Site icon Lebanotrend

سنة جديدة وحلول جديدة (حبيب البستاني)

وأخيراً سيمر العام القديم وينقضي معه عام الخيبات والخسائر والضحايا، عام وكما يقول اللبنانيون ينذكر وما ينعاد، فلم تبق مصيبة إلا وحلت بالبلد وكأننا كنا نعيش كابوساً كنا متخوفين من أن لا ينتهي أبداً، حتى إننا بتنا لا نصدق أن سنة جديدة ستحل علينا وأننا سنشهد بزوغ ال 2025. نعم إنها الحقيقة المرة مع ما تحمله من مآسٍ ومصائب، من الحرب المدمرة التي شنها العدو الصهيوني علينا إلى المشاكل الاقتصادية والمالية إلى الأزمة السياسية التي أرخت بظلالها على يومياتنا، فبات اللبناني ينام على مصيبة ليصحو على مصيبة أكبر. وبغض النظر عما حدث في الإقليم من متغيرات أطاحت بأنظمة وأتت بأخرى والتي ترافقت مع تغيير وجه المنطقة ليتغير معها وجه الشرق، والذي نأمل أن يكون تغييراً نحو الأفضل، هذه تمنياتنا التي تبقى في إطار التمنيات ففي هذه الأمور العلم عند الله فوحده القادر على رؤية المستقبل أمشرقاً كان أم قاتماً. وإننا إذ نكتفي بهذا القدر من الحديث عن الإقليم وكما يقول المثل “اللي فينا بيكفينا” فإننا بتنا اليوم أكثر من أي يوم مضى بحاجة إلى الحديث عن أنفسنا والاهتمام فقط بمشاكلنا، وإذا كان صحيحاً من أن مشاكل المنطقة ومتغيرات الإقليم سيكون لها وقعها وتداعياتها على الداخل اللبناني، فإن الجميع مطالب بان لا يستجلب مشاكل الخارج إلى الداخل وذلك أياً يكن هذا الخارج عدواً كان أوصديقاً، أو يقع في منزلة بين المنزلتين بحيث بتنا لا نميز من منهم الصديق ومن منهم العدو، فكم من صديق يدعي مد يد العون لنا ولكنه في الحقيقة لا يضمر لبلدنا إلا الشر. وهكذا بتنا بأشد الحاجة إلى الإيمان بقدراتنا والاتكال فقط على ذواتنا، والمثل الذي يردده أجدادنا منذ فجر الاستقلال وحتى يومنا هذا من أن “زوان بلادك ولا قمح الصليبي”، علماً أننا نملك من الثروات والخبرات أضعاف أضعاف مما يمكن لأي كان من تقديمه إلينا، وهنا نشير إلى تحول لبنان إلى دولة نفطية وغازية في العهد الماضي، وبالتالي فإن العمل على استخراج هذه الثروات الدفينة وتسويقها في السوق العالمي، من شأنه انتشال لبنان من كبوته وإعادة إعماره وحل مختلف المعضلات الاقتصادية والمالية التي نتخبط فيها.
بداية عام وبداية أمل
وإذا كان العام الجديد يبدأ في الأول من يناير فيحتفل اللبنانيون به كما سائر دول العالم أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات، فإن بداية أمل اللبنانيين بانبلاج فجر جديد يبدأ في التاسع من يناير، وهو كما بات معلوماً التاريخ المحدد لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد أكثر من سنتين وشهرين من الفراغ في سدة الرئاسة، هذا الفراغ الذي كان قاتلاً بكل المفاهيم بحيث فرغت معه كل المؤسسات الدستورية في السلطة التنفيذية، فكان البلد كله يدار بالوكالة وانتفى معه وجود حكومة شرعية أصيلة غير منقوصة الصلاحية لتقرر وتأخذ القرارات الصعبة، وهكذا كانت القرارارات تتخذ على الواقف بمعنى أنه لا مجلس وزراء شرعي كان يجتمع ولا من يحزنون، وكأن النظام الجمهوري الديمقراطي تحول إلى نظام مجلسي لم يكن من شرعي فيه سوى المجلس النيابي، الذي لا يمكن أن يتحدد دوره إلا بالتشريع، وهو لا يمكنه أخذ القرارات أو التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وغيرها من الأمور المنوطة حصراً برئيس الجمهورية الرئيس الأول للسلطة التنفيذية. وقد أدى ذلك إلى فراغ في مختلف الإدارات والمؤسسات واصبحت المراكز تملأ إما بالتمديد وإما بالإنابة، وهذه كلها أفعال لا دستورية بحيث أنه عند غياب الأصيل فما من بديل يمكنه ملء الفراغ بغض النظر عن اجتهادات “غب الطلب”.
بازار الترشيحات
لم تتبدل كثيراً بورصة الترشيحات، بحيث أن الأسماء المتداولة بقيت هي هي وذلك بغض النظر عما يروج الإعلام لهذا المرشح أو ذاك، وبغض النظر عما يريده العريس وأهل بيته والحاشية من المصفقين الذين لا يرون من هذه المناسبة إلا سبيلاً للربح، وكما يقال بالدراج “هي فيلة” وكل من يريد الاستفادة طبعاً المادية فليدلي بدلوه وليذكي هذا الإسم أو ذاك. وهكذا أصبح كل من ينتمي إلى الطائفة المارونية مؤهل للترشح، وإذا كان صحيحاً أن كل ماروني مؤهل للترشح ولكن ليس كل ماروني مرشح للانتخاب ولكي يكون رئيساً فلا يكفي أن يكون المرشح “أبوملحم”، أو يدعي أنه لا يشكل تحدياً لأحد. وهنا لا بد من أن يحظى أي مرشح بدعم كتلة وازنة أو أكثر وأن تكون حظوظ وصوله مقبولة، فالقصة مش قصة دبكة كما يريد بعضهم أن تكون وكذلك ليست “لما ليس أنا؟”. وهكذا يتبين أن حظوظ الأمنيين بالإضافة إلى زياد بارود وعساف إذا حظي بدعم واضح فرنسي تتقدم على سواها مع أفضلية لمن ليسوا بحاجة لتعديل دستوري، إذ إن تأمين الثلثين أي 86 صوتاً ليست بالأمر السهل. من هنا ونظراً لدقة المرحلة وضرورة انتخاب رئيس في التاسع من يناير، أصبح من الضروري أن يصار إلى سحب الأسماء التي ليس لها حيثية أو نصيب وذلك كي يتمكن لبنان من انتخاب رئيس للجمورية يحمل معه الحلول في العام الجديد. وكل عام وأنتم بخير.
حبيب البستاني-كاتب سياسي