«الإدارة» تتبرّأ من مجازر ريف حمص: «خارطة طريق» أوروبية لسوريا

الأخبار: كما كان منتظراً، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خطة عمل مشتركة حول سوريا تقوم على مبدأ «خطوة مقابل خطوة»، عن طريق تخفيف بعض العقوبات بشكل مؤقت، مقابل مضي الإدارة السورية الجديدة في تطبيق مبادئ واضحة في عملية الانتقال السياسي، تضمن مشاركة جميع الأطراف السورية. وتضمّن الاتفاق، الذي أعلنت عنه مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عقب اجتماع في العاصمة البلجيكية بروكسل، أمس، تعليق العقوبات على قطاعات محددة (حركة الطيران والشحن والبنية التحتية المصرفية والطاقة)، لمدة عام واحد فقط، الأمر الذي يهدف، وفقاً للاتحاد الأوروبي، إلى مساعدة السوريين في تحسين بعض القطاعات بما فيها الكهرباء، أحد أبرز القطاعات المتضررة في البلاد. وأشارت كالاس، خلال شرح مقتضب للقرار الذي يأتي بعد قرار أميركي مشابه تقريباً منح استثناءً من بعض العقوبات لمدة ستة أشهر فقط، إلى أن وزراء خارجية الاتحاد اتفقوا على «خارطة طريق» مؤلفة من ست خطوات، لم يُكشف عن تفاصيلها بشكل كامل بعد، لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.

 

وتابعت: «(إننا) نسعى للتحرك سريعاً على هذا الطريق»، لكنها أشارت إلى إمكانية إعادة فرض العقوبات مرة أخرى «إذا اتُّخذت خطوات خاطئة» في سوريا، على حدّ تعبيرها، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لإعادة فتح سفارته في دمشق بالكامل حتى يتمكن من مراقبة الوضع.

 

وعلى المنوال نفسه، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي قادت بلادها مساعي تخفيض العقوبات المفروضة على سوريا، تعليقاً على القرار، إن «هذا ليس شيكاً على بياض، وسيتعين على الحكام الجدد إشراك جميع الفئات السكانية في العملية الانتقالية التي ينبغي أن تؤدي إلى دستور جديد وإجراء انتخابات، ويجب احترام حقوق المرأة». وتابعت أن رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا يهدف إلى «إعادة البلاد واقتصادها إلى مسارهما الطبيعي»، لافتةً إلى أنه «يجب أن يتحسن واقع الكهرباء في سوريا لإعادة تشغيل الاقتصاد».

 

على أن نظرة سريعة إلى القطاعات التي شملها الاستثناء، تظهر جلياً التوجه الأوروبي نحو تقديم دفع لعملية إعادة اللاجئين السوريين، عبر إفساح المجال لرحلات الطيران المباشرة إلى سوريا، بالإضافة إلى محاولة تحسين قطاع الطاقة، بهدف تأمين ظروف محمّسة لعودة هؤلاء. ويأتي ذلك بعد أن سمحت وزارة الداخلية الألمانية، في وقت سابق، للاجئين السوريين بزيارة استكشافية لبلادهم، من دون أن تؤثر هذه الزيارة في ظروف تقدمهم لطلبات اللجوء، الأمر الذي يتوافق مع الخطة التي تقودها إيطاليا للحد من الهجرة نحو أوروبا، والتي تشمل تقديم مساعدات وقروض، وتأسيس عمل مشترك مع الدول المطلة على البحر المتوسط. وعبّر عن ذلك وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، في تصريح عقب الاجتماع، بالقول إن «الرسالة التي نبعثها هي أننا نريد فتح الباب للحوار، لكن مع الحفاظ على الحذر والتأنّي (…) هدفنا هو فتح قنوات للتواصل مع هذا البلد، وقد كانت المؤشرات الأولية إيجابية».

 

في غضون ذلك، يزور وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، الذي تقود بلاده العملية السياسية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، اليوم، العاصمة السعودية الرياض، التي تحاول فرض توازن يمنع أنقرة من القبض على المشهد السوري. وتأتي هذه الزيارة التي تدور بمعظمها حول «تعزيز التعاون بشأن الملف السوري»، بعد زيارة أجراها فيدان إلى العراق، دعا خلالها الأخير إلى المشاركة في محاربة «الإرهاب»، وذلك في إشارة إلى تنظيم «داعش» و«حزب العمال الكردستاني» المُصنّف على لوائح الإرهاب التركية، والذي تعتبر أنقرة أن قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تشكل امتداداً له.

 

وفي خطوة تسبق زيارته إلى الرياض، أعلن فيدان أن بلاده أبلغت فصائل «الجيش الوطني» التي تنشط في ريف حلب وبعض مناطق ريف الرقة، وتضم أكثر من 80 ألف مقاتل، بضرورة «تسليم السلاح للإدارة السورية الجديدة». ويأتي هذا في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، عن تأسيس هيكلة جديدة للجيش، تستهدف دمج جميع الفصائل وتسليم سلاحها، الأمر الذي اصطدم برفض من فصائل الجنوب، التي تنتظر إجراء تغييرات سياسية قبل هذه الخطوة، ورفض من «قسد» التي تبحث عن صفقة شاملة لا تزال قيد المباحثات، تلعب فيها حكومة إقليم كردستان العراق، وفرنسا، دوراً بارزاً.

 

وبينما تنتظر الإدارة الجديدة، ومعها الأمم المتحدة، دوراً خليجياً بارزاً في تمويل مشاريع إعادة الإعمار، عبر تمويل صندوق «التعافي المبكر الأممي»، أعلنت مصادر دبلوماسية، في حديث إلى قناة «المملكة» الأردنية، أن اجتماعاً أوروبياً حول سوريا سيُعقد في آذار المقبل، سيحضره وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة، أسعد الشيباني. وبحسب المصادر، فإن الاتحاد الأوروبي «يسعى لحشد الدعم لجهود التعافي المبكر وتقديم المساعدة الدولية المستمرة لأزمة اللاجئين، بما يشمل دعم الدول المجاورة المستضيفة للسوريين». كذلك، سيبحث المؤتمر مرحلة إعادة إعمار سوريا، ولن يقتصر على مناقشة أزمة اللاجئين، ما يجعله مختلفاً عن مؤتمر بروكسل التاسع لدعم سوريا وجوارها.

أما على الصعيد الداخلي، فذكرت مصادر أهلية في ريف حمص الغربي أن مسؤولين في الإدارة الجديدة زاروا عدداً من القرى، من بينها قرية فاحل التي شهدت مجزرة راح ضحيتها 16 شخصاً، بالإضافة إلى اعتقال العشرات، الذين لا يزال مصير 7 منهم مجهولاً. وبحسب المصادر، فإن المسؤولين قدّموا اعتذاراً للأهالي، وقاموا بتسليمهم عدداً من جثامين الضحايا، وتوعّدوا بملاحقة مرتكبي هذه «الانتهاكات»، زاعمين أن هؤلاء لا ينتمون إلى قوى الأمن، وأنه جرى توقيف 15 مسلحاً منهم، من دون تقديم أي إيضاحات أخرى حول محاكمة الموقوفين، أو حتى مصيرهم، وسط مطالب شعبية بمحاكمتهم بشكل علني، ووضع حد لتلك الجرائم المستندة إلى خلفية طائفية.

You might also like