Site icon Lebanotrend

عندما تحولت “١٧ تشرين إلى نكبة”… سامر الرز

١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، إنّه ذلك التّاريخ الأسود، وسواء اعتُبر ثورة أو نكبة، كان من دون شكّ نقطة تحوّل تاريخيّة في لبنان، حيث كشفت هذه الأحداث مدى هشاشة النّظام السّياسيّ والاقتصاديّ الّذي كان قائمًا.
واليوم، وبعد مرور خمس سنوات، يمكن تحليل الجوانب المختلفة لتلك المرحلة وما تبعها، بما في ذلك الأهداف الحقيقيّة وما نتج عنها.

أوّلًا- في الاقتصاد :

١- الضّغوط الماليّة بالإضافة إلى إضرابات الموظّفين الّتي زادت من تدهور الأوضاع. ولن ننسى حملة “مش دافعين” الّتي أدّت إلى انخفاض حادّ في إيرادات الدّولة الماليّة.

٢- ضرب الدّولة ومؤسّساتها، فقد كان جليًّا استهداف القطاع العامّ وتأثيره المدمّر على أداء الدّولة.
ولقد أدّى ذلك إلى شلل في المؤسّسات وإلى تدهور الخدمات العامّة ممّا أدّى إلى عبءٍ إضافيٍّ على المواطن.

ثانيًا- في الأمن:
١- لقد تعرّضت الدّولة لشلل شبه كامل في المؤسّسات الأمنيّة من خلال تعطيل القطاع العامّ (لقد أصبح راتب العسكري لا يتعدّى ال ١٠٠ دولار).

ثالثًا- في التّربية والتّعليم:
١- على غرار القوى الأمنية من ناحية قيمة الرواتب التي انهارت، نضيف اليها حملات مشبوهة عبر حثّ الطلّاب على عدم الدّخول إلى صفوفهم للتّعلّم والنّزول إلى الشّارع لقطع الطّرقات.
٢- تهريب الأموال وضياع الودائع الّتي أدّت إلى أزمة ثقة في القطاع المصرفي، والّتي كانت من أبرز تداعيات تلك الفترة. لقد قام السّياسيّون وأصحاب النّفوذ بتهريب الأموال إلى الخارج، واحتجاز أموال المودعين ممّا أدّى إلى انهيار النّظام المالي في لبنان.

٣- تدهور سعر الصّرف والانهيار المستمرّ للّيرة اللّبنانية أمام الدّولار الأمريكي ” من ١٥٠٠ للدولار إلى ما يزيد على ٩٠ ألفًا ” والّذي أدّى إلى تضخّم هائل، حيث ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، ممّا جعل حياة النّاس صعبة للغاية.
ومن اللّافت أنّ الاحتجاجات لم تستمرّ بشكل جادّ بعد انهيار سعر الصّرف، وساد صمت شبه مطبق ، الأمر الّذي طرح تساؤلات حول جدّية الحراك ومطالب ما يسمّى ” الثوار “.

ثالثًا- في السّياسة:
كانت هناك حملة منظّمة تهدف إلى زعزعة الاستقرار عبر قطع الطّرقات وإثارة الفوضى.

ولا ننسى شعار “كلن يعني كلن” وتوظيفه سياسيًّا.
والّذي كان يهدف ظاهريًا إلى تحميل جميع المسؤولين مسؤوليّة الانهيار.
ولكن مع مرور الوقت اتّضح أنّ التّركيز كان منصبًّا على استهداف الرّئيس ميشال عون وجبران باسيل بشكل خاص. لقد أخذ الحراك طابعًا انتقائيًا وطرح تساؤلات حول ما إذا كان الهدف الفعليّ هو إسقاط النّظام بكامله أو تصفية حسابات سياسيّة.

٤- إستخدام الفوضى كوسيلة ضغط:
إنّ قطع الطّرقات وتعطيل الحياة العامّة بشكل متكرّر كان له تأثير سلبيّ على الاقتصاد والحياة اليوميّة للمواطنين، فأدّى ذلك إلى تراجع التّأييد الشّبي للحراك، خاصّة مع تزايد الشّكوك حول الجهة الّتي تقف وراء الفوضى والأجندات الّتي كانت تسعى لتحقيقها.

وهنا تأتي الخلاصة:

قد تكون 17 تشرين احتجاجا بالمعنى الشّعبي، وربما كانت تمثّل إنتفاضة عفويّة على الأوضاع المتردّية، ولكنّها تحوّلت مع مرور الوقت إلى نكبة بسبب الاستغلال السّياسي، وغياب الرّؤية الواضحة لدى بعض القيادات والأحزاب الّتي ركبت الموجة لتحقيق مكاسب ضيّقة.
نتيجة ذلك حصل انهيارٌ أكبر وسيطر شعور خيبة الأمل بين المواطنين الّذين اكتشفوا أنّ التّغيير الحقيقيّ لم يتحقّق، وأنّ المشهد السّياسي عاد إلى ما كان عليه إن لم يكن أسوأ.

سامر الرز.