Site icon Lebanotrend

هكذا بلع الواوي المنجل!

عماد مرمل

انطوى انعقاد الجلسة التشريعية بعد تعطيل متكرّر، على دلالات ومؤشرات سياسية عدة، من أهمّها إعادة خلط التوازنات في المجلس النيابي، بعدما افترض البعض أنّها استقرّت لمصلحته.

لم تنفع «الحرب النفسية» التي شنّتها «القوات اللبنانية» بالإضافة إلى «الكتائب» وبعض الشخصيات النيابية، في تطيير نصاب الجلسة التشريعية التي التأمت في الأمس بعد تعطيل لمرّات عدة، من دون أن يكون مشروع تصويت المغتربين للنواب الـ128 مدرَجاً على جدول أعمالها، كما كان يشترط المقاطعون للعودة عن قرارهم.

واللافت، أنّ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع اعتبر عشية انعقاد الجلسة، في محاولة أخيرة لإجهاضها، أنّ كلّ نائب يحضرها يكون عن قصد أو غير قصد قد أعطى الرئيس نبيه بري شيكاً على بياض لممارساته في المجلس، مشيراً إلى «أنّ الساكت عن الخطأ شيطان أخرس».

وبذلك، يكون جعجع قد وضع النواب الذين شاركوا في الجلسة، وهم الأكثرية، ضمن خانة «الشياطين»، الأمر الذي ولّد انزعاجاً وامتعاضاً كبيرَين في صفوف بعضهم، خصوصاً أولئك الذين حافظوا على علاقة جيدة مع معراب، وشاركوها في خيار مقاطعة التشريع طوال الفترة الماضية، قبل أن تُفرّقهم عنها المصالح المتضاربة والحسابات المتباينة.

والأكيد أنّ اكتمال النصاب التشريعي على رغم من كل الضغوط التي تعرّض لها عدد من النواب لثَنيهم عن الحضور، إنّما شكّل هزيمة سياسية لحزبَي «القوات» و»الكتائب» وحلفائهما، الذين غرّدوا خارج سرب الغالبية النيابية في مقابل انتصار ثمين للرئيس نبيه بري، الذي عَمَد بأعصاب باردة وبلا ضجيج، إلى حياكة سجادة الجلسة التشريعية وسحب البساط من تحت أقدام المقاطعين، فيما كان خصومه يكثرون من الصراخ والتهويل اللذَين لم ينفعا هذه المرّة.

كذلك، أتى انعقاد الجلسة لينسف فرضية انقلاب موازين القوى في المجلس، وتشكّل أكثرية نيابية من لون سياسي واحد فوق أرضية التحوّلات التي طرأت على الساحتَين اللبنانية والإقليمية بعد الحروب الإسرائيلية الأخيرة. إذ ثبت أنّ الغالبية لا تزال متحرّكة و«على القطعة»، وأنّ ليس بمقدور أحد الإستحواذ التام والكلّي عليها، في ظل «فسيفساء» المجلس الحالي التي تفرض اعتماد البراغماتية والواقعية في نسج التحالفات والتقاطعات.

ونجاح بري في استئناف التشريع من دون الخضوع إلى مطلب إدراج بند تصويت المغتربين للنواب الـ128 على جدول الأعمال، يبدو كحجر أصاب عصفورَين معاً: اقتراح القانون الخاص بالمغتربين المدعوم من «القوات» و«الكتائب» ومجموعة نواب، ومشروع القانون المحال من الحكومة في الإطار نفسه، ليُعيد رئيس المجلس تثبيت معادلة أنّه لا يرضخ للضغط، وأنّ مشاريع واقتراحات القوانين يجب أن تمرّ في غربال اللجان المختصة قبل أن تحطّ رحالها في الهيئة العامة.

بناءً عليه، يمكن الإستنتاج أنّ كرة ملف الانتخابات النيابية عادت إلى الحكومة التي ستكون، بحُكم الواقع الحالي، مدعوّة إلى إجراء هذا الاستحقاق وفق القانون النافذ مع ما يستوجبه ذلك من إصدار مراسيم تطبيقية، إلّا إذا تمّ لاحقاً التوافق حول تعديلات على قانون الانتخاب ضمن تسوية لن يتجاوز سقفها حدود حصر حق المنتشرين بالإقتراع في داخل لبنان حصراً.

ويعتبر قيادي في حركة «أمل»، أنّ انعقاد الجلسة التشريعية التي أقرّت مجموعة من القوانين الحيَوية، أدّى إلى إسقاط محاولة الإبتزاز السياسي التي قادتها «القوات»، بعدما اتخذت من التشريع رهينة في مقابل إقرار مطلبها المتصل باقتراع المغتربين خارج مسار الأصول، لافتاً إلى أنّ الجهات التي أصرّت على الاستمرار في المقاطعة والتعطيل عزلت نفسها، وبدت مثل «الواوي اللي بلع المنجل» وفق أحد الأمثال الشعبية.