأدبة الافطار الرمضاني التي اقامها غروب اليوم في قصر بعبدا، وفق التقليد السنوي الذي غاب قسرياً لسنوات بسبب الازمات التي حلّت بلبنان من جهة، والفراغ الرئاسي الذي شهده البلد من جهة اخرى.
وشارك في الافطار رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، الرئيس العماد ميشال عون، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام، وحسان دياب، وزراء ونواب، ورؤساء احزاب. وحضر من رؤساء الطوائف المسيحية: البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الكاثوليك مار يوسف الأول العبسي، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك الأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينسيان، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، رئيس الطائفة القبطية الارثوذكسية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس الطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار اسايان. وحضر من رؤساء الطوائف الاسلامية: مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، شيخ عقل الطائفة الدرزية سامي ابي المنى، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور، اضافة الى عدد من المطارنة والمشايخ، والسفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والاسلامية، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، رؤساء السلطات القضائية، قادة الاجهزة العسكرية والامنية، السلك الاداري، المحافظون، واعضاء من لجنة الحوار الاسلامي المسيحي، ونقباء المهن الحرة، مدراء وامناء عامون، كبار الموظفين والمستشارين في القصر الجمهوري.
وقبل مشاركتهم في مأدبة الافطار توجه عدد من المشاركين، يتقدمهم مفتي الجمهورية، الى صالون السفراء في القصر الجمهوري الذي خصص لتأدية الصلاة.
لقاء ثلاثي
وسبق الافطار، لقاء ضم الرئيس عون والرئيسين بري وسلام، تطرق الى الاوضاع الراهنة في البلاد، وخصوصاً الوضع في الجنوب وعلى الحدود الشرقية والشمالية- الشرقية، ووجوب إعادة الهدوء والاستقرار اليها.
وبعد انتهاء اللقاء الثلاثي، انتقل الجميع الى قاعة 25 ايار حيث اقيمت مأدبة الافطار الرمضاني.
كلمة الرئيس عون
وخلال المأدبة، القى رئيس الجمهورية الكلمة التالية:
” السيد رئيس مجلس النواب، السيد رئيس مجلس الوزراء، السادة الرؤساء السابقون، أصحاب النيافة والغبطة والسماحة والسيادة، السادة الوزراء والنواب والسفراء، أيها الحضور الكريم.
هذا ليس خطاباً. هذه بعضُ كلماتٍ من قلبٍ وبَوْح. أبدأها بأنْ أكشفَ لكم أمراً شخصياً. اليومَ أكونُ قد أمضيتُ في هذا الصرح، 70 يوماً. ومنذ لحظتِها الأولى، كنت أستعينُ بقراءةِ “الكتاب”، كما كان يحلو لسلفٍ كبيرٍ لي، أن يسميَه، أي الدستور (وهو الرئيس فؤاد شهاب)، وغالباً ما كنتُ أتوقفُ عند عبارتين اثنتين: “لا شرعية لأيِ سلطةٍ تناقضُ ميثاقَ العيشِ المشترك”، و”رئيسُ الجمهورية هو رئيسُ الدولة ورمزُ وحدةِ الوطن”.
وأصارحكمُ الآنَ القول، بأنني كنت دوماً أسألُ نفسي، عن أبعادِ هاتين العبارتين. ماذا تعنيان في العمقِ والجوهر. وماذا تقتضيان مني أولاً، ومنا جميعاً حتى تصورتُ هذا المشهد، وتخيلتُ هذه الصورة، ففهمتُ كلَ المقصود، وأدركتُ كلَ المعنى. بل أكادُ أجزمُ بأنّ الوحيَ الميثاقي والدستوري بهما، قد نزلَ في لحظةٍ كهذه اللحظة، وفي زمنٍ كهذا الزمن.
هكذا أدركتُ أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في لبنان، لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معاً. أن نحيا معاً وأن نُحيي حياتَنا معاً. أن نُصلي معاً وأن نصومَ معاً ونفطرَ معاً. أن نقاومَ معاً. وأن ننتصرَ معاً. أن نفرحَ زمناً، أو نحزنَ للحظةٍ معاً. وأن تكونَ معيّتُنا هي ترياقُنا، لنمسحَ حزنَ اللحظة، ونؤبّدَ فرحَ كلِ لحظةٍ معاً. وفي كلِ الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معاً…
أما أن يكونَ رئيسُ الجمهورية هو رمزُ وحدةِ الوطن، فأدركتُ أن هذا يعني ويقتضي، أن أكونَ أنا وأنتم جميعاً هنا. تحت هذا السقفِ بالذات. سقفُ دولتِنا ووطنِنا وميثاقِنا. لأنّ وحدتَنا هي أغلى ما نملكُ وأعظمُ ما نملك. هي قوتُنا وحصانتُنا ومِنعتُنا وقدرتُنا. هي سلاحُنا الأمضى وثروتُنا الأغنى وخيرُنا الأبقى. بوحدتنا هنا، نحفظُ وطنَنا من كلِ عدوانٍ وأطماع. بوحدتنا هنا، نستعيدُ كلَ حقوقِنا ونحررُ كلَ أرضنا ونستعيدُ كلَ أسرانا. بوحدتنا هنا، نحققُ ازدهارَ شعبِنا واستقرارَ مجتمعِنا واستقلالَ بلدِنا. بوحدتنا هنا، نُعيدُ بناءَ ما تدمّر. ونضمنُ ألا نسمحَ بالدمارِ مجدداً أو دورياً. بوحدتنا هنا، نزرعُ الفرحَ في عيونِ أبنائنا والأملَ في نفوسِهم. فنحصدَ مستقبلاً يليقُ بالتضحيات والشهادات… ويُشبهُ لونَ تلك العيون. بوحدتِنا هنا، نقومُ بعد أيِ كبوة. وننتصرُ بعد أيِ نكسة. ونبلسمُ أيَ جرحٍ حتى يبرأ. ونبتسمُ لكلِ غدٍ، إيماناً منا بأنه سيكونُ أفضل. بوحدتنا هنا، لا تكونُ جماعةٌ منا مكلومة. ولا حقوقَ لنا مهضومة. ولا فئةَ عندنا مظلومة.
وإذا ما سهَوْنا لحظةً عن هذا الأساسِ في رزنامتِنا الأرضية، تأتي عنايةُ السماءِ من فوق، لتوحّدَ زمنَ الصومِ المقدس، بشهرِ رمضانَ الفضيل. لتذكرَنا بأنّ الصومين سبيلان إلى غايةٍ إيمانيةٍ واحدة. فصومُ المسيحي هو التمهيدُ للقيامة،. والحديثُ الشريفُ يؤكدُ للمسلم، أنه “إذا دخلَ رمضانُ، فُتحت أبوابُ الجنة”.
هكذا يذكّرنا ربُ السماواتِ والأرض، وهو “المذكّر”، بأننا واحدٌ. وأننا موحِّدين وموحَّدين إلى الأبد. رمضان كريم وصومٌ مبارك. وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً، في صرحِ الإيمانِ بوحدتِنا، ووحدة ِإيمانِنا بلبنان عاش لبنان، كل عام وانتم بخير.”
وبعد انتهاء الإفطار، صافح الرئيس عون المدعوين لدى مغادرتهم قصر بعبدا.