Site icon Lebanotrend

بين عدل الأرض ورحمة السماء… صراع الإيمان والقانون حول عقوبة الإعدام (المحامي عماد جعارة)

كتب المحامي المحامي عماد جعارة:

كمحامٍ لبناني مؤمن بالله، أجد نفسي ممزّقًا بين قناعات القانون وصوت الإيمان.
القانون يدعوني إلى العدالة، إلى القصاص، إلى أن يتحمّل المذنب نتيجة فعله.
لكن الإيمان يهمس في قلبي: “الرحمة تفتخر على الحكم” (يعقوب ٢:١٣).
وأسمع أيضًا صدى كلمات القرآن الكريم: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” (الأنعام ١٥١)،
“وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” (المائدة ٣٢).كأنّ الرسالتين، المسيحية والإسلامية، تتقاطعان عند النقطة ذاتها:
أن الحياة هبة إلهية لا تُؤخذ إلا بحقّ، وأن الرحمة ليست ضعفًا بل قوّة تُعيد للإنسان إنسانيته.
أتساءل:
هل يحقّ لنا أن نغلق باب التوبة في وجه من أخطأ؟
هل نملك أن نحكم نهائيًا على قلبٍ ربما يشتعل فيه ندم صادق؟
الإنجيل يقول:“كنتُ سجينًا فزرتموني…”
والقرآن يقول:
“إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا” (الزمر ٥٣).بين هاتين الآيتين، يقف ضميري حائرًا:
هل العدالة أن يُعدم القاتل، أم أن نترك للنعمة فرصة أن تغيّر القلوب؟
هل القصاص يحمي المجتمع، أم يزيد قسوته؟ ربما الإعدام في بعض القوانين ضرورة ردعية،
لكن الإيمان يذكّرني دائمًا أن الرحمة لا تُقصي العدالة، بل تُنقّيها.
فالعدل البشري بلا رحمة يتحوّل إلى انتقام، والرحمة بلا عدالة تتحوّل إلى فوضى.صراعي لا ينتهي، لكنني أجد عزائي في أن الله وحده هو الديّان العادل،
يعرف متى تُقطع الحياة، ومتى تُستعاد.
محامٍ لبناني مؤمن بالله يبحث عن توازن بين عدل الأرض ورحمة السماء.