Site icon Lebanotrend

حسابات التيار الوطنية في تسمية نواف سلام – سامر الرز

يشهد التيّار والمنتسبون إليه ومؤيّدوه منذ فترة حالات نفسيّة غريبة يمرّ بها معارضوهم: إذا تكلّم جبران فهو يهاجم، وإذا سكت فهو خائف. إذا شارك في السّياسة فهو يرغب في منصب وإن لم يشارك فهو خائن. إذا طرح قوانين فهو يعمل لمصلحة شخصيّة وإذا اعترض على بعضها فهو يُعرقل.
كيفما دار جبران يلاقونه لمحاربته، وهم ذاتهم يهتمّون بعمق لتوجّهاته في القرارات الحاسمة والمصيريّة.

ومن هنا كان أخيرًا انتظارهم لموقف التيّار في من سيكلّف لرئاسة الحكومة ودارت شائعات منها أنّه لن يُسمّي ليُعرقل أو ليحجز له حصّة من العيار الثّقيل في الوزارة القادمة، وأخرى أنّه قد يُعيد تسمية ميقاتي أو ترك الخيار بتسليم التّسمية لرئيس الجمهوريّة.
ولكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر وكانت المفاجأة، الجديدة القديمة، بتسمية رئيس التيّار للقاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة. لقد اعتقد الكارهون أنّ عدم تسمية التيّار لرئيس الجمهورية سينسحب على رئاسة الحكومة.
غاب عن ذهن هؤلاء أنّ التيّار يعارض بالقانون ولحماية الدّستور، فعدم تسميته لرئيس الجمهوريّة جاء أوّلًا من منطلق دستوري، لكنّ التّوافق الّذي دعا إليه وأمل في حصوله أوصل الرّئيس جوزيف عون فكان باسيل أوّل المهنّئين والدّاعمين.

أمّا تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة فقد غفل كثيرون عن قصد أو عن غير قصد أنّ التيّار في سنة ٢٠٢١، خلال رئاسة الجنرال ميشال عون، طرح اسمه لرئاسة الحكومة. في تلك الفترة لم تلقَ التّسمية ترحيبًا ، لا لعدم كفاءة سلام ولكن لمتابعة المسار في رفض كلّ ما يُقدم عليه العهد. وها نحن نرى اليوم من لا يستحقّون التّقدير ينسبون هذه التّسميات إليهم مدّعين إنقاذهم للوطن وللرّئاسة والسّياسة.
ولم يتوان بعض الوقحين عن إظهار محبّتهم المزيّفة للجيش وبالتّالي انتصارهم الموهوم في رئاسة جوزيف عون، مُحاولين تعمية النّاس عن حقيقة أنّ التيّار من رحم هذه المؤسّسة وأنّ وقوفهم إلى جانب الجيش أزليّ.
انتهت التّسميات وامتلأت المراكز بانتظار العمل الجدّي، وإذ بالقاضية غادة عون تصدر اليوم ادّعاءً على المنظومة المالية الّتي أهلكت البلد وسرقت أبناء الوطن، تلك المنظومة الّتي أيضًا وجدت في السّنوات السّابقة من يدافع عنها ويُهلّل لها بحجّة أنّ القاضية من عائلة عون أو أنّها قريبة من التيّار وصولًا إلى الاستهزاء بشكلها كلّ ذلك كان لضرب العهد السّابق. أتراهم اليوم الّذين سمّوا في رئاسة الجمهوريّة ومجلس الوزراء، بفرحة لا تعلوها فرحة وكأنّهم معقل الانتصارات، سيدعمون قرارات القاضية عون وستُصبح إصلاحيّة؟ أم أنّ العناد في السّياسة سيكون بما يمتّ إلى باسيل من مشاريع قدّمها التيّار؟ أو أنّ بعضهم سيحتفل بانتصار أساسه التيّار لكنّه يدّعي نسبه إليه؟
وحده التيّار يعرف متى يخاصم ومتى يهادن ومتى يتحالف، قراراته حرّة، أداؤه متفلّت من أيّ قيد لا ينسجم مع الدّستور والعدالة، وعمله الوحيد الّذي يصبّ في مصلحة الوطن.

لا يزايدنّ عليه في وقوفه مع كلّ حقّ، في تأييده للجيش، في عمله لمصلحة كلّ اللّبنانيّين لا “على العمياني” كما يفعل البعض بل في كلّ مسألة تعني لبنان ككلّ بشعبه من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله.
حين يعارض، يعارض بشرف وعلى العلن، وحين يتوافق، يتوافق بشرف وعلى العلن، مهما كانت الصّعوبات عليه أو العقوبات.

التيّار الوطنيّ الحرّ كان ولا يزال وسيبقى مخاصماً في الحقّ ومتوافقًا في الحقّ.