Site icon Lebanotrend

رعد لـ”المدن”: ورقة باراك استسلام وطرح المصري”فكرة بصوت عال”

المدن: غادة حلاوي-

لم يكن اغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم طبطبائي مجرّد عملية أمنية معقّدة نفّذها العدو في عمق الضاحية، بل لحظة كشفت حجم التحوّل الذي يعيشه لبنان فوق خط النار. حدثٌ واحد حمل معه أسئلة كثيرة: كيف أصبح البلد مكشوفًا إلى هذا الحد؟ وما الذي يريده العدو من استباحة لم تعد تميّز بين هدف وآخر؟ وبين الردّ الذي قد يشعل حربًا، والصمت الذي يفتح الباب لعدوان متكرر، يقف لبنان اليوم على عتبة مرحلة لم يعد فيها هامش المناورة واسعًا.

 

في هذا المشهد المضغوط، تتداخل السياسة بالأمن، والضغوط الخارجية بالواقع الداخلي، وتعود الملفات كلّها إلى الطاولة دفعة واحدة: الردع، التفاوض، موقع الدولة، علاقة القوى السياسية ببعضها، موازين القوى، والتحالفات، وحتى مستقبل الطائف. والأهم: هل لا يزال بإمكان لبنان أن يفرض قواعد اشتباك توقف هذا الانزلاق؟

 

في حديثه إلى “المدن” يوجه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد رسائل حزب الله في أكثر من اتجاه، ولعل الأبرز في ما قاله مطالبة حزب الله بتثبيت وقف النار كأساس يبنى عليه. يتمسك باتفاق الطائف معيداً التأكيد أن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه. ورغم كل ما يحيط به من تحديات، يتمسك حزب الله بمقاربته الهادئة للأمور حافظاً حبل الود مع الجميع. يعتبر أن اغتيال طبطبائي هو اعتداء على لبنان، جيشاً وشعباً ومقاومة، ليحيي الحديث مجدداً عن هذه الثلاثية، وحقها في المقاومة على أساس أن التنسيق يفرض نفسه وليس لأحد أن ينكر ذلك. ويقول “حين يقصر واحد منهم يبرز السؤال عن الردع من جديد”. محذراً من أن البلد “بأسره مكشوف للعدو ولمن يعتبرهم البعض أصدقاء فيما هم حماة للعدوان”.

 

يعارض رعد أي تفاوض سياسي مع إسرائيل، ويدعو إلى إلزام إسرائيل بوقف العدوان ليكون ذلك مدخلاً لبحث الأمور الحدودية. يعتبر أن لبنان عرضة لأي عدوان إسرائيلي بالنظر لموقعه الجغرافي المجاور لفلسطين المحتلة “وهذا ما يجعله بحكم الأمر الواقع بأمس الحاجة إلى كل مقومات الدفاع”. لا يعول على المبادرات الأميركية التي يقدمها الموفدون ويضع ما حكي عن مبادرة مصرية في إطار كونها “”فكرة بصوت عال”.

 

العلاقة مع رئيس الجمهورية تقوم على “الصراحة والوضوح” ومع رئيس الحكومة تبدو علاقة “لا صدام ولا انسجام”، وبتوصيف رعد: “علاقة تخضع لجدية الأداء الحكومي ومدى خدمته للمصلحة الوطنية”. وفي ما يلي نص الحوار:

 

ماذا بعد اغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم طبطبائي في عمق الضاحية الجنوبية؟ كيف أصبح حزب الله مكشوفاً لهذه الدرجة؟

استهداف الشهيد طبطبائي ورفاقه هو استهداف للبنان كله. دولة وجيشاً ومقاومة وشعباً، ومن حقهم وواجبهم جميعاً أن يتصرفوا بكل ما يؤدي إلى وقف الاستباحة الصهيونية للبلد. والتنسيق والتكامل يفرضان نفسيهما على الجميع وليس لأحد أن يمارس النكران تجاه واجباته الوطنية.

الأمر لا يتصل بانكشاف أمني خاص لجهة ما. ذلك أن البلد بأسره مكشوف للعدو ولمن يعتبرهم البعض أصدقاء فيما هم حماة للعدوان.

 

إن لم يرد حزب الله سيتكرر العدوان وإن رد وقعت الحرب. المعادلة قاسية. ثمة من يقول إذا لم يرد الحزب فما فائدة السلاح والردع والدفاع؟

إذاً، ما هي فائدة الجيوش أيضاً عندئذ؟ ليس هكذا يعالج موضوع الردع.. الردع مسار، رؤية وأهداف وسلوك وتخطيط ودولة وجيش وشعب ومقاومة. وكل منهم عليه دور وواجب ينبغي أن يقوم به ويؤديه. وحين يقصر واحد منهم يبرز السؤال عن الردع من جديد.

 

-بعد عام على اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، ما هي موازين القوى التي انتجها هذا الاتفاق؟

عند إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار في 27 /11/2024، ميزان القوى العسكري العام كان يشي بصعوبة كبرى يواجهها العدو الصهيوني لإنجاز تقدم مؤثر في توغله البري الذي حشد له 75 ألف عسكري وضابط.. وعامل الوقت كان يضغط سياسياً عليه أيضاً، ولذلك استجاب العدو لنصيحة راعي التفاوض الأميركي ووافق على إعلان وقف النار في ذلك الحين.

وانتهاكات العدو الصهيوني للاتفاق بشكل متصاعد تدلل على ندمه وعلى عدم رضاه عن المعادلة التي عكسها نص إعلان وقف النار الذي وافق عليه وتؤكد استناده في انتهاك هذا الإعلان إلى التغطية والدعم الأميركيين الذين توفرهما له إدارة ترامب الحالية في تحد سافر للقانون الدولي والالتزامات الأميركية الضامنة لتنفيذ الاتفاق.

 

التفاوض عنوان مطروح حالياً، ما هي رؤية حزب الله للتفاوض وإلى ماذا سيؤدي هذا النوع من الاتفاقات : اتفاق هدنة مماثل لهدنة 49 أم تطبيع أم اتفاق سلام؟

يغدو الحديث عن أفق أي تفاوض يحكى عنه الآن بين لبنان والكيان المعتدي قاصراً عن الإقناع بأي جدوى منه نتيجة التمرد الصهيوني المغطى أميركياً.

 

ألا تؤيدون موقف لبنان المؤيد للمفاوضات؟

الموقف المجدي الذي ندعو إليه ونشجع عليه هو إلزام العدو بوقف الأعمال العدائية والانسحاب وبعد ذلك يبحث في الأمور الحدودية وما شابه ونحن بوضوح ضد أي تفاوض سياسي مع العدو.

 

-هل لبنان مدعو للتفاوض تحت النار؟

الموقف الرسمي اللبناني مضغوط، ويمارس الأصدقاء قبل الأعداء الابتزاز ضده. وكلما اقترب الموقف الرسمي اللبناني من معاناة شعبنا كلما عبر أكثر عن مصلحة البلد والمواطنين.

 

هل يعتبر حزب الله أن ورقة الموفد الأميركي توم باراك كانت قفزاً فوق اتفاق السابع والعشرين من تشرين؟

ورقة توم باراك صريحة وواضحة في التنكر لإعلان وقف إطلاق النار، والذهاب بعيداً في دعوة لبنان للاستسلام والتطبيع مع العدو الصهيوني.

 

جرى الحديث عن مبادئ مصرية طرحها الوفد المصري خلال زيارته للبنان: هل هناك مبادرة فعلاً؟

إن ما قيل عن مبادرة مصرية نقلت إلينا بطريقة غير مباشرة، الواضح منها أن دافعها حسن نية للأخوة المصريين إلا أنها تبدو طرحاً أولياً أو كما يقال بين اللبنانيين “فكرة بصوت عال”.

 

العلاقة مع رئيس الجمهورية:

بعد اتفاق وقف النار، انتخب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وكان لكم الدور المحوري في وصوله، وأنت شخصياً ساهمت في فتح الباب أمام تسوية أوصلته إلى بعبدا: فهل ما تم التوافق عليه بين حزب الله وعون لا يزال قائماً؟ وهل أن الرئيس ملتزم بما ألزم به نفسه به تجاه حزب الله ؟ وكيف تقيمون العلاقة مع الرئيس ولا سيما وأنك المخول بهذه العلاقة؟

 

أهم شيء في العلاقة مع فخامة الرئيس، أنها تقوم على الوضوح والصراحة.. وحزب الله بالنسبة لفخامة الرئيس مكون وطني وليس إرهابياً كما تصفه الإدارة الأميركية وله دور معترف به بتحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني وهو شريك مع بقية الفرقاء اللبنانيين في الحفاظ على المصالح الوطنية للبلاد وحماية سيادتها وصون حقوق المواطنين.

 

من جهة حزب الله، ندرك أن المرحلة التي تمر بها البلاد حساسة والضغوط الدولية والإقليمية لمصلحة العدو تعمل بقوة لفرض إملاءات على العهد وعلى حكومته، وأن مصلحة لبنان تقضي بعدم الانصياع لتلك الضغوط من جهة وبالحفاظ على السلم الأهلي والحد الأدنى من التوافق الوطني للتعامل المطلوب إزاءها وهذا ما نؤكد عليه لفخامته.

 

بدأت العلاقة مع رئيس الحكومة بنوع من التوتر وهي إن لم تكن هادئة فهي ليست متوترة فما هو تقييمك لهذه العلاقة؟

علاقتنا مع رئيس الحكومة تخضع لمستوى الفهم الوطني المتبادل إزاء الأوضاع والمصالح الوطنية ولمعيار عدم الانتقائية في تطبيق الثوابت وكذلك لمعيار التزام أولوية المصلحة الوطنية للبنان وللبنانيين ومدى فاعلية وجدية البرامج والإجراءات الحكومية لترجمة هذه الأولوية.

 

واضح أن القراءة السياسية للخطاب السياسي الإعلامي لحزب الله خصوصاً في الآونة الأخيرة تظهر وجود خطاب متقدم حيال اتفاق الطائف وبنوده والتركيز على أن لبنان وطن نهائي فما خلفيات الخطاب المستجد؟

 

منذ أن صدرت الوثيقة السياسية الثانية لحزب الله عام 2009 بمباركة سماحة الشهيد الأسمى الأمين العام آنذاك السيد حسن نصرالله، والحزب يؤكد ما سبق أن التزمه بمقدمة الدستور بأن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وذلك منعاً لأي تشكيك أو إساءة فهم جرى العزف عليهما فيما مضى انطلاقاً من فهم عنصري واستئثاري مغرض لدى البعض.

واتفاق الطائف اليوم صار نصاً دستورياً حاكماً سواء في مهام وصلاحيات المؤسسات الدستورية أو في الإصلاحات السياسية أو في تطوير النظام وتثبيت قواعد استقراره. وحزب الله يحترم الدستور اللبناني ومواقفه تستند إلى مضامينه.

 

ما هو موقفكم مما يطرح بخصوص قانون الانتخاب؟ وهل تتوقعون أن تجري الانتخابات في مواعيدها أو أن هناك تسوية لتأجيلها؟

العهد الرئاسي الحالي التزم إجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وحصول ذلك يعطي جرعة ثقة إضافية بجدية العهد والتزاماته، فضلاً عن أن الالتزام بمعيار المساواة بين اللبنانيين دستورياً يحسم التباين القائم حول الصيغة الأنسب لاقتراع المغتربين.

وموقفنا واضح بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها دون أي تأخير أو تأجيل. والفرصة المتاحة والمحققة للمساواة في لبنان وليس في الخارج، وهذا ما ينسجم مع قوانين كل الدول في العالم.

 

بعد التغيرات الجذرية والتباعد الذي طرأ بين الحزب وحلفائه من هم حلفاء حزب الله حالياً ومع من سيتحالف في الانتخابات النيابية؟

بالنسبة للتحالفات، ليس أمراً منكراً ولا استثنائياً أن تتحرك التحالفات أو تتغير تبعاً للمتغيرات التي تحصل في كل مرحلة من مراحل العمل الوطني..

واليوم هامش التحالف الانتخابي لدى حزب الله يبدأ مع الأخوة في حركة أمل ويتوسع مع العديد من ممثلي القوى السياسية الوطنية والمتنوعة الطوائف والمذاهب والدوائر الانتخابية.

وحجم واتساع حضور حزب الله يمنع الخصوم والأعداء من تطويق فاعليته الانتخابية أو تحجيم تفاعله ومشاركته أو التشارك معه. ومن جهة ثانية يشجع القوى الأخرى على التحالف معه لتعزيز فرص نجاحها.

 

في كل مرة يتم الحديث فيها عن السلاح شمال الليطاني يتحدث حزب الله عن الاستراتيجية الدفاعية وأنت كنت على طاولة حوار ناقشت هذا الأمر، الآن كيف ينظر الحاج محمد رعد إلى هذه الاستراتيجية وما هي محدداتها العامة ورؤيتها؟

أحد محددات الاستراتيجية الدفاعية أن تكون صناعتها وطنية وأن توضع بعناية تامة لتحقيق أعلى مستوى من الدفاع عن السيادة والمصالح الوطنية وكذلك يجب أن تصدر عن إجماع اللبنانيين وتوافقهم لأن خلاف ذلك يطيح بفاعليتها مهما كانت محكمة.

كان لحزب الله في العقدين الأخيرين دور اقليمي بارز في سوريا أو العراق أو اليمن، بعد سقوط سوريا يلاحظ اختلاف خطابه، فكيف ينظر حزب الله إلى دوره الاقليمي في الوقت الراهن، وهل يعيد قراءة هذا الدور لصالح الدور اللبناني؟

أوضحنا من قبل أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، سبق الحزب أن أعلن التزامه بذلك منذ سنوات عديدة ولم يتخذ ذلك بعد تطورات الوضع السوري الأخيرة كما قبل.

والدور الإقليمي لحزب الله عكس ويعكس التزامه بمصلحة لبنان العليا، ومما لا شك فيه أن تتحمل الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية مسؤولية حماية سيادة لبنان وشعبه والدفاع عن مصالحها وسنلاقيه بالفعالية الإيجابية المطلوبة إقداماً أو إحجاماً.

 

– هل تتوقعون عدواناً اسرائيلياً أوسع على لبنان؟

الأصل في الكيان الصهيوني هو نزعته العدوانية، ومع استمرار احتلاله لأرض فلسطين وتشريده لشعبها وإنكاره لحق الشعب الفلسطيني في أرضه وتقرير مصيره، فلبنان المجاور لفلسطين المحتلة سيبقى عرضة للعدوان الصهيوني وهذا ما يجعل لبنان بحكم الأمر الواقع في أمسّ الحاجة إلى كل مقومات الدفاع والقدرة لمنع العدو من التطاول على سيادته وابتزازه في أمنه واستقراره ومصالحه خصوصاً مع قصور النظام الدولي، إن لم نقل مع عجز النظام الدولي وشراكة بعض قوى ودول النفوذ فيه مع الكيان الصهيوني ومشاريعه العدوانية.

 

كيف قرأ حزب الله إلغاء زيارة قائد الجيش إلى واشنطن؟

إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني ينطوي على إشعار سلبي وضغوط متزايدة أميركية لمصلحة العدو الصهيوني تهدف إلى إذلال الجيش الوطني وابتزاز قيادته. ولئن يحاول العدو الصهيوني أن يتكئ على دعم أميركي لفرض الاستسلام على الدولة اللبنانية أو تطويع موقفها إزاء العدوانية الصهيونية المتواصلة، فإن الشعب اللبناني يدرك انحياز الموقف الأميركي الدائم ولن يتخلى عن حقه المشروع في رفض الاحتلال والصمود العزيز لإسقاط أهدافه.