أبي المنى لـ”المدن”: قلق الأقليّة يحتاج إلى عدالة الأكثريّة

يتفاقم الوضع في محافظة السويداء السورية، وسط اشتباكات مسلحة، توترات عشائرية، وتدخلات خارجية، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي متماسك. وبينما تنذر التطورات بتوسّع رقعة العنف، وتحوّل السويداء إلى ساحة مفتوحة أمام التدخلات، يعبّر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، سامي أبي المنى، في مقابلة خاصة مع “المدن”، عن قلق بالغ مما آلت إليه الأمور، محمّلاً الدولة السورية مسؤولية الانفجار، ومنبّهاً من امتداد الأزمة إلى لبنان.

لا للقتل المتبادل

أيام طويلة عاشها أهل السويداء هذا الأسبوع، وسط اقتتال عنيف بين عشائر البدو والقوات الحكومية من جهة وفصائل درزية مسلحة، أسفرت عن مقتل أكثر من 600 شخص ونزوح نحو 2000 عائلة “جرّاء أعمال العنف”، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

في ظل هذا المشهد، يصف شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، سامي أبي المنى الوضع في السويداء “معقّد جداً، ويزداد تعقيداً يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، خصوصاً بعد النفير الذي أطلقته العشائر”. ويحذّر بأن ما يحصل من اعتداء مباشر على القرى والبيوت والناس، “سيُقابل بردّ فعل”. ويضيف: “هذا الوضع يحتاج إلى تدخل عربي سريع. وأنا أناشد السعودية وقطر والدول العربية المعنية أن تتدخل لوضع حد لما يجري، لأن الاعتداء يقابله اعتداء، والقتل يقابله قتل، والدماء تقابل بالدماء”. 

“المنتصر من يسعى للسلام”

ورغم مئات القتلى، وتصاعد الردود الميدانية، يرفض شيخ العقل سامي أبي المنى منطق الغلبة العسكرية. بالنسبة إليه، لا يُقاس الانتصار بعدد الجثث، ولا بقوة النيران، بل بقدرة المتنازعين على إنتاج تفاهم يوقف النزف. يقول لـ”المدن”: ليس منتصراً من يقتل أكثر، بل المنتصر هو من يستطيع أن يسعى إلى السلام ويحقق الاتفاق والتفاهم. لكن هذا الأمر، عندما ازداد تعقيداً، أصبح يحتاج إلى رعاية”.

ومثلما لا يساوى بين القاتل والمقتول، لا يساوى أيضاً بين من يملك الدولة ومن يواجهها. يشير بوضوح إلى أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق دمشق، محمّلاً إياها نتائج الانهيار الأمني، وفراغ السلطة، واستدعاء الخارج: “الدولة السورية معنية بالدرجة الأولى، وأنا أحمل الدولة السورية مسؤولية استدعاء التدخل الإسرائيلي. لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟”.

ويؤكد شيخ العقل: “أعمال الإجرام في السويداء أساءت للجبل والدولة. وقلق الأقلية يحتاج إلى عدالة الأكثرية. فأين نحن من ذلك؟”.

لكنّه لا يبرّئ البيت الداخلي. يرى أن الطائفة الدرزية نفسها، بأحزابها ومرجعياتها وفصائلها، لم تحسن إدارة الأزمة ولا تشكيل موقف موحد. يقولها بصراحة:

“هناك مسؤولية على أبناء الجبل أيضاً. يجب أن يكونوا موحدين في التواصل مع الدولة وفي بناء اتفاق. لكن الدولة مسؤولة بالدرجة الأولى. يجب أن تستوعب مكونات الشعب السوري، الدولة للجميع وليست لفئة معيّنة”.

 

الفتنة في لبنان؟

أما عن لبنان، فثمة خشية لا تغيب عن كلام شيخ العقل سامي أبي المنى: أن تنفذ الفتنة السورية إلى الداخل اللبناني. في هذا السياق يقول “إذا تأخرنا عن القيام بالواجب وعن رعاية الاتفاق، فهذا سيستجلب المزيد من الدم، ومن التدخل الذي نرفضه، لكنه ربما سيحصل لأن هناك أزمة تتصاعد”.

يتحدث من موقع المسؤولية، لا من موقع المراقب، مشيرًا إلى اتصالات مكثفة تجري مع أركان الدولة اللبنانية، من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، وصولًا إلى المرجعيات الروحية الإسلامية: “كل جهودنا منصبّة على ألا تنتقل الفتنة إلى لبنان”، يقول أبي المنى، مشيرًا إلى أن “المزيد من الدماء والتحدي والتحدي المضاد، يرسلنا إلى المجهول… فعسى ألا ندخل فيه”.

 

You might also like