كتب الإعلامي ريكاردو كرم تفاصيل وجدانية عن زيارة المواطنة أماني بزي وابنتها الجريحة أسيل شرارة إلى قداسة البابا لاوون الرابع عشر ، كاشفاً :”
بين اللقاءات التي رافقت زيارة الحبر الأعظم إلى لبنان، كان هناك لقاء اختصر الرسالة كلّها: لقاء البابا مع أماني بزي وطفلتها أسيل شرارة.
أماني، تلك الأم التي فقدت زوجها وأولادها في لحظة واحدة، والتي تحوّلت مأساتها إلى قضيّة وطنيّة بما حملته من وجع وكلّلته بكرامةٍ استثنائية. وأسـيل، الطفلة التي لا تزال تحمل آثار جراحها، والتي سُمح لها بمغادرة مستشفى الجامعة الأميركية لساعات قليلة كي تقابل الرجل الذي جاء يحمل رسالة سلام إلى وطنٍ متصدّع.
كانتا هناك، تحملان صور العائلة كما كانت … قبل أن تطفئ الحرب البيت، والأصوات، والضحكات. أسيل قدّمت للبابا رسالة كتبتها بخطّ الألم والطفولة، ووعدها قداسة البابا بأن يقرأها وأن يعود إليها حين تسمح له الظروف. لحظة قصيرة وبسيطة، لكنها حمَلت من الضوء ما يفوق كل الخطب.
وفي خلال وجودي في الولايات المتحدة، كنت أتمنى وأحاول، بكل ما يستطيع الإنسان العادي مثلي فعله ومن بعيد ، أن أرى هذا اللقاء يتحقّق، لأنّني كنت أؤمن أنّ حدوثه ضروري ليس فقط لأماني وأسـيل، بل للبنان كلّه. وها هو يحصل بغضّ النظر كيف حصل … وهو يحمل معه كلّ الأسباب التي تجعلني أقول: هذا هو لبنان الذي نعرفه ونؤمن به.
هذا اللقاء لم يكن مجرّد تعزية. كان اعترافاً بإنسانية ضحايا لا تُذكر أسماؤهم في الصفوف الأولى، وبوجع عائلات تُدفن مآسيها تحت ركام السياسة. كان إعلاناً أنّ لبنان الحقيقي يسكن في هؤلاء: في أمّ مكلومة وطفلة شجاعة … لا في البروتوكول ولا في مواقع النفوذ.
حين التقت نظرة البابا بنظرة أماني وأسـيل، التقت رسالتان: رسالة أمّ لا تزال تبحث عن معنى العدل والرحمة، ورسالة رمز حيّ جاء ليقول لهذا الوطن إنّ قيمته تبدأ من حماية أضعف أهله، ومن تذكّر الذين دفعوا الثمن الأكبر.
هذه هي صورة لبنان التي نريدها: وطن يستطيع أن يرى الوجع، أن يقف إلى جانب ضحاياه، وأن يرفع قصصهم إلى الضوء … لا أن يتركها فريسة النسيان.”


