الديار: محمد بلوط-
يباشر السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى عمليا مهامه في الايام القليلة المقبلة، بعد ان قدم اوراق اعتماده لرئيس الجمهورية جوزاف عون، ويتولى بنفسه مسؤولية متابعة الوضع في لبنان على الصعد كافة، والتطورات المتعلقة باتفاق وقف النار مع “اسرائيل”.
ووفقا للمعلومات التي سبقت وصوله الى لبنان، سيكون لعيسى صلاحيات سفير فوق العادة، نظرا إلى المهمة المنوطة اليه من جهة، ولعلاقته المتينة مع الرئيس ترامب من جهة اخرى .
وصار معلوما ان السفير الاميركي في تركيا توم بارك، المكلف بالملف السوري، ابعد عن الملف اللبناني، وصار “خارج الخدمة” بالنسبة لهذا الملف .
ووفقا لمصادر ديبلوماسية مطلعة، فان مهمة الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس باتت محصورة في لجنة متابعة وقف اطلاق النار (الميكانيزيم)، ولم تعد مكلفة بمتابعة الملف اللبناني، الا في اطار عمل هذه اللجنة. وتضيف المصادر ان اورتاغوس كانت ترغب في ان تبقى مكلفة بمهمتها السابقة قبل ان يتولاها لاحقا باراك، وان تحتفظ بصلاحياتها الواسعة كمبعوثة اميركية فوق العادة للبنان، لكن المجيء بميشال عيسى، اللبناني الاصل، والمقرب من الرئيس بارك بدد رغبتها .
ووفقا للمصادر لم يُعرف بعد اذا كان عيسى سيكتفي بالاعتماد على الفريق الديبلوماسي في السفارة، ام انه سيستعين ببعض المستشارين والمتعاونين والمعارف في جمع المعلومات، للتقارير التي سيرفعها الى الخارجية الاميركية، وبالتالي الى ادارة الرئيس ترامب .
وتلفت المصادر الى انه مع تولي عيسى مركزه والصلاحيات المعطاة له، فان تقاريره ستكون معتمدة بالدرجة الاولى في دوائر الادارة الاميركية. وبشكل اوضح فان كل التقارير والمعلومات والرسائل التي ستنقل عن لبنان، يفترض الا تكون خارج اطار تقرير عيسى .
من هنا يطرح السؤال: هل سينتقل التحريض من واشنطن الى عوكر؟
في عهد السفيرتين السابقتين دوروثي شيا وليزا جونسون شهدت عوكر، وبعض المنازل والصالونات اللبنانية، لقاءات ذات طابع عملي وسياسي، بين كل من السفيرتين ومجموعة من “الاصدقاء” اللبنانيين للسفارة الاميركية من حزبيين او بعض “التغييريين” او مسؤولين وناشطين في ما يسمى المجتمع المدني. وكانت تجري خلالها احاديث متبادلة في اطار مهمة مزدوجة، بمعنى ان السفيرتين كانت تتزود بمعلومات وتقارير من هؤلاء الاصدقاء عن الوضع اللبناني، وبعض التفاصيل المتعلقة بنشاط احزاب وشخصيات ومسؤولين، وكذلك كل ما هو متيسر من معلومات عن حزب الله. ويتزود هؤلاء الاصدقاء بدورهم من السفارة الاميركية بمعلومات وتوجهات الادارة الاميركية .
لم يتضح بعد اسلوب السفير عيسى في التعاطي مع القوى والشخصيات والجماعات السياسية اللبنانية غير الرسمية، في اطار المهمة المزدوجة الموكلة اليه، لكن من المرجح ان تكون الطريقة التي سيعتمدها مختلفة نسبيا عن السابق وفقا لمصادر مطلعة، بسبب اختلاف شخصيته عن السفيرتين السابقتين وتجربته في واشنطن. ولا يعني ذلك انه سيتصرف وفق القواعد الديبلوماسية المعروفة في العالم، باعتبار ان السفراء الاميركيين دأبوا على تجاوز هذه القواعد، ومارسوا تدخلات مباشرة في الشؤون الداخلية للبنان ولبلدان كثيرة اخرى .
ربما قد يلجأ السفير عيسى بعد الزيارات واللقاءات التي سيجريها مع رئيسي المجلس والحكومة، وعدد من المسؤولين والقوى والجهات السياسية، الى وضع اطار لخطة عمله في المرحلة المقبلة، فاما يضبط تقاريره الى الادارة الاميركية على استطلاعاته الشخصيه المباشرة وعمل فريقه الديبلوماسي في السفارة، او يعتمد ايضا على معلومات اضافية من “جهات لبنانية صديقة ومتعاونة”. وفي كل الحالات، ترى المصادر المطلعة ان حبر التقارير الرديفة لن يجف، وبالتالي فان بخ السم ضد رموز ومراجع في الدولة في عوكر وخارجها غير مستبعد .
وتضيف المصادر ان التحريض في واشنطن مرشح للاستمرار، ما دام هناك جهات وشخصيات لبنانية في الولايات المتحدة الاميركية منتدبة لهذه المهمة، لتزويد بعض اعضاء الكونغرس والدوائر في الادارة الاميركية بتقارير ملغمة بالسموم، لمصالح شخصية وفئوية معروفة، وليس لمصلحة لبنان .
وتلفت هذه المصادر الى ان هذه العملية نشطت قبل تولي السفير عيس مهامه، وان نسبة تراجع تأثيرها مرهونة ومرتبطة بادائه وكيفية تعاطيه في مهمته المركبة، الى جانب قدرة المراجع الرسمية على تعزيز موقفها، وقطعها الطريق على الذين يُحرّضون في لبنان والولايات المتحدة .


