مزارعو الحشيشة خابت آمالهم: مصادرةٌ وإتلافٌ لموسم 2025

المذن- عزة الحاج حسن:

لا يمكن تسمية ما حصل في الحكومة أمس وقبلها على طاولة الهيئة الناظمة للقنب الهندي سوى بـِ “خيبة أمل” لمزارعي القنب الهندي في البقاع والشمال، بعد أن قررت الحكومة عدم السماح بتصريف محصول موسم 2025 ومصادرته وتلفه بالكامل وفق خطة رسمية، بالرغم من وعود الهيئة الناظمة لهم.

فالهيئة بشخص رئيسها جالت على المزارعين وأراضيهم قبل الحصاد، استمعت إلى مطالبهم وهمومهم وتوصّلوا إلى رؤية مشتركة لمستقبل قطاع القنب الهندي عبر قوننته وتنظيمه لما فيه مصلحة الدولة والمزارع. وذهب رئيس الهيئة الناظمة داني فاضل إلى أبعد من ذلك، فوعد المزارعين ببيع محصولهم للعام الحالي كإثبات حسن نية تجاه القطاع وتشجيعاً لهم للامتثال للقانون الذي أقر مؤخراً لتنظيم قطاع القنب. على أن يُفحص المحصول مخبرياً ويُسوّيق ما يتطابق منه مع المواصفات المعمول بها عالميا.ً

تجاوب المزارعون مع فاضل وفق ما نقل في حديث خاص إلى “المدن” في وقت سابق ووعد بتحقيق أرباح مضاعفة لمصلحة المزارعين والدولة. وأكثر من ذلك، وعد فاضل المزارعين بإطلاق المنصة الإلكترونية، التي عليهم التسجيل عبرها والتصريح عن أراضيهم وزراعتهم وبالتالي محاصيلهم، تمهيداً لقوننة مسار الترويج للقنب وبيعه.

خلافات 4 مقابل 3

غير أن تلك الوعود كانت تخفي وراءها خلافات داخل الهيئة الناظمة للقنب. فقد انقسمت الآراء بين أعضاء الهيئة بين طرفين، الرأي الأول، ويضم 4 أعضاء بينهم الرئيس دعا إلى تسوية واقعية مؤقتة تسمح بتصريف محصول القنب لموسم 2025 تحت إشراف الدولة، لتفادي الخسائر الاقتصادية والأمنية، ولتحضير الأرضية لتطبيق القانون رقم 178/2020، بدلاً من تلف المحاصيل وإهدار الجهود الزراعية.

أما الرأي الثاني ويؤيده 3 أعضاء فيرى أن محصول موسم 2025 غير قانوني ويجب تلفه أو مصادرته لصالح الهيئة، لحين استكمال الإطار القانوني والتنظيمي للزراعة والتصنيع. كما يرى أن تصريف محصول الحشيشة حالياً قد يؤدي إلى انتهاك القانون والمعاهدات الدولية ويهدد الأمن والمراقبة.

وبعد نقاشات ومحاولات من الطرفين في الهيئة لم يتفق الجانبان على رأي واحد، على الرغم من أن رئيس الهيئة كان قد أعلن نية الهيئة تسويق محصول العام الحالي عبر الإعلام أكثر من مرة في محاولة لتحقيق إنجاز أول للهيئة الناطمة.

ووفق معلومات “المدن” فإن أحد المزارعين تبرّع للهيئة بمبلغ 300 ألف دولار لإنشاء المنصة الإلكترونية ومزارع آخر تبرّع بسيارة للهيئة، وتبرع آخرون بتغطية نفقات الفحوص المخبرية وغير ذلك من النفقات. ووفق المصدر فقد تعامل مزارعو الحشيشة مع الهيئة كشريك لهم في عملية الحصاد والتسويق وإنجاح القطاع.

قرار مجلس الوزراء

ولكن تلك الآمال خابت خلال جلسة مجلس الوزراء مساء أمس، حين عُرض عليها الرأيان المتعارضان لأعضاء الهيئة حول كيفية التعامل مع المحصول، وعلى الرغم من ميل كفة التصويت لمصلحة الرأي الأول، فإن مجلس الوزراء أقر بالرأي الثاني.

فقد قرر المجلس اعتماد الرأي القاضي بعدم جواز تصريف محصول موسم العام الحالي من القنب، واعتباره غير شرعي قانوناً وواقعاً للأسباب الآتية:

-أن الزراعة جرت من دون تراخيص مسبقة كما يفرض القانون رقم 178/2020.

-أن المنتج الحالي لا يستوفي الشروط القانونية والفنية التي تنظّم زراعة القنب للاستخدام الطبي والصناعي.

-أن السماح بتصريف المحصول يخالف قانون المخدرات رقم 673/1998 والاتفاقيات الدولية التي انضم إليها لبنان، ولا سيما اتفاقية 1961 المعدّلة ببروتوكول 1972 واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1988.

-أن الهيئة غير جاهزة تنظيمياً وإدارياً لإدارة عملية التصريف أو الرقابة عليها.

تلف المحاصيل المخالفة

وأكثر من ذلك، أقر مجلس الوزراء خطة تلف المحاصيل المخالفة، وتأكيد العمل بقرار سابق له يتضمن الخطة المقترحة من رئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي، التي تنص على تلف الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة المخالفة للقانون، ضمن خطة أمنية وإدارية تنفذها الأجهزة المختصة بإشراف وزارة الزراعة والهيئة الناظمة، وبالتنسيق مع القوى الأمنية.

وفي قراره أمس كلف المجلس الهيئة الناظمة لزراعة القنب الطبي والصناعي بإعداد النصوص التطبيقية الكاملة للقانون رقم 178/2020، ورفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها، لا سيما ما يتعلق بتحديد النطاق الجغرافي المخصص للزراعة وإعداد الاستراتيجية الوطنية للقنب الطبي والصناعي ووضع الأنظمة الإدارية والمالية للهيئة وتعريفات ورسوم التراخيص وتنظيم سجل التراخيص وآليات المراقبة، إضافة إلى الإسراع في تعيين لجنة التقييم المنصوص عليها في المادة 15 من القانون، المكلفة دراسة طلبات الترخيص المستقبلية.

باختصار، قرر مجلس الوزراء رفض أي تصريف أو تسويق لمحصول الحشيشة المزروع حالياً، واعتباره غير قانوني، وأعاد تأكيد وجوب تلف المحاصيل المزروعة خلافاً للقانون، إلى حين استكمال إصدار المراسيم والنصوص التنظيمية التي تتيح الزراعة الشرعية والمراقبة مستقبلاً للاستخدام الطبي والصناعي فقط. مع الإشارة إلى أن محصول الحشيشة الحالي قد لا يوائم بمجمله المواصفات المطلوبة للتسويق الطبي. ووفق رئيس الهيئة، فإن هذا الموسم يحتوي على أجود أنواع القنب، وقد تحقّقت الهيئة من ذلك بعد إجراء فحوص مخبرية على عينات.

في المحصّلة، قرر مجلس الوزراء مصادرة المحصول وتلفه. ولا تكمن المخاطر فقط في ضياع محصول عام كامل وخسارة ما كان في الإمكان تحقيقه من مكاسب مالية للمزارع والدولة؛ إنما الخطر الأكبر في خذلان المزارعين وتخييب آمالهم التي بنوها نتيجة وعود الهيئة الناظمة باستلام محاصيلهم التي حصدوها وخزّنوها في بيوتهم، هم الذين كشفوا أراضيهم ومحاصيلهم أمام الهيئة آملين بقوننة زراعتهم وانتظامهم في القطاع والمجتمع.

You might also like