Site icon Lebanotrend

100 بناء مهدّدة بالسقوط في الضاحية

زينب حمود –

في محيط كلّ مبنى استهدفته غارات العدو الصهيوني في الشهرين الماضيين في الضاحية الجنوبية، هناك أبنية تقف على «رجل ونصف» يؤكد المهندسون أنها «تعيش آخر أيامها». يمرّ كثيرون أمام هذه الأبنية المرعبة، وبعضهم يخاطر بدخولها، رغم التحذيرات، لسحب ما تبقى من أثاث وملابس وأغراض، أو حتى للسكن، وعليه يمكن استشراف الكوارث التي يمكن أن يتسبب بها سقوط هذه الأبنية بمن فيها وعلى من حولها في منطقة مكتظة سكانياً، وخصوصاً مع حلول فصل الأمطار والعواصف وانجراف التربة. وقد كانت «فاتحة الكوارث» ضحيتان (شاب وشقيقته) كانا داخل واحد من هذه المباني المتداعية في منطقة المريجة، عندما انهار في الثامن من الشهر الجاري، يسبب تأثر أساساته بالضربات التي استهدفت أبنية مجاورة.

عمليات مسح الأضرار للوصول إلى العدد النهائي للأبنية الآيلة إلى السقوط في الضاحية لم تنتهِ بعد، إلا أنّ نقيب المهندسين فادي حنا يؤكد أن هناك «أكثر من 100 مبنى». فيما أصدر اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لائحة بـ«32 مبنى بحالة حرجة تتوزع كالآتي: 9 في حارة حريك، 8 في برج البراجنة، 6 في تحويطة الغدير، 5 في الشياح – الغبيري، 3 في الحدث، و1 في المريجة، ومن بينها مبنى في التحويطة يتساقط منه الردم، مهدداً السلامة العامة، ما يستوجب إقفال الطريق». رئيس بلدية حارة حريك، زياد واكد، من جهته، أكد لـ«الأخبار» أن هناك «أكثر من 50 مبنى سكني في الحارة يجب هدمها، وفق أرقام أولية لشرطة البلدية. ونظراً إلى إمكانياتنا المحدودة، منعنا الدخول إليها من خلال وضع شرائط صفراء وعلامات عليها أو تطويقها بحزام أمني، أما مسؤولية هدمها فتقع على عاتق الدولة ممثلة بوزارة الأشغال».
إزاء تهديد السلامة العامة، أين هي مرحلة هدم الأبنية الآيلة إلى السقوط في جدول أعمال المعنيين في الحكومة ووزارة الأشغال العامة والنقل واتحاد بلديات الضاحية ومجلسَي الجنوب والإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة والشركات التي ستلتزم أعمال رفع الأنقاض؟

مراقبة الأعمال على الأرض تشير إلى أن الأولوية لإعادة أكبر عدد من السكان إلى منازلهم عبر إزالة العوائق وفتح الطرقات وإطلاق ورش الترميم البسيط ودفع بدلات الإيواء للمتضررين. وبحسب رئيس بلدية برج البراجنة، عاطف منصور، «انطلقت المرحلة الثانية قبل أيام بمباشرة المتعهدين برفع الردم، قبل أن تبدأ المرحلة الأخيرة المتمثلة بهدم الأبنية ونقل ركامها تمهيداً لإعادة الإعمار»، ما يشير إلى تأجيل إضافي لعمليات الهدم.

من جهته، يشير وزير الأشغال العامة، علي حمية، إلى أن أعمال إزالة الركام التي انطلقت قبل أيام في أكثر من مكان في الضاحية والجنوب، وما نجم عنها من سحب الحديد والألمنيوم والخشب وغيره على مرأى البلديات، «مخالفة للقانون لأنّ إزالة الردم يجب أن تحصل بقرار رسمي، يحدد أقلّه أين يذهب الردم». وهذا القرار يجب أن يسري اعتباراً من اليوم، بعدما «حصل اتحاد بلديات الضاحية على اعتمادات بقيمة 900 مليار ليرة قبل أسبوع، وأقرّ مجلس الوزراء في جلسته اليوم (أمس) مثلها لمجلس الجنوب و500 مليار ليرة للهيئة العليا للإغاثة. كما أقرّ دفتر الشروط الذي صدر عن هيئة الشراء العام، وبذلك لا يبقى هناك أيّ عائق أمام الجهات الثلاث لتلزيم أعمال المسح وتكسير الباطون، والهدم، والفرز والنقل إلى المكبات».
وعن ترتيب الأولويات في أعمال رفع الأنقاض، يؤكد حمية أنها «لم تُحدّد بعد لأنها ترتبط بالمرحلة التنفيذية وتحددها كل جهة بالتوافق مع الشركة الملزمة»، لافتاً إلى أنّ المباشرة بالهدم قبل إزالة الركام «فكرة مهمة يمكن دراستها». وقبل اتخاذ القرار بشأن الأبنية الآيلة إلى السقوط، يبقى سكان المباني رهينة كثرة «الطباخين» من لجان كشف الأضرار التابعة لأكثر من جهة مثل اتحاد بلديات الضاحية ونقابة المهندسين ووزارة الأشغال العامة وشركة وعد، والمتعدّين على المهنة من مهندسين غبّ الطلب، و«منتحلي صفة مهندس، فيما هم بالحقيقة معلمو باطون»، بحسب حنا. وعليه، «يقع الناس ضحية تطمينات كاذبة، ويعودون إلى الأبنية المتصدعة»، كما ينقل منصور، لافتاً إلى «تضارب آراء المهندسين أثناء تقييم صلاحية البناء للسكن، ما يبقي أبنية موضع شك تستدعي رأياً ثالثاً». وفيما يرى منصور أنّ «الأجدى هدم الأبنية بمجرد ورود شكوك حول سلامتها»، يحسم حنا الجدل بأن «القرار الصالح للتنفيذ يصدر عن الجهة التي ستدفع»، تصديقاً لما يقوله المثل الفرنسي: «من يدفع يأمر… بالهدم أو البقاء».