أمين عام حزب الله: لن يستمر الاحتلال في لبنان دون مقاومة والإلغائيون لا ‏فرصة لهم في الانتخابات الرئاسية

جاء في كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم:

 عند اجتياح العدو الإسرائيلي للبنان ووصوله سنة 1982 إلى العاصمة ‏بيروت خلال أيام، بقينا نُقاوم كمقاومة إسلامية ومقاومة وطنية وكل المقاومين الشرفاء من سنة 1982 ‏إلى سنة 2000 حتى حرّرنا هذه الأرض، تحرّرت خلال 18 سنة ببركة المقاومة، لكن العبرة أنّ ‏إسرائيل وصلت إلى بيروت خلال أيام. أما في سنة 2024، في عدوان أيلول، حاولت إسرائيل لمدة 64 ‏يومًا قبل وقف العدوان أن تتقدّم مئات الأمتار وكانت صعبة عليها ودفعت ثمنًا كبيرًا من جنودها وجيشها ‏وضباطها، ولكن لم تتمكن أن تتقدّم أكثر من مئات الأمتار على الحافة الأمامية، لماذا لم تتمكن من ‏الوصول إلى جنوب نهر الليطاني؟

لماذا لم تتمكن من الوصول إلى النهر؟ لماذا لم تتمكن من الوصول إلى ‏بيروت؟ لأنّ المقاومين المجاهدين الصامدين الأسطوريين
صمدوا ووقفوا بوجه العدو الإسرائيلي، هذا ‏ردع، ما هو الردع؟ عندما تكون أمام جيش يأتي بخمس فرق تعدادها 72,000 جندي وضابط من أجل ‏أن يخترق الحدود ومن أجل أن يصل إلى النهر أو أبعد من النهر ولا يتمكن من ذلك، ألا يعني أنّ المقاومة ‏قوية ورادعة ومُؤثّرة وتُعطّل أهداف العدو؟ رغم التدمير الواسع الذي قامت به إسرائيل والعدوان ‏الإجرامي الذي لم يترك لا بشر ولا حجر ولا أي شيء، مع ذلك عقد الاتفاق الذي طلب فيه العدو وقف ‏إطلاق النار ونحن وافقنا من خلال الدولة اللبنانية على وقف إطلاق النار، عندها، عند وقف إطلاق النار، ‏كانت لدى المقاومة قدرة وازنة وحضور مُقاوم وازن ومُؤثّر، يعني لم تنتهِ المعركة ولم يحصل الاتفاق ‏على أساس أنه لم يعد هناك قدرة ولم يعد هناك إمكانية، أبدًا، هو بسبب القدرة، بسبب الإمكانية، بسبب ‏المقاومين، بسبب الجهاد، بسبب العزّة، بسبب القوة، بسبب الصمود والتضحية والعطاءات، أرغم هذا ‏العدو على أن يطلب وقف إطلاق النار، إذًا لدى المقاومة قدرة وازنة.

هؤلاء المقاومون الذين يمتلكون ‏الإرادة الصلبة والعزم الاستشهادي الذي يرفض الاحتلال. لا تنسوا، واجهنا عدوانًا غير مسبوق، صمدنا ‏كمقاومة وصمد شعبنا وصمد لبنان، وكسرنا معًا شوكة إنهاء المشروع المقاوم، كسرنا شوكة إسرائيل، لم ‏تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها، صحيح أنّ التضحيات كانت كبيرة، ولكن المعبر لبقائنا أعزّة هي أن نُقدّم ‏هذه التضحيات الكبيرة، هو إذا لم تُقدّم هذه التضحيات الكبيرة النتيجة ماذا؟ النتيجة أن يتوقف الإنسان؟ ‏النتيجة ألا يُقاوم؟ النتيجة أن تدخل إسرائيل وأن تحتل وأن تصل إلى بيروت؟ لا، نحن أعزّة، ستستمر ‏المقاومة إن شاء الله تعالى. ‏

بعد معركة أولي البأس هناك نتائج أصبحت محفورة وهذا يجب أن نراه، بعد معركة أولي البأس لا إمكانيه ‏أن يستمر الاحتلال في لبنان من دون مقاومة، ولا إمكانية أن يتمكّن العدو الإسرائيلي من الاجتياحات كما ‏يريد، ولا إمكانية أن يُؤسّس منطقة خاصة يصنع فيها جيشًا له يقتطعه من لبنان، ولا إمكانية لمستوطنات ‏إسرائيلية. انتبهوا، هذا الذي حصل في معركة أولي الباس قطع الطريق أمام إسرائيل ليكون لها آمال في ‏لبنان بسبب المقاومة والشعب والجيش وهذا التكامل الموجود. إذا أردتم المقارنة انظروا إلى ما حصل في ‏سوريا، احتلّ في الجولان مساحة تُساوي مساحة غزة مرة ونصف، ضرب كل قدرات الجيش السوري ‏والشعب السوري، وبالتالي هو يسرح ويمرح ويتصرّف كما يريد ليُعطّل إمكانات سوريا إلى أمد طويل ‏وليضمن ألا تكون هناك مواجهة له من قبل السوريين.

أعتقد أنّه في المستقبل سيكون للسوريين، للشعب ‏السوري، دور في مواجهة إسرائيل لأنّه شعب مُقاوم وشعب شريف وشعب له تطلّعات نحو العزة ‏والحرية. لكن هذه المقارنة يجب أن تكون أمامنا، كان يمكن أن يحصل في لبنان كما حصل في سوريا ‏لولا المقاومة، يجب أن يُسجّل هذا الأمر، هذه النقطة الأولى.‏

النقطة الثانية، المقاومة خيار، خيار ثقافي، خيار إيماني، خيار سياسي، خيار جهادي، هذه المقاومة مُقابلها ‏التسليم للعدو بما يُريد أن يصنع خشية أن يُؤذينا مرحليًا، لكنّه يأخذ كل شيء للمستقبل، نحن اخترنا ‏المقاومة كخيار إيماني، هي خيارنا لتحرير الأرض وحماية السيادة ونصرت فلسطين والحق في مواجهه ‏الاحتلال التوسعي الإسرائيلي. هذه المقاومة عادة حتى تتمكّن من فعل شيء يجب أن تكون حاملة لأمرين: ‏
الأمر الأول، الإيمان والاستعداد. ‏
الأمر الثاني، الاستعداد العملي والإمكانات العملية التي تُترجِم هذا الإيمان. ‏
هنا سأكون واضحًا بشكل جليّ، قيادة المقاومة هي التي تُقرّر متى تُقاوم وكيف تُقاوم وأسلوب المقاومة ‏والسلاح الذي تستخدمه، يعني لا أحد يتصور أنّه والله موجود مقاومة أي كلما حصل حادث على المقاومة ‏أن تتصدّى، على المقاومة أن ترد، من يضع قواعد للمقاومة؟ المقاومة تضع قواعدها، لذلك لا يوجد ‏جدول زمني يُحدّد أداء المقاومة، لا بالاتفاق ولا بعد انتهاء مُهلة الستين يومًا في الاتفاق، لقد قلنا بأنّنا ‏نُعطي فرصة لمنع الخروقات الإسرائيلية وتطبيق الاتفاق وأنّنا سنصبر، لا يعني هذا أنّنا سنصبر لمدة 60 ‏يومًا ولا يعني هذا أنّنا سنصبر أقل أو أكثر من 60 يومًا، صبرنا مرتبط بقرارنا حول التوقيت المناسب ‏الذي نُواجه فيه العدوان الإسرائيلي والخروقات الإسرائيلية، قد ينفذ صبرنا قبل 60 يومًا وقد يستمر، هذا ‏أمر تُقرّره القيادة، قيادة المقاومه هي التي تُقرّر متى تصبر ومتى تُبادر ومتى ترد. أنا أتمنى ألا تتعبوا ‏أنفسكم كثيرًا لا بالتحليلات السياسية ولا ببعض التصريحات، أنّه ماذا سيفعل حزب الله إذا مرّ 60 يومًا؟ ‏ماذا سيفعل حزب الله قبل ذلك مع الاعتداء؟ عندما نُقرّر أن نفعل شيئًا سترونه مباشر وبالتالي لا توجد ‏قاعدة تعني السكوت أو المبادرة هذا هو قرارنا. ‏

أما الاتفاق فهو يعني حصرًا جنوب نهر الليطاني وهو يُلزم إسرائيل بالانسحاب. والدولة الآن، ونحن منها، ‏هي مسؤولة عن أن تُتابع مع الرعاة لتكف يد إسرائيل ويُطبّق الاتفاق. ‏
معركة أولي البأس ثبّتت مشروعية وأهمية المقاومة التي خرجت مرفوعة الرأس ومنصورة بكسر مشروع ‏الاحتلال ومنع إنهاء المقاومة. ‏
النقطة الثالثة، يُطلقون توصيفات كثيرة على نتائج العدوان الإسرائيلي ليهزموا المقاومة وبيئة المقاومة ‏نفسيًا، أنا سأذكر بعض التعابير التي يقولونها حتى الناس يكون واضح عندها ولا تتأثّر من مُجرّد بعض ‏الكلمات التي تفتقر إلى الحقائق وإلى الوقائع. يقولون المقاومة ضعُفت لكنهم يغفلون عن أنّها بعد إرباتها ‏عشرة أيام بعد شهادة سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، بعد عشرة أيام ‏بدأت بالتعافي وكل المحللين وكل الناس رأوا كيف أنّها عادت إلى الميدان بقوة، ومع الاتفاق خرجت قوية ‏ببركة المقاومين والشعب والمحبين والشهداء والجرحى والأسرى وكل أولئك الذين قدّموا أغلى ما عندهم، ‏إذًا المقاومة قوية. ‏

يقولون ضرب العدو إمكانات المقاومة، حسنًا، إذا ضرب إمكانات المقاومة ما الذي كان يُوقف العدو ‏لحدود 64 يومًا وعندما خرج العدو بهذا الاتفاق مع الدولة اللبنانية بقيت الإمكانات موجودة وكان لديها ‏قدرة أن تستمر فترات طويلة، إذًا الإمكانات موجودة، يقولون المقاومة تراجعت، أقول لهم المقاومة إيمان ‏وقناعة أولًا، المقاومة ليست سلاح يا جماعة، المقاومة إيمان، هذا الإيمان قَوِيَ وتصلّب وتجذّر، اذهبوا ‏واسمعوا الأطفال، اسمعوا النساء، اسمعوا الشيوخ، شاهدوا هؤلاء الجرحى من أثر البايجر أو من أثر ‏المعارك التي حصلت، اسمعوا ماذا يقولون، مستعدون أن تتكرّر جراحاتهم ومستعدون أن يعطوا أولادهم ‏الآخرين ومستعدون أن يبقوا في المعركة ومستعدون أن يُقدّموا كل شيء، هذا يعني أنّ المقاومة تجذّرت ‏أكثر وأصبحت أقوى وهي ستُعلّم الأجيال القادمة. المقاومة لم تتراجع، ازدادت وستزداد، معنوياتنا عالية ‏رغم الجراح والآلام، “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”. ‏
يقولون استشهد عدد كبير، خير إن شاء الله، إن شاء الله أنتم تظنون أنّه إذا استشهد لنا شهداء معنى ذلك ‏أنّنا خسرنا؟ لا، الشهادة مطلب عند هؤلاء، لأنّ كل واحد من هؤلاء جاء أجله، يدعو الله عزّ وجل يا رب ‏عندما يأتي أجلي أريد أن أكون في قلب المعركة، وهذا أرقى نموذج فوق كل ذي بر بر حتى يُقتل الرجل ‏في سبيل الله فليس فوقه بر، لذلك نحن عندما نقول عن الشهيد نريد أن نتحدث مع عائلته نقول نُعزّي ‏ونُبارك، نُعزّي بفقد الأحبّة وهذا أمر طبيعي ولكن نُبارك أنه وصل إلى ما تمنّى، دماء الشهداء من ناحية ‏تنفعه في مقامه ومن ناحية أخرى تُعزّز مسيرة الجهاد وتُراكم التضحيات والقوة من أجل تحقيق الانتصار. ‏قال تعالى في كتابه العزيز “وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ۖ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ ‏أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ”، الشهداء يُحيون مستقبلنا على درب الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه الذي استشهد مع ‏أكثر من 70 من أصحابه وأولاده وعائلته وسُبيت النساء وزينب كانت الإعلامية الأولى التي عبّرت عن ‏هذه الحادثة فكانت النتيجة أنّ شهادة الإمام الحسين عليه السلام أحيت الأمه من بعده ونحن من بركات هذه ‏الشهادة نقف دعمًا للحق في وجه الباطل. ‏
يقولون الأضرار المادية كثيرة، هذا اختبار، هذا امتحان، لم نسقط في الامتحان الحمد لله تعالى، والأضرار ‏المادية تُعوّض إن شاء الله تعالى، المهم أنّ المشروع لم يسقط. ‏
هناك عبارة أنا وأحضّر الخطاب جاءت في بالي، كل ولادة يترافق فيها الألم والأمل، حتى الطفل عندما ‏يأتي إلى الحياة يخرج وهو يبكي، لاحقًا هذا الطفل هو الذي يُصبح عظيمًا، كل ولادة يترافق فيها الألم ‏والأمل. معركة أولي البأس ولادة جديدة للبنان العصي على الاحتلال ويحمل أمل المستقبل بشموخ أبنائه، ‏بشموخ أرزه، عزيزًا، سيّدًا، مستقلًا، لا تتحكّم فيه أمريكا وإسرائيل. على كل حال لاقونا وستجدون ‏المستقبل. البعض يحاول أن يتفلسف بأنّه يا مساكين “مدري شو صار معكم”، لا، أبدًا، هذا اختبار نجحنا ‏فيه والحمد لله تعالى، وعلى كل حال ياما هناك أناس مزعوجين، ممغوصين، متوترين يجرون تحليلات ‏ويرمون الاتهامات ويكونون هم المتألمون لأنه لم يكونوا متوقعين أنّ المقاومة ستخرج قوية، عظيمة، ‏رأسها مرفوع، أعطت عطاءات وتضحيات لكن هذه هي التضحيات التي تُؤسّس للمستقبل. ‏
نحن اليوم يجب دائمًا أن ننظر نظرة إنسانية ونظرة حق، بالله عليكم أيُعقل الذي يحصل في فلسطين وفي ‏غزة؟ أكثر من 155000 شهيد وجريح وأكثر من مليونين ينتقلون من مكان إلى آخر تحت الخيم وفي ‏الشتاء وإسرائيل تُجوّعهم وتُبيدهم وتقتل منهم والمجازر اليومية أصبحت بشكل عادي وطبيعي، وأمريكا ‏وفرنسا وبريطانيا والدول الكبرى كلّها تتفرّج، أليس هذا ظلم واستبداد وشيطنة وانحراف يجب مواجهته؟ ‏مع كل هذا الذي يحصل ما هذا الشعب الفلسطيني العظيم، الاستثنائي، التاريخي، هذا الشعب الذي 13، ‏‏14، بل 15 شهرًا هو صامد يتحمّل والمقاومة مستمرة، هذا شعب يستطيع الإنسان أن يقول أنّه من أرقى ‏إن لم يكن أرقى الشعوب في العالم بالتضحيات والعطاءات التي يُعطيها، هذا شعب سيبقى حيًّا، مقاومته ‏ستبقى، نعم هم دمّروا البيوت، والأطفال قتلوها، والنساء قتلوها، لكن العقيدة بقيت وستبقى والمقاومة ‏مستمرة. ‏
هنا يجب أن نرسل تحية خاصة لليمن، قيادة اليمن وشعب اليمن وجيش اليمن، ما هذا اليمن الذي أعطى ‏نموذجًا رائعًا، من بعد يقدر في كل العالم من الدول العربية والإسلامية والتي تدّعي الإنسانية أيضًا أن ‏يقول والله أنا لست قادرًا؟ شاهدوا اليمن، اليمن الفقير بإمكاناته، الغني بشعبه وقيادته، الغني بإيمانه ‏وصلابته، شاهدوا ماذا يفعل، من لا شيء يعمل شيء في مواجهة هذا العدو الإسرائيلي، ليس العدو ‏الإسرائيلي فقط، العدو الإسرائيلي وأمريكا وبريطانيا ومن معهما، كلهم يقاتلون من أجل الظلم الإسرائيلي ‏والإبادة الإسرائيلية، أين نحن يجب أن نكون؟ بهذا بالمكان يجب أن نكون وليس بالمكان الآخر، لا يُقال أنّه ‏لماذا تقاتلون؟ يُقال لماذا أنتم لا تقاتلون من أجل الحق؟ هذا السؤال المركزي. ‏
أختم بأنّنا كحزب الله حريصون على انتخاب الرئيس على قاعدة أن تختاره الكتل بتعاون وتفاهم في ‏جلسات مفتوحة وهذا التوافق هو فرصة سانحة لنقلب صفحة باتجاه الإيجابية في لبنان. الإلغائيون لا ‏فرصة لهم، المستقوون بالأجانب لا يستطيعون تمرير هذا الاستحقاق باستقوائهم، نحن نريد إنجاز 9 ‏كانون الثاني باختيار رئيس جديد لمرحلة جديدة إيجابية وتعاونية تُؤدّي إلى الاستقرار ونعمل على أساس ‏تثبيت وتكريس الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية وكل أشكال التعاون الداخلي من أجل أن ننهض ببلدنا ‏ونؤدي قسطنا للعلا في التعاون وفي إعمار بلدنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

You might also like