Site icon Lebanotrend

خاص- تحوّل تكتيكي في “الحزب”: إعادة تموضع أم مرحلة ما قبل التسوية؟

خاص tayyar.org

يُظهر المسار الراهن في حزب الله أنه دخل طوراً تكتيكياً جديداً يختلف عمّا اتبعه منذ تشرين 2023. إذ بدأ الحزب منذ انتهاء الحرب منذ اتفاق وقف إطلاق النار في خريف سنة 2024 اعتماد مقاربة تقوم على الانكفاء المنظّم وإعادة تدوير قدراته بطريقة غير صاخبة، بما يوحي بوجود مراجعة داخلية لموازين القوة ولحدود الاشتباك الممكنة مع إسرائيل. هذا التحوّل يتجاوز البعد العسكري التقني نحو إعادة بناء منظومة التشغيل الميداني وتحصين الجبهة الداخلية بعد الاستنزاف.
على المستوى السياسي، تعمل قيادة الحزب على حماية سردية المقاومة من التآكل وتحصين شرعيتها أمام بيئتها، في ظل تزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية داخل لبنان. وهي بذلك تسعى إلى القول إن إعادة التموضع ليست انسحاباً أو تراجعاً، بل خطوة وقائية لحماية مشروعها الاستراتيجي.
مجمل هذا الواقع لم يخفه حزب الله الذي دأبت قيادته على التأكيد أنه استعاد عافيته وصار في مرحلة متقدمة من إعادة البناء، لكن الجديد أن إسرائيل باتت تستعمل هذا الواقع لتبرير استهدافاتها المتكررة جنوب الليطاني وشماله، وصولا إلى استهدافات خارج بيئة الحزب نفسها.
يثير هذا التموضع القلق لدى العواصم المعنية بالملف اللبناني. باعتقادها، ستُنتج إعادة البناء الصامتة للبنية القتالية خارج رقابة الدولة، على الأرجح، وقائع جديدة على الأرض، تمنح الحزب قدرة تفاوضية أعلى وتضعف في المقابل سلطة الدولة في أي تسوية مقبلة حول الجنوب أو تطبيق القرار 1701. بالتالي، يصبح ما يتشكّل اليوم نوعاً من توازن هش بين سلطة رسمية محدودة النفوذ وقوة عسكرية حزبية تُعيد تنظيم نفسها في الخفاء، مما ينذر بتثبيت ثنائية أمنية تُرجئ أي حل جذري لمعادلة السلاح خارج الدولة.