الديار: كمال ذبيان-
سقطت كل الذرائع والتبريرات من امام عودة النازحين السوريين من لبنان، والذين قدموا اليه كما الى دول اخرى، لا سيما المجاورة منها لسوريا، تحت عنوان امني بسبب الاحداث التي اندلعت في اذار 2011، بقيام تحرك المعارضة ضد النظام السوري، التي بدأت سلمية وتحولت الى عسكرية، وظهور مجموعات ارهابية متطرفة تكفيرية. فتحولت سوريا الى ارض مواجهات بين السلطة فيها و»الثوار»، فدخلت دول في الحرب على سوريا، حيث شاركت ايران وروسيا وحلفاء لهما الى جانب النظام السوري السابق، ووقفت اميركا وتركيا ودول عربية الى جانب «الثورة السورية»، واستخدمت في المعارك الاسلحة الثقيلة والطيران والكيماوي، مما ادى الى نزوح كثيف وصل الى نحو 8 ملايين داخل سوريا، و5 ملايين خارجها، كان نصيب لبنان نحو اكثر من مليوني نازح.
ومع سقوط النظام السوري، ووصول سلطة جديدة برئاسة احمد الشرع، فان الذريعة السياسية والامنية سقطت، وبات النازح السوري يعود آمناً الى بلاده، وهذا ما كان مسؤولون واطراف سياسية لبنانية يؤكدون عليه، بدعوتهم لعودة النازحين السوريين، لكن قوى سياسية وحزبية لبنانية، وبعض اطراف في السلطة اللبنانية، كانت تطالب بالعودة الطوعية، وهذا ما خلق انقساما لبنانياً.
ولم يتراجع عدد النازحين الى لبنان بعد سقوط النظام السابق، لا بل زاد لاسباب اقتصادية واخرى امنية تتعلق بالاحداث الطائفية التي وقعت في الساحل السوري، كما في مدن جرمانا وصحنايا والسويداء، دون ان تظهر من النازحين نية للعودة، سوى من بعض قلة لا يتعدون العشرات. كما توقفت المساعي لعودتهم، وهي تحصل موسمياً، وفق ما يؤكد مصدر نيابي متابع للملف، الذي اعاده الى الواجهة «التيار الوطني الحر» الذي عقد رئيسه جبران باسيل مؤتمراً صحافياً، وصف فيه النزوح السوري بالاحتلال البشري وربطه بالانتخابات البلدية، لدور البلديات في ضبط النزوح اللاشرعي. في وقت بدأت دوائر الامن العام تتشدد في الدخول، والجيش اللبناني يراقب الحدود الشمالية والشرقية ويمنع التسلل ويوقف متسللين ومسهلي دخولهم.
من هنا، فان قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، بطلب من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، ودعوة الشرع الى الرياض للقاء ترامب، اعطى لبنان ورقة قوية تساعده في طلب عودة النازحين السوريين غير الشرعيين، وتنظيم وجود الشرعيين منهم.
ويعوّل لبنان على دور اميركي في مساعدته لعودة النازحين السوريين بعد رفع العقوبات، بطلب من السلطة السورية التعاون مع لبنان في هذا المجال، اضافة الى التواصل مع الاتحاد الاوروبي الذي يمول النازحين في لبنان، ونقله الى سوريا بما يسرّع عودتهم.
وفي هذا الاطار، يؤكد عضو «كتلة لبنان القوي» النائب غسان عطالله لـ»الديار»، بانه لم يعد من اسباب لبقاء النازحين السوريين في لبنان، لا سيما الغير شرعيين، فزال السبب السياسي مع سقوط النظام السابق، ومعه انتفى السبب الامني، وحصل اعتراف واسع بالسلطة الجديدة، وكانت آخر الاجراءات رفع العقوبات الاميركية عن سوريا، وهذا ما يتيح للبنان ان يطالب بعودة النازحين دون تباطؤ.
وعلى الدولة ان تتخذ موقفا واضحا من هذا الموضوع الخطير على مستقبل لبنان، يقول عطالله، الذي يكشف عن المخاطر التي يشكلها النازحون مستقبلاً، بعد ان تحول من كانوا فتيانا عند نزوحهم واصبحوا شبانا، الى مهن يعمل بها لبنانيون شكلوا الطبقة الوسطى، مثل تصليح السيارات من ميكانيك وكهرباء وحدادة وغير ذلك، اضافة الى مهن اخرى.
ودعا الى موقف وطني لبناني جامع بشأن النزوح السوري، والخروج من «النكد السياسي»، فقد بات في يد الدولة كل الحجج والاثباتات التي تواجه بها كل من يعارض عودة النازحين السوريين، لا سيما من دول تدعم وجودهم المالي في لبنان، الذي لم يعد بامكانه تحمل هذا العبء الثقيل، بحيث تزداد الجرائم على مختلف اشكالها، اضافة الى الولادات التي فاقت ربع مليون طفل ، بعضهم بات يقترب من سن الشباب. وهؤلاء تأقلموا مع الواقع اللبناني، وقد يصبحون جزءاً من نسيجه الاجتماعي، وتتغير تركيبة المجتمع اللبناني.
كما دعا عطالله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة ومجلس النواب والقوى السياسية والحزبية والمراجع الروحية، الى ان يلتئموا في مؤتمر او لقاء او طاولة حوار لاتخاذ موقف موحد من هذا الملف الوجودي.