الديار: العدوان الإسرائيلي يُحاصر بحر الجنوب من صور الى الناقورة

الديار: علي ضاحي-

البحر الذي كان مصدر حياة وكرامة آلاف اللبنانيين في الجنوب، خصوصا في الناقورة وصور، أصبح اليوم ميدان خوف ومعاناة. الصيادون الذين ورثوا المهنة عن آبائهم، يجدون أنفسهم محاصرين بين الاعتداءات الصهيونية اليومية على المياه الإقليمية اللبنانية، وتراجع الثروة السمكية، وانهيار شبه كامل للمرافئ والمعدات.

ورغم محدودية البيانات الرسمية، توثق تقارير إعلامية ونقابية عدة اعتداءات صهيونية متكررة، وانتهاكات للحقوق الأساسية للصيادين، تسببت في خسائر مادية ومعنوية هائلة، وباتت تهدد مستقبل مهنة الصيد التقليدية في الجنوب اللبناني.

 

ومنذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 والإعتداءات الصهيونية على الصيادين تتكرر وبشكل دوري، ولا يكاد يمر اسبوع من دون استهداف للصيادين ومراكبهم.

 

وتشير احصاءات لنقابة الصيادين في الجنوب الى ان “نحو 13 مركبا دُمّرت أو أُصيبت بأضرار جسيمة، بعضها بات حطاما طافياً فوق الماء، والبعض الآخر يحتاج إلى إصلاح باهظ”.

 

ولكن الاعتداء الاخطر كان اختطاف الصياد البحري علي فنيش من رأس الناقورة في 4 حزيران 2025 ، حيث طوّقت 4 زوارق إسرائيلية مركبه داخل المياه اللبنانية واقتادته الى فلسطين المحتلة، ولا يزال محتجزاً حتى اليوم.

 

وفي اعتداء آخر بتاريخ 28 كانون الأول 2024، أطلقت قوات الإحتلال النار على مرفأ صيد في الناقورة، بينما صيادون كانوا يحاولون إخراج مراكبهم، ما اضطرهم للانسحاب الفوري.

 

كما نشر الاحتلال منشورات تحذيرية الى الصيادين من مرافئ صور والناقورة، تحذرهم من الاقتراب من “خط التماس البحري”، ما أدى إلى إحجام عدد كبير من الصيادين عن ممارسة مهنتهم اليومية خوفًا على حياتهم.

هذه الاعتداءات اليومية لم تقتصر على التهديد المباشر، بل كانت دائما مصحوبة بأضرار مادية للصيادين ومراكبهم، وأثرت بشكل كبير على النشاط البحري في المرافئ الجنوبية.

 

ويشير صيادون الى ان “الاقتصاد البحري في صور والناقورة شبه منهار، القليل يجرؤ على الخروج، والآخرون تركوا البحر تماماً. أطفالنا أصبحوا يشاهدون البحر من بعيد، لا يلمسونه كما فعلنا نحن”.

 

ويفيد الصيادون ان النشاط السمكي في صور تراجع بشكل كبير، حيث يقدّرون أن الثروة السمكية انخفضت بنسبة تقارب 90% مقارنة بما قبل الحرب. ويشيرون الى ان عشرات الصيادين لم يعودوا إلى البحر بعد الحرب، وأن النشاط شبه متوقف في مرفأ الناقورة، فيما تنتظر مراكب كثيرة إصلاحات مكلفة، وبعضها غير قابل للإصلاح.

 

ورغم قلة الامكانات المادية، تكثف نقابة صيادي الأسماك في الساحل الجنوبي جهودها المستمرة، وتحاول ايصال صرخة الصيادين. وتطالب عبر “الديار”، بحماية الصيادين ووقف الاعتداءات الصهيونية، وهي تهديد مباشر لأمن الصيادين ومعيشتهم، وتطالب الحكومة والهيئات الدولية بتوفير الحماية ودعم المرافئ والمعدات…

 

بدورها، تؤكد اوساط وزارة الزراعة أن “الاعتداءات المتكررة على الصيادين، تمثل انتهاكا صارخا للقوانين البحرية الدولية، وتشكل تهديدا مباشرا للثروة السمكية وللقيمة الاقتصادية والاجتماعية للقطاع”.

 

وفي الجنوب عموماً، لا يبدو المشهد اقل بكثير من الناقورة، اذ يبدو نشاط الصيد خفيفاً في معظم موانئ الجنوب. القوارب المتضررة تنتظر إصلاحات باهظة الثمن، بينما يعاني الصيادون من الخوف المستمر من الاعتداءات البحرية. البحر الذي كان مصدر رزق ومستقبلًا للأجيال أصبح “بحرا ممنوعا”.

 

التحديات الاقتصادية انعكست مباشرة على الأسر: آلاف اللبنانيين فقدوا مصدر رزقهم، وأصبحوا يعتمدون على مساعدات محدودة أو دخل غير منتظم.

وواقع الصيادين في جنوب لبنان يؤكد أن البحر لم يعد مجرد مصدر رزق، بل أصبح ساحة صراع وانتهاك يومية. الاعتداءات المتكررة، الاختطافات، إطلاق النار، المنع من الصيد، تراجع الأسماك، انهيار المرافئ ـ كل هذه المؤشرات تعكس أزمة حقيقية تهدد مستقبل مهنة الصيد في لبنان.

الإعلام يبقى الوسيلة الوحيدة لنقل صوت الصيادين، ولضغط السلطات المحلية والدولية على اتخاذ إجراءات حماية عاجلة، قبل أن يتحول البحر إلى ذكرى فقط في ذاكرة الأجيال المقبلة.

You might also like