مساعي تهميش المسيحيين والتعامل معهم كنسبة مئوية تضعهم في موقع دفاعي… (سامر الرز)

سامر الرز

 

التناقضات التي تظهر في الخطاب السياسي والاجتماعي موخراً ، تختزل الحضور المسيحي إلى نسبة مئوية في النظام السياسي، وكأن تمثيلهم لا يعدو كونه رقماً ضمن معادلة، في حين أنه كلما ارتفعت مطالب الفيدرالية أو التقسيم كحل للأزمة، يُعتبر ذلك تهديدًا للوحدة الوطنية ويُرفض بشدة، رغم استمرار تجاهل مخاوف ومطالب المجتمع المسيحي.

هذا التناقض يخلق حالة من الاحتقان وعدم الثقة بين المكونات المختلفة في البلد. المسيحيون، الذين يشعرون بأن وجودهم يتم تهميشه وتحويله إلى مجرد نسبة مئوية في تركيبة سياسية معقدة، يجدون أنفسهم في موقف دفاعي.
فهم يرون أن مطالبهم بالحقوق المتساوية أو أي صيغة تضمن لهم الحماية، مثل الفدرالية، تُقابل بالرفض السريع بحجة الحفاظ على “العيش المشترك”.

لكن هذا العيش المشترك يصبح في كثير من الأحيان شعارًا فارغًا، لأن تطبيقه على أرض الواقع لا يراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية للمكونات المختلفة، بل يُستخدم لإسكات أي مطالب بالتغيير.
ما يجعل الأمر يبدو وكأن “العيش المشترك” في لبنان هو حالة مفروضة أكثر مما هو تعبير عن شراكة حقيقية.

هذه السياسات تجعل الكثير من المسيحيين يشعرون بأنهم يُبتَزّون في مكانتهم وحقوقهم تحت ستار الحفاظ على الوحدة الوطنية، مما يدفعهم في بعض الأحيان إلى طرح خيارات مثل الفدرالية أو التقسيم كوسيلة لحماية مصالحهم والحفاظ على هويتهم.
كلّ ما سبق يعكس إزدواجية واضحة:
من جهة هناك دعوات للعيش المشترك والوحدة، ومن جهة أخرى التعامل مع الشريك المسيحي كأقلية عددية يجب أن تخضع لآليات ديموغرافية معينة. وهذا أمر لا يستقيم مع امل التوحيد الوطني وعبور الحواجز الطائفية، كما يسعى الى ذلك التيار الوطني الحر بواقعية، وليس كتلك القوى المذهبية فعلاً والمدعية شعارات “الوطنية” زوراً!

*ناشط في التيار الوطني الحر ومنسق سابق لهيئة قضاء طرابلس

You might also like