في زمنٍ تتبدّل فيه المواقف كما تتبدّل الفصول، ويبادر كثيرون إلى القفز من مركب إلى آخر بحثًا عن مصلحةٍ أو مكسبٍ سريع، يبقى جبران باسيل ثابتًا في موقعه، متمسّكًا بخياره، مؤمنًا بأنّ الوطن لا يُبنى بالهروب، بل بالثّبات والمواجهة.
وها إنّ المشهديّة السّياسيّة تشهد منذ العام ٢٠١٩ هجمةً مدروسةً ومقصودةً، سياسيّة وإعلاميّة وإجتماعيّة بحقّ رئيس التيّار الوطني الحرّ النّائب جبران باسيل.
هي حملة بدأت أصلًا منذ بروزه في عالم السّياسة إلّا أنّها، ومنذ ال ٢٠١٩ ارتدت رداء الثّورة لتتغطّى به وإذ بها تكشف عن عوراتٍ كثيرةٍ.
لماذا قرّر احتمال كلّ ذلك؟ لمَ لَم يترك كلّ شيء ويتبعهم؟
١- لأنّ ما يربطه بهذا الوطن وبالتيّار الوطني الحرّ ليس مجرّد انتماء سياسيّ، بل التزام عميق بقضيّةٍ وجوديّةٍ: قضيّة الحفاظ على الكيان، الكرامة والقرار الحرّ.
٢- لأنّ باسيل آمن منذ البداية أنّ أيّ إنجازٍ حقيقيٍّ لا يولد من الصّدف، بل من العمل والمثابرة. لذلك، لم تُغرّه الوعود الفارغة ولا التّحالفات المؤقّتة، فاختار طريق التّعب والجدّ ومشاها ولا يزال بدون كلل أو ملل. فمن يسعى لبناء دولة لا يمكن أن يبنيها على الرّمال أو على المساومات بل على أرضٍ صلبة وعلى وفاق.
٣- كما لم يتراجع مرّةً عن قرار أو مواجهة لأنّه صاحب كفٍّ نظيف وماضٍ ناصع، لا يخاف من الضّوء ولا من المحاسبة، يواجه بصلابة الّذي يعرف أنّه لم يمدّ يده إلّا لخدمة النّاس والوطن. لا تهمّه الاتّهامات لزيفها وعدم قدرة أيّ كان نقلَها إلى النّور. وما في الظّلمة لا يمكن أن يكون سوى كذب وافتراء.
٤- وأيضًا لأنّه في زمنٍ فسَد فيه كثيرون، كان وسيستمرّ المثال لمن يمارس السّياسة بأخلاقٍ ومسؤوليّة.
٥- ولا يمكن أن ينسى أيّ كان بأنّه يتميّز بقوّةٍ وعزمٍ في قدرته على مواجهة الجميع بثقة وجرأة، لأنّه يعرف الملفات، ويدرك المخالفات، ويملك الجرأة على قول ما يخاف الآخرون من قوله وعلى تسمية كلّ واحد بما يليق به من تسميات.
٦- هو لا يسير خلف أحدٍ لمجرّد أن يرضى عنه هذا الطرف أو ذاك، لأنّ قناعاته لا تُشترى ولا تُستعار، بل تُصنع من وعيٍ وتجربةٍ واحتكاكٍ مباشر مع النّاس والحقائق. هو الّذي عند كلّ زيارة لأيّ مكانٍ يتوافد إليه من يرون فيه الصّدق والإصرار والعزم ويستضيئون من نير أفكاره وخططه.
جبران باسيل لم يترك كلّ شيء ويتبعهم، لأنّه بكلّ بساطة لا يشبه الآخرين فكلامه إمّا لا وإمّا نعم لا رماديّة في كلامه.
لا يكتفي بالشّعارات إنّما يترجم المواقف إلى أفعال ويحوّل الأفكار إلى مشاريع واقعيّة.
لذلك، يبقى حضوره ثقيلاً على من اعتادوا المظاهر بدل الجوهر، والادّعاء بدل الإبداع.
وما لا يدركه خصومه أنّ في ثباته عنادَ المُصلح، لا كبرياء السّياسيّ.
هو يعرف أنّ التغيير لا يأتي بين ليلةٍ وضحاها، وأنّ من يريد فعلاً أن يبني دولة القانون والعدالة، عليه أن يصمد أمام الرّياح، لا أن يختبئ خلفها.
لذلك، لم يترك جبران باسيل كلّ شيء ويتبعهم لأنّه ببساطة من القلائل الّذين ما يزالون يؤمنون بأنّ السّياسة ليست مصلحة واحد على حساب مجموعة بل رسالة عمل وصبر وثبات على الخطط الهادفة.
ألم يكن ليكون بحال أفضل وحياة أكثر رفاهيّة لو تركنا وترك القضيّة والوطن ومشى وراءهم؟
طبعًا لكان كذلك، لكنّه لن يكون عندها “جبران” والقضيّة والتيّار.

