الأخبار: بالعودة إلى زيارة الرئيس الأميركي، فهو كان قد قال إن «حزب الله جلبَ البؤس إلى لبنان ونهب الدولة اللبنانيّة. ميليشيا حزب الله وضعت بيروت في المأساة، مستعدون لمساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصاديّة والسّلام مع جيرانه». وقد كانت هذه الكلمات كافية لتحديد معالم المرحلة المقبلة التي تنبئ بمزيد من الضغوط على لبنان.
ومن يعرف فحوى الرسائل العربية التي كانت تصل إلى لبنان ولا تزال حتى الآن، منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، يفهم جيداً أن ترامب تحدّث بلسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وضعَ شرطاً أساسياً لمساعدة لبنان وهو التخلص من سلاح حزب الله.
يقول مطّلعون، إن التوجيه واضح للسلطة الجديدة في ما يتعلق بهذا الأمر، فضلاً عن ربط المساعدات بالعلاقة مع الجيران، وهو تلميح إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي. وقد حملَ قرار رفع العقوبات عن سوريا، الذي اتّخذه الرئيس الأميركي «تلبية لطلب ابن سلمان» رسالة أخرى إلى السلطة في لبنان، باعتبار أن الرياض تعتقد بأنها «تتلكّأ في تنفيذ ما هو مطلوب»، وجاء التحذير بطريقة غير مباشرة، عبر لفت الانتباه إلى التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يقدّم فروض الطاعة، وأكثر مما هو مطلوب منه وهو وافقَ على السير في خطوات تقوده بشكل أو بآخر إلى اتّفاقيات أبراهام وقبض ثمن ذلك وساطة سعودية لدى الأميركيين وفتح باب المساعدات، وبالتالي فإن الرسالة الأميركية – السعودية جاءت بوضوح، أنه على من يريد أن يحظى بما حظيَ به الشرع، أن يبادر إلى تلبية الشروط من دون تلكّؤ.
ترامب قال أيضاً إن «لبنان قادر على التحرر من قبضة حزب الله وإن الرئيس جوزيف عون يمكنه بناء دولة بعيداً عن الحزب»، وقد فسّر المطّلعون هذا الكلام على أنه «ردّ على التعامل المرن والموضوعي لعون مع ملف السلاح وتأكيده الدائم على الحوار كسبيل للحل من دون دفع البلد إلى الانفجار وتخريب العهد».
وتوقّعت أن يزداد الضغط على لبنان في الفترة المقبلة، وقد ترسل واشنطن قريباً إلى لبنان موفدين لتكرار المطالب الأميركية وتذكير عون والحكومة بضرورة الإسراع بالبتّ في ملف السلاح.
في هذا الوقت، يستمر الحوار غير المعلن بين الدولة والحزب، لكن بأشكال مختلفة عمّا يجري تظهيره في وسائل الإعلام. ويبدو أن البحث قد توسّع ليطاول أكثر من نقطة من بينها ملف مؤسسة «القرض الحسن» التي يطالب الأميركيون بإقفالها.
وعلمت «الأخبار» أن المعنيين بالحوار نقلوا أخيراً إلى الحزب «أجواء الضغط الأميركي في هذا الإطار، وبأنها ضغوط متزايدة، رغم أن مسؤولين في الدولة تحدّثوا إلى شخصيات في الإدارة الأميركية وشرحوا حساسية هذا الأمر».
وقد بادر مسؤولون في الحكومة إلى مطالبة الحزب بـ«التعاون لمعالجته والبحث عن صيغ مقبولة لا تؤدي إلى زعزعة الاستقرار».
وقد ردّ حزب الله على الرسائل بالقول: «إن مؤسسة «القرض الحسن» هي جمعية لا تبغي الرّبح، وإن توسّعها جاء نتيجة للعقوبات والضغوط التي تعرّضت لها بيئة الحزب واهتزاز الثقة بالمصارف اللبنانية»، كما أوضح الحزب أن ««القرض الحسن» له دور في تخفيف الأعباء عن الناس، حتى في موضوع الإيواء والترميم، واتّخاذ أي خطوة ضده قد يؤدي إلى انفجار في وجه الحكومة وزعزعة الاستقرار وهذا ما يجب أن يعرفه الأميركيون جيداً».
وفيما تمنّى الحزب أن «ينسحب الجو الإيجابي المتصل بملف السلاح على ملف «القرض الحسن»، وعدم اتّخاذ أي إجراء خارج إطار التفاهمات»، أكّد الحزب «انفتاحه على مناقشة أي فكرة تعالج الموضوع وتساعد الدولة من دون استفزاز البيئة».