نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريرًا حول مساهمة شركتي تحويل الأموال “ويسترن يونيون” و”ويش موني” بتمويل حملة حزب الله للحصول على الأسلحة.
وأشار الصحيفة إلى أنه “في أيار، أطلق حزب الله حملة لجمع التبرعات عبر الإنترنت، داعيًا أنصاره للتبرع بالأموال لشراء الطائرات المسيرة والصواريخ لمهاجمة إسرائيل. وتضمنت الحملة، التي غطتها بتفصيل واسع صحيفة “العربي الجديد” القطرية مقطعًا قصيرًا بشعار “ارفع رأسك عاليًا للسماء، وانظر أين وصل دعمك”، في إشارة إلى ترسانة حزب الله الجوية، ودعت المتابعين للتواصل مع منظمة دعم المقاومة الإسلامية (IRSO) لتحويل الأموال والحصول على مزيد من المعلومات. وتم تصنيف المنظمة كجماعة إرهابية بموجب القانون الأميركي منذ عام 2006.”
وأوضحت أن “منظمة IRSO تمتلك عدة حسابات في “جمعية القرض الحسن” التي تعتبر المؤسسة المالية لحزب الله ونظامًا شبه مصرفي. وصنفتها الولايات المتحدة في عام 2007 كذراع مالي لحزب الله. وبرز اسم الجمعية خلال الأسابيع الماضية بعد استهداف الجيش الإسرائيلي لمؤسساتها ضمن محاولة للقضاء على مصادر تمويل المنظمة الإرهابية.”
وقالت الصحيفة إن “الإعلامي اللبناني حسين مرتضى، الذي لعب أدوارًا هامة في الإعلام الإيراني، بما في ذلك قناة العالم والقناة السورية المملوكة للدولة، قام بالترويج للحملة عبر منصة “إكس”، ما قد يشير إلى ارتباط أقوى بمحور إيران.” وأفادت مصادر مطلعة لصحيفة “جيروزاليم بوست” بأن “تحويل الأموال لهذه الحملة يتم إما عبر خدمات “ويسترن يونيون” أو عبر “ويش موني” (المعروفة سابقًا بـWOO Cash).”
وتعد “ويش موني” شركة خدمات مالية في لبنان مملوكة لأفراد سوريين، وتضم أكثر من 900 فرع ووكيل في جميع أنحاء البلاد وتركز على الحلول المالية محليًا ودوليًا، بما في ذلك خدمات تحويل الأموال وتبادل العملات والمحافظ الإلكترونية والاستثمارات. ووفقًا لمصادر الصحيفة، استخدمت IRSO خدمات “ويسترن يونيون” و”ويش موني” بشكل متكرر في الماضي، وليس فقط لهذه الحملة المحددة.
ولفتت “جيروزاليم بوست” إلى أن “الحملة تعود إلى محمود علي الحاج حسن، وهو من بعلبك في لبنان، وله عدة حسابات في “جمعية القرض الحسن”، ويظهر دعمه القوي لحزب الله عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. والحاج حسن هو شقيق حسين علي الحاج حسن، عضو سابق في البرلمان اللبناني ووزير ممثل لحزب الله، الذي لديه أيضًا عدة حسابات في “جمعية القرض الحسن”.”
وسهل نظام تكنولوجي إسرائيلي تم تطويره حديثًا البحث في هوية عائلة الحاج حسن وحساباتهم. وتم الإعلان عن دور “ويسترن يونيون” في تسهيل التمويل لحزب الله في إسرائيل عام 2017، عندما استخدمت خدماتها كجزء من حملة “جهز مجاهد”، بحسب الصحيفة.
وأوردت الصحيفة أن قمتحدث باسم شركة “ويسترن يونيون” قال: “نحن نأخذ مسؤولياتنا التنظيمية والامتثالية بجدية تامة، بما في ذلك دورنا في مكافحة تمويل الإرهاب. ولهذا الغرض، لدينا برامج تقوم بمراجعة تعاملات “ويسترن يونيون” مقابل قوائم مراقبة حكومية وداخلية. بالإضافة إلى ذلك، تتابع وحدة الاستخبارات المالية الداخلية لدينا التحليلات والمعلومات الاستخباراتية عن مجموعة واسعة من الجماعات الإرهابية العالمية. نحن ملتزمون بالتعاون الوثيق مع الحكومات والسلطات القانونية لمواصلة معالجة أنشطة تمويل الإرهاب.”
ووفقًا لموقع الشركة الإلكتروني، تتعاون “ويش موني” مع عدة شركات حول العالم، بما في ذلك ماستركارد، وشركة ريا موني ترانسفير الأميركية، وشركة Sendwave، وشركة Shift Transfer البريطانية.
وقد نشرت عدة وسائل إعلام تقارير وتحقيقات حول “ويش موني”. إحدى هذه الدراسات، التي أجرتها المصرفية اللبنانية الاستثمارية سمارا قزي ومقره جنيف لصالح موقع “ناو لبنان” في عام 2022، كشفت أن مصرف لبنان وافق على الشركة كجهة موثوقة، لكنها أظهرت أيضًا بعض السمات المثيرة للشكوك.
وتعود ملكية الشركة إلى توفيق عدنان كوسا، وهو مواطن سوري حصل على الجنسية اللبنانية في عهد الرئيس اللبناني السابق إميل لحود. وكشفت الدراسة أيضًا أن “ويش موني” تجاوزت البنوك اللبنانية من خلال تقديم خدمات تمكن الشركات والمنظمات غير الحكومية من دفع رواتب الموظفين بدون رسوم، ما أدى إلى انفصالها عن النظام المصرفي المركزي بعد تلقي قوائم تحتوي على بيانات شاملة للموظفين.
وقد أبرز تحقيق قزي أن كمية هائلة من البيانات عن العمال يبدو أنها تجمع دون معرفة من يراقبها أو لأغراضها. وذكر أن مواصلة العمل بهذا النموذج الذي لا يفرض رسومًا يعني أن المستخدمين أنفسهم يصبحون المنتج، في حين أن هناك طرفًا ما “ذو جيوب عميقة” يمول هذا النموذج.
وفقًا لتحقيق قزي، يشارك موظفو وزارة المالية اللبنانية أيضًا في إعطاء “ويش موني” أولوية أكبر على النظام المصرفي. وأفاد شهود بأنه عند محاولة دفع فواتير في مكتب الوزارة المحلي، كان موظفو الوزارة يقدمون أعذارًا مختلفة، ويرسلون المواطنين إلى فروع “ويش موني” المحلية، ثم يتلقون “بقشيشًا” أو “راتبًا” من “ويش موني”.
وفي هذا السياق، قال مستخدمون عبر الإنترنت إن بيع البيانات المجمعة حول الموظفين هو أحد السبل التي قد تجعل نموذج “ويش موني” مربحًا، إلى جانب الحاجة لإظهار كميات ضخمة من حركة الأموال من أجل غسل الأموال على نطاق واسع. وأشار مدونون إلى أن حزب الله قد يكون المستفيد الأساسي من هذا الحجم الكبير من غسل الأموال في لبنان بسبب العقوبات المفروضة عليه.
وذُكرت “ويش موني” أيضًا في تقرير صدر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في حزيران 2023 يركز على استغلال حزب الله للأزمة الاقتصادية في لبنان لمصلحته وتوسيع دوره. وصف التقرير “ويش موني” بأنها رابع أكبر جهة في الاقتصاد النقدي غير المنظم في لبنان، داعيًا صناع السياسات إلى استهداف “ويش موني” ومالكيها بناءً على قواعد مكافحة غسل الأموال الدولية، مشيرًا إلى علاقاتها المزعومة مع تمويل حزب الله.
ووصف التقرير أيضًا حزب الله بأنه يستغل الأزمة الوطنية في لبنان ويستفيد منها بالإضافة إلى بناء دولة موازية وتوسيع دوره في القطاع الخاص. وقال التقرير إن الأزمة في لبنان أدت إلى تطوير اقتصاد نقدي يخدم حزب الله بشكل كبير، على غرار ما كشفه الجيش الإسرائيلي مؤخرًا عن كميات كبيرة من الأموال المخزنة في مؤسسات تابعة لحزب الله في بيروت.
وأشار التقرير إلى دور “جمعية القرض الحسن” في استغلال مليارات الدولارات من التحويلات المالية، وشركات الصرافة، والأموال العراقية. وقد أدى ذلك إلى ازدهار هذه المجموعة التمويلية، في حين تواجه المؤسسات المالية التقليدية في لبنان الانهيار والتدهور.