الأخبار: الثنائي لن يقاطع «الحوار» ويرفض «الجدول الزمني»

الأخبار: فجأة، ارتفعت في قلب بيروت، وعلى نحو بارز، الوتيرة الصاخبة للمواجهة السياسية عشية جلسة الحكومة المزمع عقدها يوم الثلاثاء المقبل، للمناقشة، فعليّاً، لبند سلاح المقاومة، ورسمياً لاستكمال «البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقّه المتعلّق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، وبحث الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية والتي تضمّنت ورقة السفير توماس برّاك أفكاراً بشأن تطبيقها».

 

بلغت الحماوة أُوجَها في الساعات الماضية مع كلمة رئيس الجمهورية جوزاف عون في عيد الجيش، والتي كتبت بطريقة تجعل الجميع يقرأ فيها انتصاراً لرأيه. وهو ما جعل التفسيرات بشأنها تختلف بين إن كانت قد اتّسمت بنوع من التصعيد تجاه حزب الله، أم أنها وازنت بين المطلوب من لبنان وبين مصلحة استقراره الداخلي. لكنّ الجميع تقاطع عند القول إنّ «الكلمة عكست استجابة واضحة للضغوط الخارجية على لبنان بالدرجة الأولى، ومحاولة من رئيس الجمهورية لاستعادة زمام المبادرة في هذا الملف والقول إنّ الأمر لي، وسطَ همسٍ بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري هو مَن يقود التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية».

وفي موازاة ما قاله عون، كشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» أنّ رئيس الجمهورية «كان حريصاً على عدم رفع سقف الخطاب إلى حيث يريد خصوم المقاومة، وأنه اختار كلاماً يعيد إنتاج العهد عبر تكرار خطاب القسم، والدليل أنّ الكلمة التي قالها سبقتها أفكار وكلمات صيغت، وقدّمت كمقترحات، لكنّ الرئيس لم يأخذ بها، من بينها واحدة كتبها مستشاره جان عزيز وكانت أكثر تصعيداً في وجه الحزب».

مع ذلك فإنّ الأجواء والمعطيات التي رافقت كلام رئيس الجمهورية، لا تخفي ملامح امتعاض لدى بعبدا من الفرملة التي طرأت على عهده منذ البداية، خصوصاً أنّ الخارج لا يريد أن يقدّم له أي مساعدة. وقال مطّلعون إنّ كلمة عون تضمّنت كلمات وشعارات قد يفسّرها البعض في وجه الحزب، لكنّه وازنها حين ذكر بنود مسوّدة الردود على ورقة الموفد الأميركي توم برّاك التي «أجري عليها تعديلات وأحالها إلى مجلس الوزراء لتحديد المراحل الزمنية لتنفيذها»، خصوصاً أنه «رتّب بنودها بشكل يعطي الأولوية للضّمانات التي يطلبها لبنان لجهة الوقف الفوري للأعمال العدائية الإسرائيلية في الجوّ والبرّ والبحر ووقف الاغتيالات، وانسحاب إسرائيل خلف الحدود وإطلاق سراح الأسرى». واعتبر هؤلاء أنّ «مضمون الكلمة هو السقف الوحيد الممكن في ظلّ الضغوط القصوى التي يتعرّض لها»، خصوصاً من «قِبل المملكة العربية السعودية التي تقود حملة شرسة تدفع في اتجاه الصدام الداخلي».

 

التزمت أحزاب الكتائب والقوات والاشتراكي طلب السعودية السير في خطة مناقشة بند السلاح مع اختلاف في اللغة والمقاربة

وكشفت مصادر مطّلعة أنّ «الأمير يزيد بن فرحان، المكلّف من قيادة الرياض إدارة الملف اللبناني، بات يتدخّل في كل شاردة وواردة وفي كل كلمة تقال، ويتحكّم عن بعد وعن قرب بكل الحراك الداخلي، وهو مَن ضغط في الآونة الأخير لنقل ملف السلاح إلى مجلس الوزراء وشدّد على الرئيس عون بوجوب اتخاذ قرار في هذا الشأن». حتى إنّ «التخريب السعودي وصلَ إلى درجة التدخّل بعمل المبعوث الأميركي توم برّاك، ودفعه إلى تغيير أقواله في ما خصّ حزب الله وسلاحه، حتى إنّ بن فرحان هو مَن طلب منه نشر تغريدته عن أنّ الكلام وحده لا يكفي وأنّ على الحكومة أن تذهب حالاً إلى خطوات عملانية».

وأمس سرّبت معلومات عن استئناف الحوار الداخلي، عبر زيارات قام بها رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» الحاج محمد رعد إلى بعبدا، وأخرى قام بها الحاج وفيق صفا إلى اليزرة للقاء قائد الجيش رودولف هيكل، وعلمت «الأخبار» أنّ رعد زار بري قبل ظهر أمس بعيداً عن الإعلام، وحصل نقاش عميق تمّ التأكيد خلاله على ضرورة الخروج بموقف مشترك وموحّد. وربطاً بهذه التطورات، استمر رصد السيناريوهات التي تحيط بجلسة الثلاثاء ومآلاتها المحتملة، وهي جلسة سيغيب عنها وزير العمل محمد حيدر ووزير المالية ياسين جابر بداعي السفر، بينما أكّدت مصادر الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» أنهما لا يقاطعا الجلسة، ويصرّان على تغليب منطق الحوار، ويعتبران أنّ رئيس الجمهورية يفضّله أيضاً، ولذلك ستتكثّف الاتصالات في الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة لتعطيل أي محاولات لتفجير الحكومة وحرصاً على استقرار البلد.

وفي السياق، تقول المصادر إنّ «خطاب عون تضمّن نقاط توافق، ونقاط أخرى تحتاج إلى البحث والمزيد من النقاش، خاصة في ما يتعلّق ببنود الورقة الأميركية والتي لا تتناسب في مضمونها مع المصلحة اللبنانية، وتحويلها إلى قرار إجرائي بهذه السرعة بسبب الضغوط سيكون له تداعيات سيئة».

ولفتت المصادر إلى أنّ «الورقة الأميركية ليست ضامنة»، وأضافت متسائلة: كيف يمكن أن «نوافق عليها، بينما لم تُعرض هذه الورقة بعد على العدو الإسرائيلي، وهو أصلاً لم يوافق على الشقّ المتعلّق بما هو مطلوب منه، فهل من الطبيعي أن تذهب الحكومة إلى وضع جدول زمني لسحب السلاح، بينما لا نزال حتى اليوم ننتظر من برّاك ردّاً على الجواب الذي سلّمته إياه بيروت الأسبوع الماضي على ملاحظاته حول مقترحه الثاني المتعلّق بسحب السلاح ضمن مهلة زمنية محدّدة، والطرح المكمّل الذي قدّمه الرئيس بري لجهة أن توقف إسرائيل خروقها لاتفاق وقف النار لـ 15 يوماً في مقابل إقناع الحزب بإطلاق مسار حوار حول سلاحه يفتح الطريق أمام المراحل التي تضمّنتها ورقة برّاك».

واعتبرت المصادر «أنّ وضع جدول زمني، يعتبر تجاوزاً لخطاب القسم الذي تحدّث عن إستراتيجية الأمن الوطني»، وهو أمر لا يمكن القبول به في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي وزيادة منسوب الهواجس على مستوى ما يحيط بنا، إن كان من الجنوب أو من الحدود مع سوريا وسط ما تكشفه الأجهزة الأمنية عن تحرّكات لمجموعات على صلة بتنظيم «داعش».

كما دعت المصادر إلى النظر في ما حصل في الأمس من تصعيد إسرائيلي في البقاع والجنوب، وهو تصعيد يدخل ضمن عملية الضغط على لبنان، لكنه يوجّه أبلغ رسالة تؤكّد أنّ «المنطق الغالب عند العدو الإسرائيلي، هو منطق الحرب في مقابل منطق الدولة الذي تحدّث عنه عون في خطابه»، وقد فسّر البعض الاعتداءات أمس بأنها «أول ردّ على كلام عون، وأنّ العدو تقصّد عبرها القول إنه يرفض كل المطالبات اللبنانية له بالالتزام بقرار وقف إطلاق النار ووقف اعتداءاته»، وهو أمر يجب الأخذ به ومناقشته في جلسة الحكومة المقبلة. أمّا بالنسبة إلى «القوات اللبنانية» والحزب الإشتراكي، وحزب الكتائب، فقد أكّدت مصادر مطّلعة أنهما سيشاركان في الجلسة وهما «يحملان الموقف ذاته وهو الإصرار على وضع بند السلاح على جدول الأعمال، لكنّ النقاش سيكون ودّياً، ولا يوجد أي نيّة للاستفزاز». ووصفت المصادر كلام رئيس الجمهورية بأنه «إيجابي جدّاً ويُبنى عليه»، كاشفة عن وجود «قرار بأن تقوم الحكومة بتكليف الجيش تشكيل لجنة للتنسيق مع حزب الله من أجل الاتفاق على المدّة وكيفية التطبيق، علماً أنّ الأجهزة الأمنية لم تدعُ إلى اجتماع الحكومة».

You might also like