أصعب أعوام العطش: الحسكة بلا مياه منذ 10 أشهر

الأخبار: أيهم مرعي-

الحسكة يُعد العام الحالي أكثر الأعوام التي اشتدت فيها معاناة أهالي مدينة الحسكة وريفها الغربي في توفير مياه الشرب والاستهلاك، في ظل استمرار توقف «محطة علوك» في ريف رأس العين المغذية للمنطقة، للشهر العاشر على التوالي، وهو ما يمثل أطول مدة انقطاع لها منذ احتلال الجيش التركي والفصائل الموالية له المحطة، والتحكم بضخ المياه منها، في تشرين الأوّل 2019.

 

وعادة ما يكون حجب المياه متقطعاً، وعلى مدد عدة من السنة، وخاصّة مع موسمَي سقاية القمح والقطن في الثلثين الأوّل والثالث من كل عام، إضافة إلى مدد تجدد الخلافات بين الفصائل المسلحة و«الإدارة الذاتية» على كمية الكهرباء المخصّصة لرأس العين أو المياه المخصّصة للحسكة.

 

وفي السنوات الأربع الأولى من هذه الأزمة، نجحت روسيا في تثبيت قاعدة «المياه للحسكة مقابل الكهرباء لرأس العين»، مع انقطاعات تفاوتت مددها، أطولها كان 90 يوماً في ربيع 2022.

 

غير أن الحال تغير هذا العام، بعد تدمير الطائرات التركية لعدد من البنى التحتية المرتبطة بتشغيل المحطة؛ إذ أدّت الهجمات الجوية التركية العنيفة، التي أطلق عليها اسم «مخلب النسر» في تشرين الأوّل من العام الفائت، إلى تدمير محطتي كهرباء «الدرباسية» و«عامودا» المسؤولتين عن تغذية محطة مياه «علوك»، إضافة إلى إخراج محطة توليد «السويدية» للكهرباء عن الخدمة، ما خلق أزمة في توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المحطة.

 

كل ذلك، انعكس معاناة كبيرة لدى الأهالي، الذين عاشوا أول صيف كامل لهم من دون أي قطرة ماء من «علوك»، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وتجاوزها 46 درجة في غالبية الأحيان.

 

كما خلق هذا الانقطاع الطويل لأشهر متواصلة، أزمات اقتصادية، مع ارتفاع سعر الخزان الواحد إلى 50 ألف ليرة سورية (نحو 3 دولارات ونصف دولار)، وسط حاجة الأهالي إلى ثلاثة من الخزانات بشكل وسطي في الأسبوع، فضلاً عن أزمات صحية ناتجة من شرب مياه الآبار المالحة، أو الصهاريج المجهولة المصدر.

 

وفي ظلّ هذه الأوضاع، شهدت محافظة الحسكة، في الثامن من الجاري، زيارة لوفد أممي من مكاتب منظمات الأمم المتحدة في سوريا، برئاسة الممثل المقيم للأمم المتحدة، آدم عبد المولى، الذي زار تركيا قبل قدومه إلى المحافظة، بغرض مناقشة ملف «محطة علوك» خصوصاً، ومحاولة تفكيك كل العوائق لتشغيلها.

رفض الجانب التركي تقديم ضمانات بخصوص عدم استهداف المحطتين المسؤولتين عن تغذية «علوك»

ويقول عبد المولى، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «الجانب التركي رفض تقديم أي ضمانات أو تعهدات بخصوص عدم استهداف محطتي عامودا والدرباسية للكهرباء المعطلتين والمسؤولتين عن تغذية علوك، في حال تم إصلاحهما من قبل منظمات الأمم المتحدة».

 

ويضيف عبد المولى أن «تشغيل المحطة متوقف على واحد من ثلاثة خيارات، هي: إما تأمين مصدر طاقة خارجي، أو تأمين خط طاقة مستدام من سد تشرين، أو تشغيل المولدات الاحتياطية»، لافتاً إلى «صعوبة الخيار الأول، والحاجة إلى وقت غير قصير للجوء إلى الخيار الثاني». أما الخيار الثالث، فيبدو الأنسب بالنسبة إلى الأمم المتحدة «التي ستعمل مع كل الجهات لتشغيل المولدات الاحتياطية، بهدف تشغيل المحطة بشكل مؤقت، واختبار جاهزية هذا الخيار، وإمكانية الاعتماد عليه إلى حين توفير مصدر مستدام للطاقة الكهربائية»، بحسب عبد المولى.

وفي سياق متصل، يقول المبعوث الأممي إن «الأمم المتحدة بصدد إطلاق خطة للتعافي المبكر على كامل الأراضي السورية، في أقرب وقت ممكن»، مؤكداً أنه «سيتم التركيز على أربعة مجالات أساسية هي الصحة، والتعليم، والمياه والصرف الصحي، وسبل كسب المعيشة، وما تحتاجه هذه القطاعات من الإمدادات اللازمة، وخاصة في مجال الكهرباء التي تعد الأساس لعمل كل القطاعات المذكورة».

 

ويشير إلى أن «المنظمات الدولية ستعمل على دعم ملفات النظافة والصحة في محافظة الحسكة تحديداً، بهدف تحسين واقع الخدمات في هذين القطاعين».

You might also like