Site icon Lebanotrend

ما علاقة الحرب الإسرائيلية – الإيرانية بالسلاح الفلسطيني في لبنان؟

بولا أسطيح-

خلطت التطورات الكبرى التي تشهدها المنطقة، خصوصاً الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، كل الأوراق في الداخل اللبناني، وجمّدت البتّ في عدد من الملفات، لعل أبرزها ملف تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات؛ العملية التي كان يفترض أن تبدأ الاثنين من مخيمات بيروت.

الجنوب أولاً

ووفق مصادر رسمية، فإن الجهات الفلسطينية المعنية في لبنان لم تُبلّغ حتى الساعة بأي تعليمات، سواء من القيادة في رام الله، ومن الأجهزة الأمنية اللبنانية، بخصوص تسليم السلاح الموجود في أي مخيم خلال الأيام المقبلة. وأكدت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك لا يعني تجميد الملف، إنما انتظار حلحلة بعض الشؤون الداخلية الفلسطينية التي تجري معالجتها. وتضيف المصادر: «الفصائل طلبت مهلة قبل بدء تسليم السلاح في مخيمات بيروت، وقد تم التفاهم على البدء بمخيمات الجنوب الواقعة ضمن منطقة عمليات القرار الدولي (1701)، على أن ينطلق التسليم من منطقة صور بمخيم البص، يليه الرشيدية، فالبرج الشمالي»، مشددة على أن «التنفيذ سيكون على مراحل، ومن دون مهل محددة».

الأحمد مجدداً في بيروت

ومن المنتظر أن يعود عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» المشرف على الساحة اللبنانيةـ عزام الأحمد، إلى بيروت في الأيام المقبلة على رأس وفد أمني لاستكمال البحث في آليات التسليم وباقي التفاصيل، وفقاً لمصادر لبنانية.

وكان الأحمد مكث أياماً في لبنان قبل عيد الأضحى لمحاولة حلحلة بعض الخلافات التي نشبت في حركة «فتح» على خلفية هذا الملف، كما أجرى مباحثات مع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية والجهات الرسمية المعنية بالملف.

أبعاد إقليمية – دولية

ويؤكد مدير «مركز تطوير للدراسات»، الباحث الفلسطيني هشام دبسي، أنه «لا يوجد أي تجميد للبحث في ملف سحب السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية، بل على العكس، جرى بحث هذا الملف سياسياً في المقام الأول، وكان يُنتظر إنضاج خطة الدولة اللبنانية للتنفيذ بناءً على موقف فلسطيني رسمي أبدى جاهزيته للاستجابة للمبادرة اللبنانية».

وأضاف: «على الرغم من ذلك، فإنه لا يمكن اختزال ملف السلاح الفلسطيني في أنه قضية تقنية أو مجرد مسألة ثنائية بين الجانبين الفلسطيني واللبناني. فهذه المسألة لها أبعاد إقليمية ودولية، ونحن، منذ اللحظة الأولى، ندرك أنه لا يمكن فصل هذا الملف عن مسار المفاوضات الأميركية – الإيرانية بشأن الملف النووي؛ لأن استقرار الأمور في لبنان مرهون إلى حد كبير بمآلات هذا المسار».

سياق إقليمي ودولي

وتابع دبسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل من كان يلوم الدولة اللبنانية على التريث، أو ينتقد موقف القيادة الفلسطينية، أصبح اليوم يدرك أن المسألة أوسع من مجرد قرار محلي. الصراع الإقليمي، خصوصاً بين إسرائيل وإيران، جزء أساسي من المشهد الحالي. ومن هذه الزاوية، يمكن فهم موقع السلاح الفلسطيني في لبنان ضمن السياقين الإقليمي والدولي. فما نشهده اليوم من تصعيد، خصوصاً من جانب إسرائيل، يشكل سبباً إضافياً لتأجيل (المؤتمر العربي – الفرنسي – الدولي)، الذي كان يهدف إلى دعم مسار الدولة الفلسطينية».

ويرى دبسي أن «هذه التطورات المتسارعة دفعت جميع الأطراف إلى إعادة النظر في خططها العملية. ولكن، إعادة النظر لا تعني التراجع عن الموقف السياسي الذي جرى الاتفاق عليه، كما ورد في البيان الرئاسي المشترك بين الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني العماد جوزيف عون».

وكان عون وعباس قد أكدا ببيان مشترك بعد اجتماع بينهما في بيروت خلال مايو (أيار) الماضي، التزامهما مبدأ حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية. ووفق البيان المشترك، فقد أبدى الجانب الفلسطيني التزامه عدم استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات عسكرية، وتعزيز التعاون لضمان عدم تحوّل المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى «ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة».

وتلا ذلك انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، بدعوةٍ من رئيس «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني»، السفير رامز دمشقية، وحضور رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، وجرى الاتفاق على بدء الخطوات العملية في منتصف يونيو (حزيران) الحالي.

ويشير دبسي إلى أنه «من المتوقع أن يصل الوفد الفلسطيني إلى لبنان خلال اليومين المقبلين لاستئناف العمل. لكن استئناف العمل لا يعني بالضرورة التنفيذ الفوري، فذلك مرتبط بقرار الدولة اللبنانية. فإذا رأت أن الوقت مناسب للبدء بالتنفيذ، فإن الجانب الفلسطيني لا يمانع وسيستجيب لهذا القرار… فاللحظة السياسية هي التي تحكم».

اعتراضات «تمت» معالجتها

وعما يجري الحديث عنه من انقسامات داخل «فتح» بسبب هذا الملف، يؤكد دبسي أنه «لا يوجد انقسام داخل الحركة، إنما كان هناك بعض الاعتراضات من عدد من الكوادر، انطلقت من مصادر وخلفيات مختلفة. فبعضهم عبّر عن تحفظه من منطلق سياسي؛ إذ ما زال يؤمن بضرورة التمسك بالسلاح، فيما اعترض آخرون بدافع عدم إشراكهم في صناعة قرار بهذه الأهمية، سواء من منطلق تنظيمي، وعلى خلفية شعور بالإقصاء أو التهميش. وهناك أيضاً من رأى في القرار نوعاً من التسرع أو الاندفاع في لحظة سياسية معقدة، مليئة بالتحديات والمنعطفات الحادة».

وأكد أن «هذه الاعتراضات تمت معالجتها بشكل مسؤول من خلال الوفد الفلسطيني الذي قدم من رام الله، وأُعيدت صياغة الأمور الداخلية بما ينسجم والمصلحة العامة. وقد صدرت قرارات متعددة تتعلق بإعادة ترتيب أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية والسفارة الفلسطينية في بيروت وحركة (فتح) نفسها».

ويتوزع الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان على 12 مخيماً رئيسياً، معظمها خارج سيطرة الدولة اللبنانية، وتسيطر عليها فصائل أبرزها «فتح» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية».

أما خارج المخيمات، فكانت تنشط فصائل تاريخية مدعومة من النظام السوري، أبرزها «القيادة العامة» و«الصاعقة»، التي فقدت معظم مواقعها وتراجع نفوذها بعد سقوط النظام السوري، فقد عمد الجيش اللبناني إلى تفكيك جميع القواعد العسكرية خارج المخيمات.