الأخبار: عانت غالبية شرائح المجتمع السوري من الملاحقات السياسية من قبل النظام السوري السابق، فيما كانت الإشارة إلى شخص ما على أنّه من «المجتمع المدني» تهمة تلتصق بمن تحوم حوله شكوك الارتباط بأجندات خارجية، على الرغم من «حسن الضيافة» التي تلقّتها بعض «الجمعيات» من النظام نفسه.
ومع سقوط الأخير، وفي ظلّ «التغيير» الذي يسعى السوريون إليه، والضبابية التي تكتنف المشهد العام، خصوصاً لناحية كيفية التعامل مع تعددية فئات الشعب، بدأت دعوات تبرز عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلى تنظيم لقاءات وحوارات حول دستور يجمع كل السوريين تحت مظلته، عنوانه العريض «احترام الاختلاف وتقبّل الآخر».
وفي هذا الإطار، أُطلق أخيراً ما سمّي بـ«تجمع الشباب المدني»، والذي يوضح أحد المسؤولين عنه، في حديثه إلى «الأخبار»، أن التجمع «أخذ شكل مبادرة أُطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستهداف كل فئات الشعب السوري التي تنادي بسوريا مدنية تشمل كل الأطياف والأحزاب والأديان».
ويشير المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إلى أنّ «التجمع يرى في التغيير الذي جرى في سوريا فرصة ذهبية للخروج من عباءة الطابع الواحد والعسكرة»، مضيفاً أنّ الهدف من هذه المبادرة «مواجهة أي نظام جديد قد يحكم البلاد بنمط إقصائي يتناسب فقط مع تطلعاته، ما سيكون بمثابة استبداد آخر».
«قسد» أكّدت تمكّنها من امتصاص هجوم «الجيش الوطني» من دون أيّ تغيير في خريطة السيطرة
وفي السياق نفسه، يقول أحد المنضوين في «التجمع» إن «الحراك المدني اليوم في سوريا لا تقف خلفه أي جهة خارجية، ولا يدعمه أي تمويل، بل هو منصة تجمع الحالمين بمجتمع أفضل في سوريا»، لافتاً إلى أن «التفاعل كان كبيراً على امتداد الجغرافيا السورية، وهذا ما يعوّل عليه حالياً».
وبدورها، تتفق إحدى المشاركات في أحد اللقاءات التي نُظّمت أمس، مع «ضرورة خلق دولة للجميع تحت قانون مدني»، لكنها، في الوقت نفسه، تشير إلى أن «المجتمع المدني لا يجب أن يكون الغاية المنشودة في هذا السياق، بل يجب أن يتناسب طموحنا مع إشكاليات مجتمعنا، ليكون البديل من النظام السابق مناسباً على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة».
وترى أن «الاستنساخ للمفهوم الغربي للمجتمع المدني سيجعل منه مجرد استهلاك، لا يحاكي تطلّعاتنا الاقتصادية، في وقت تشتد فيه حاجتنا إلى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية مناسبة لنا وكفيلة بوضع بلدنا في مسار التطور الصحيح».