تحديات سياسيّة وإقتصاديّة ضخمة تواجه لبنان وذلك خاصّةً بعد تفاقم أزمة النازحين السوريين التي وبحسب الأرقام، قد تخطّت المليونين ونصف نازح؛ بالإضافة إلى الوضع الأمني الصعب والحرج في الجنوب اللبناني كما وأيضاً ما نتج عمّا يُسمّى “بثورة ١٧ تشرين” سلباً على الوضع الإقتصادي العام.
من هنا، المطلوب اليوم للخروج من الأزمة: بناء الدّولة، تحقيق الشراكة الوطنيّة، مكافحة الفساد، التخطيط لمشاريع حيويّة ومُنتجة لضمان إستقرار البلاد وتحقيق تطلّعات الشعب اللّبناني.. فالمطلوب أمران: جرأة وحقيقة، لكن من يتجرأ غير التيّار؟ لهذه الأسباب، يتمسّك التيار الوطني الحر بعدة مبادئ ومواضيع تشكّل أساس سياسته الوطنيّة، مع التأكيد على حق لبنان في الدفاع عن نفسه وتحصينه داخليّاً وخارجيّاً بمختلف الأبعاد السياسيّة والعسكريّة والدبلوماسيّة والإقتصاديّة.
فيما خصّ قضيّة النزوح السوري، كلام كثير وفعل قليل، إذ تشكّل هذه القضيّة المشكلة الأكبر في لبنان، حيث تؤثّر سلباً على البنية الإقتصاديّة والإجتماعيّة والأمنيّة للبلاد حيث يُقدّر عددهم بالملايين.
وعليه، يعيش العديد من هؤلاء النازحين في مخيّمات مؤقتة، بينما يقيم آخرون في المدن والقرى اللّبنانية. أمّا المضحك المبكي في الموضوع أنّ قسماً كبيراً من هؤلاء السوريّين يذهبون في آخر الأسبوع إلى سوريا ليعودوا إلى لبنان في الأيّام الأولى من الأسبوع، بالتّالي أين صفة النّزوح؟ حتماً تزول صفة النزوح كون سوريا آمنة وهم شهود على ذلك.
أمّا مع تزايد عدد النازحين، فزادت الضغوط على موارد لبنان وبنيته التحتيّة، ممّا أثّر سلباً على الإقتصاد والخدمات العامّة والأمن الإجتماعي.
تأثير هذا النّزوح على لبنان كان شاملاً، حيث أدّى إلى زيادة في البطالة وتراجع في معدّلات النموّ الإقتصادي، إضافةً إلى زيادة في الضغط على البنية التحتيّة والخدمات العامّة مثل التعليم والرعاية الصحية، كما أدّى هذا النزوح إلى تفاقم التوتّرات الإجتماعيّة والطائفيّة في بعض المناطق.
في أيّ حال، بناء الدّولة هو العامود الأساسي للإستقرار والتنمية المستدامة في لبنان، بالتالي على جميع الأطراف السياسيّة أن تعمل معاً لتعزيز المؤسّسات الوطنيّة وتحقيق التوازن بين السّلطات، وذلك من خلال تعزيز الشراكة والتعاون بين كافّة الفئات السياسيّة.
على هذا الأساس، إنّ بناء الدّولة يؤمّن الإستقرار السياسي والأمني كما ويحافظ على السلم الإجتماعي، ويحدّ من حدوث الفوضى والصراعات الداخليّة ويعزّز الثقافة الديموقراطيّة ليكون المواطن عنصراً مشاركاً أساسيّاً في صناعة القرار وإدارة شؤون البلاد بشكل عادل وشفاف.
كما لا ننسى أنّه شريك أساسي في تعزيز العدالة الإجتماعيّة والتفاعل مع التحديّات الإقليميّة والدوليّة لما يخدُم مصلحة لبنان.
في النتيجة، إنّ وقف الحرب على الجنوب اللبناني ضرورة ملحّة، وفي المقابل على لبنان تأمين القدرة التامّة في الدفاع عن نفسه وتحمّل مسؤولياته في حماية أراضيه وشعبه. لذلك، يجب تعزيز قدرات الجيش اللّبناني وتقويته بإستراتيجيّة دفاعيّة موحّدة تحمي لبنان من التهديدات الخارجيّة وخاصّةً من أطماع العدوّ بأرضنا ومياهنا ونفطنا وتعزيز العلاقات الدولية وبناء تحالفات إستراتيجيّة تدعم مصالح لبنان.
بإختصار، ينبغي على الأطراف السياسيّة في لبنان العمل معاً بروح الشّراكة والتّعاون لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد؛ فتحقيق الإستقرار والتّنمية يتطلب جهوداً مشتركة وإصلاحات جذريّة تسهم في تحقيق تطلّعات الشّعب اللّبناني في حياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.
في الختام، قد يبدو هذا الكلام خارج نطاق الأحداث التي تتطلّب تعاوناً.. فمن سيساهم ببناء هذه الدّولة؟