Site icon Lebanotrend

جبران باسيل: وطنيّة المواقف وثبات المبادئ – خالد مكه

النائب جبران باسيل هو قائد سياسي وطني، شعاره الأول والأخير هو (لبنان أولًا)، له رؤيته الخاصة وأسلوبه المختلف في التعامل مع التحديات، وبالتالي ليس من المتوقع أن يتحدث بلغة دينية أو أن يتبنى خطابًا فقهيًا، فهو ليس برجل دين ولم ينشأ في بيئة حوزوية، ولا ينطلق من عقيدة حسينية حيث يرفع الشعار: إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين إثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.

مع كل إطلالة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يتحدث فيها ويقدّم مواقف وتصريحات، كالعادة لا يترك الإعلام المأجور والموجّه ومعها المنصات الإخبارية غير المهنية وسيلةً إلا وجربتها لإذكاء نار الفتنة بالتلاعب بالكلام والتعابير بخبثٍ للإصطياد بالماء العكر لتأجيج الأوضاع المتوترة أصلًا؛ وآخر محاولاتهم كانت عبر قناة الحدث، التي حاولت إشعال الخلاف بين جمهور التيار العوني وجمهور المقاومة عبر بثّ تصريحات مجتزئة وبخبث لتوحي بموقف معادٍ لحزب الله والمقاومة.

وعليه، كالعادة عندما يتحدث النائب جبران باسيل تُطلق الأحكام مُسبقًا؛ وبالتالي لم يعد من الغريب أن تصاحب تصريحاته الهجوم والانتقاد قبل أن تُسمع كلماته، المشهد بات متكرراً، ومع ذلك، ما زالت الكثير من الأذهان مغلقة أمام ما يحاول قوله.

وبالفعل، فقد أثارت الأخبار والمقاطع المجتزئة المصورة وما قبل بثّ وعرض المقابلة كاملة المتعلقة بمواقف النائب جبران باسيل الكثير من الجدل والضجة، ووقعت الأغلبية في المحظور عن قصد أو من دون قصد، ولم يتبيّنوا ويتنبَّهوا إلى الآية الكريمة التي تقول: << يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ >>.

ولا يسعنا هنا أيضًا سوى أن نستذكر الآية الكريمة: << يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إنّ بعض الظن إثمٌ >>.

أما من إستمع بتمعّن وتفسير متزن لكلماته، فسيخرج حتمًا بالخلاصات التالية:

* حافظ النائب جبران باسيل على ثوابته ولم يتراجع عن مواقفه السابقة، ولا سيما بعلاقته مع حزب الله، الذي تحكمه وثيقة التفاهم التي يتمسك بها وبكافة بنودها الموقعة من الطرفين ولم ينقض بها ولم يتراجع عنها. وهذا هو موقف التيار؛ فهو مع لبنان ومقاومته بمواجهة الخارج بالرغم من خلافاته السياسية معهم بالداخل بموضوع كيفية بناء الدولة وتكريس مبدأ الشراكة في الوطن.

* باسيل لم يأتِ ليقلب الطاولة على التحالفات والتفاهمات الداخلية، بل طرح هواجس وطنية تستدعي التفكير بضرورة وضع إستراتيجية دفاعية شاملة تعزز قدرة لبنان على مواجهة التحديات؛ رافضًا مبدأ وحدة الساحات لعدم إيمانه بها؛ وقد تجلت صحة هواجسه بعد أن بقي لبنان والمقاومة وحيدين في هذا المحور يحاربون إسرائيل.

* لم يبدّل جبران باسيل موقفه تجاه المقاومة ورفضه مبدأ وحدة الساحات، موقفه الصريح والجريء لم يكن وليد اللحظة، بل هو إستمرار لموقف راسخ منذ سنوات، إنطلاقًا من تمسكه بوطنه لبنان؛ فقط حافظ على ثوابته الداعمة للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وضرورة مواجهته؛ والعدو بالنسبة له لا يزال هو ذاته؛ طامع في الأرض ومهدد لأمن الشعب اللبناني.

* لم يغيّر قناعاته حول إسرائيل كعدو يتربص بلبنان، ولن يكون هناك تغيير في هذه النظرة، سواء بررت إسرائيل أفعالها أو لم تبررها.

* أكد أنه بغض النظر عن موقفه الرافض لمبدأ وحدة الساحات، لكن الأمر حاليًا أصبح وراء ظهره، ووقع العدوان وتوسعت الحرب؛ فهو كان وما زال مع المقاومة بدفاعها ومقاومتها للعدو الإسرائيلي.

* أكد أن السلاح الذي يُرفع بوجه العدو الإسرائيلي دفاعًا عن لبنان وأرضه هو سلاح شرعي لا يمكن نزعه أو حتى المطالبة بنزعه.

* القرار الوطني الحرّ والسيادي لا يمكن أن يُملى من الخارج، بل يجب أن ينبع من إرادة الشعب اللبناني، وهو موقف يتمسك به بلا هوادة.

* الوحدة الوطنية هي حجر الأساس في خطاب النائب جبران باسيل، يصّر على أن احتضان الجميع ضروري للحفاظ على تماسك لبنان؛ مؤكدًا ومشددًا أنه في لبنان ما في حدا يعزل حدا، وممنوع حدا يعزل حدا.

* فيما يتعلق بالعلاقة مع الشركاء الداخليين، يفضل النائب جبران باسيل أن تكون هذه العلاقات مبنية على تقييم داخلي صريح وموضوعي بكيفية بناء الدولة؛ وتكريس مبدأ الشراكة في الوطن والحكم.

الخلاصة: بكل صراحة ووضوح، ما قاله جبران باسيل في مقابلته بالعلن كان لسان حاله يُعبر عن قناعاته الثابتة بأسلوبه الخاص، الذي أقل ما يقال عنه إنه أكثر وطنية من محاولات البعض التي تستهدف خداع الناس أو المراوغة السياسية على قاعدة يقولون ما لا يفعلون وما لا يضمرون ويجاهرون به في أروقتهم الخاصة؛ وما أكثرهم.

عذرًا سلفًا على الإطالة؛ وشكرًا لمن تقبّلوا كلامي؛ وعذرًا لمن لن يروق لهم كلامي؛ فهذه هي رؤيتي من قرب، وهذه قناعتي وتقييمي.

عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر