في وقت يتراوح وقف النار بين المراوغة الإسرائيلية والتغاضي الأميركي، يبقى لبنان تحت النار الإسرائيلية من الجنوب إلى البقاع مروراً بالجبل، فيما يهجسُ الوسط السياسي والشعبي بمخاطر تحوّل الإحتكاكات ومشاعر الإحتقان، إلى فتنةٍ تستدعي دوراً كاملاً للدولة وقواها العسكرية والأمنية، منعاً لتكرار مشاهدَ سوداء لا يتمناها إلا أصحابُ رهانات الدم والإقتتال الداخلي.
وفي أول خطاب له كأمين عام خلفاً للسيد حسن نصرالله، جمع الشيخ نعيم قاسم بين التعبئة والعقل، فاتحاً نافذة لوقف الحرب، لكن على قاعدة ألا يتضمن ذلك انصياعاً للشروط الإسرائيلية. وقد أكد قاسم أن حزب الله متمسك بوقف للنار ولكن وفق الشروط التي يراها مناسبة، وبالتالي ليست تلك التي تسعى إسرائيل لفرضها. وقد أعاد قاسم خطاب التطمين لقاعدة “الحزب”، مشيراً إلى ملء الفراغ في المسؤوليات القيادية، لافتاً إلى أنه برنامجه هو مواصلة مسيرة السيد نصرالله.
أما في التحركات والمواقف، فلا شيء جدياً لوقف النار يعوّل عليه، باستثناء التسريبات من هنا أو هناك. هذا وأكدت واشنطن من خلال وزارة الخارجية، على ما وصفته ب”حق إسرائيل” بمتابعة تحقيق أهدافها، لكن على قاعدة “عدم التسبب بضرر للمدنيين”.
لكن في الواقع والميدان، كانت إسرائيل ترتكب مجدداً أبشع المجازر في مدينة بعلبك وقراها، في وقت عمدت إلى تهجير أهلها وأهل دورس وقرى مجاورة، مما خلقَ مشهداً مأساوياً لطوابير نزوح الأهالي، الذين اتجهوا إلى عرسال وشمال لبنان وبيروت عبر طريق زحلة. هذا وكان استهداف “فان” على طريق عاريا – عاليه صباح اليوم، زاد من القلق خاصة بعد معلومات عن العثور على ذخائر وأسلحة.
بالتوازي، أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تأكيد مواقفه الرافضة لأي تنازلات لبنانية، مشيراً في معرض نفيه كل ما يشاع من خارج ما اتفق عليه مع هوكستين، إلى أن «ما كُتب قد كُتب ولسنا بوارد تغيير ولو حرفاً واحداً في القرار 1701». وقال في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” “إن الوسيط الأميركي لم يأتِ على ذكر القرار 1559 أو إحلال قوات متعددة الجنسية مكان قوات الطوارئ الدولية”.
وعلى الخط السياسي، وتحديداً لجهة مبادرة التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل إلى التحرك لإجهاض مخططات الفتنة، واصلت وفود من “التيار” الزيارات لرؤساء الأحزاب من ضمن مساعي تثبيت دور الدولة في مواجهة أي احتمالات للفتنة.
وفي هذا الإطار زار النائب سيزار أبي خليل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، موفداً من رئيس التيار النائب جبران باسيل، وسلمه كتاباً من باسيل حول تفعيل دور الأجهزة العسكرية والأمنية في الحفاظ على الأمن ومنع الإشكالات والفوضى التي يمكن تؤدي إلى فتنة، وتمّ التطرّق إلى أوضاع النازحين اللبنانيين في مختلف المناطق. كذلك زار وفد من التيار أمين الحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب وسلمه كتاب باسيل، وقد ضم وفد “التيار” عضو المجلس السياسي وليد الأشقر ومسؤول العلاقات مع الأحزاب رمزي دسوم.