Site icon Lebanotrend

ماذا بعد الخميس وانتخاب الرئيس ؟ (نقولا الشدراوي)

مما لا شك فيه أن انتخاب رئيس للجمهورية يبعث على الأمل مجدداً، في إعادة ترميم المؤسسات السياسية في لبنان، تمهيداً للحفاظ على وحدته الكيانية واستقلاله النسبي ، بعد سلسلة من الأزمات استهدفت تغيير التوازنات السياسية القائمة فيه، وبدأت على الأرض في 17 تشرين 2019 ، بوجهها المصرفي والمالي والإقتصادي لإحداث التغيير السياسي المنشود ، عبر إسقاط لم يحصل لرئيس الجمهورية آنذاك العماد ميشال عون، فاستمرّ إلى نهاية ولايته في أواخر تشرين 2022، وعبر انتخابات نيابية مبكرة لم تحصل ، إنما حصلت في موعدها في صيف 2022 ولم تؤدّي إلى حصول التغيير المطلوب للإطباق على الواقع السياسي القائم في لبنان ، والمترنّح إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في سوريا بفعل العقوبات وتداخل النفوذ الإقليمي الإيراني التركي الإسرائيلي ، والدولي الروسي الأميركي .

لاحت الفرصة مجدداً لتغيير الموازين بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين 2023، وما أحدثته من خطر وجودي على كيان دولة إسرائيل ، الأمر الذي برّر لآلة الحرب العسكرية الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي ، الرد غير المتناسب على قطاع غزة وعلى لبنان وسوريا، بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة والممنوعة دولياً دون الالتفات إلى أي من المبادئ والحقوق الإنسانية أو المواثيق والأعراف الدولية والأخلاقية ، وذلك لتحقيق عدة أهداف :

أولاً : لمنع وردع أي تهديد مستقبلي للكيان الإسرائيلي

ثانياً : لقلب ميزان القوى السياسي القائم في لبنان بعد فشل محاولة 2019

ثالثاً : لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا وإعادتها إلى بيت الطاعة في تموضعها السياسي ، تحت طائلة تحريك النعرات المذهبية في الجنوب عبر التوغل وبسط السيطرة العسكرية في الجولان ومحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء ، ولاحقاً في الساحل السوري ، إذا لزم الأمر ، وفي شمال شرق سوريا .

رابعاً : لاستكمال القضاء على الممانعة في اليمن والعراق وإيران سلماً أو حرباً بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني 2025.

في هذا السياق ، حصلت الإنتخابات الرئاسية في لبنان، كبند وارد في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر تحت الإختبار لمدة 60 يوماً ، وبإشراف وضغط دولي وإقليمي مباشر ودون قفازات ، ومن دون أي اعتبار للسيادة والدستور .

حسناً أيها اللبنانيون ،
ماذا بعد ؟
قد يفضّل بعضكم الوصاية الخارجية بعد اختبار عقم معظم الطبقة السياسية
وقد يفضّل بعضكم تجاوز السيادة الوطنية والدستور لعلها تكون فرصةً لإصلاح الأمور

وقد ” لا تكرهون شيئاً لعله خَيْرٌ لكم ” ، بعد فشل النظام في الوصول إلى الإستقرار السياسي المطلوب في كل الدول ومن كل الشعوب .

لكن حذارِ ،
فإذا فشلتم هذه المرة في إيجاد القواسم المشتركة للعيش سويةً بسلام واستقرار ،
في وطن واحد موحّد ومُحَيّد عن صراعات المحاور ،
فإن حدود سايكس بيكو ليست مقدسة ،
ولبنان الكبير ، بعد أن تجاوزَ عامه ال 100 ، قد لا يبقى كبيراً ،
وإن لم تتعلموا بعد أن تضبطوا أنانيتكم الشخصية والفئوية والمذهبية والطائفية من أجل الخير العام ،
ومن أجل استقرار لبنان،
لن يكونَ لكم سلام
ولن يكونَ لكم لبنان .